Sunday 19th January,2003 11070العدد الأحد 16 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المبادرة السعودية والدعم المطلوب لإنجاحها المبادرة السعودية والدعم المطلوب لإنجاحها
عبدالله القاق عمان

المبادرة التي أعلن عنها سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد في الأسبوع الماضي بعنوان «ميثاق لإصلاح الوضع العربي» تعتبر خطوة ايجابية ومهمة في هذه الظروف الحرجة التي تمر بها القضية الفلسطينية وما يتعرض له العراق من تهديد أمريكي ساحق لغزو أراضيه وهدم بنيته التحتية فضلاً عن الحاق الأذى بمئات الألوف من العراقيين.
هذه المبادرات القيِّمة عودنا سموه على اطلاقها خلال مؤتمر قمة بيروت حيث قدم سموه مبادرة رائدة لتحقيق السلام في المنطقة وانهاء الصراع العربي الإسرائيلي والتي رفضتها إسرائيل بدعم أمريكي واقترحت استبدالها «بخريطة الطريق» التي لم تتضمن المزايا الضرورية لحل القضية الفلسطينية من جذورها.
فهذه المبادرة السعودية التي أرسلت للدول الشقيقة كما قال سموه تمثل خلاصة تفكير دقيق وواسع لإحياء العمل العربي المشترك وفق تصور استراتيجي يهدف إلى دعم الجامعة العربية وينظم علاقات الاخوة العرب بصورة تدعو إلى التفاؤل.
ولعل أهمية هذه المبادرة انها أعدت في جو من الود والاخاء وتمثلت بزيارة قام بها الرئيس المصري حسني مبارك إلى المملكة العربية السعودية لبحث أهدافها ومضامينها في ضوء العجز العربي الأمر الذي يلحق الضرر بهذه الأمة ويؤثر على تطلعاتها المستقبلية.
ومثل هذه المبادرات تعتبر على غاية من الأهمية خاصة وانها تجيء بمثابة التزام عربي يدرسه القادة العرب في قمة البحرين المقبلة بحيث تضمن مصالح الأمة العربية المشروعة وتحقيق مطالبها العادلة وتركز على خيار السلام العادل والدائم والشامل المرتكز على الحقوق العربية المشروعة والتي تستند إلى تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه المشروعة والمعترف بها دولياً في اقامة دولته المستقلة على أرضه المحتلة وعاصمتها القدس الشريف، خاصة وان المبادرة العربية للسلام تشكل الحد الأدنى المقبول للدخول في علاقات طبيعية مع إسرائيل، في ضوء القرارات الدولية وتطبيقاً لمرجعية مؤتمر مدريد «الأرض مقابل السلام».
فهذه المبادرة القيِّمة من شأنها وضع حد لقضايا الارهاب وإبعاد المنطقة عن شبح الحرب خاصة وان المفتشين الدوليين لم يجدوا خلال شهر كامل من عمليات التفتيش في العراق ما يبين تورطه في وجود أسلحة الدمار الشامل.
فالرئيس الأمريكي بوش خرق في تهديداته للدول العربية والإسلامية عبر قوله «من لم يكن معنا فهو ضدنا» الكثير من القواعد الأساسية في القانون الدولي حيث ان ميثاق الأمم المتحدة ينص في مادته الثانية بالفقرة الرابعة على وجوب ان يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة وهذا النص يحتوي على مبدأين أساسيين من مبادئ هذا القانون المعاصر:
أولهما: منع استخدام القوة أو التهديد باستخدامها.
ثانيهما: منع التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وتهديد استقلالها السياسي على وجه يتنافى مع مقاصد الأمم المتحدة.
وهنا يتساءل المرء هل احترمت الولايات المتحدة هذه المبادئ والمواثيق الدولية.. والجواب ان معظم الإدارات الأمريكية خاصة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وتأسيس الأمم المتحدة لم تحترم أياً من هذه المبادئ.
والواضح ان موقف بوش الابن الرامي إلى خلق المزيد من الحروب والويلات ومعاناة الشعوب يهدف إلى ارضاء عقدة يعاني منها والده وسلفه حيث لم ينفع كل ما عملاه وروجا له في ازالة النظام العراقي أو احتوائه أو تغيير وجوده الجغرافي على الأرض.
إن حشد بوش لقواته في منطقة الخليج وتركيا بشكل مكثف في الوقت الحاضر من شأنه ان يتيح له ترتيب البيت الأمريكي من الداخل بدءاً من إدارته وانتهاء بالتوجهات والأفكار والأشخاص في الميادين الأخرى خاصة ان احتلاله للعراق سيمنحه الاستيلاء على ثاني احتياطي نفطي في العالم وقدره 120 بليون برميل.
فالصراع السياسي والنفط وليس أسلحة الدمار الشامل وراء دعوة بوش إلى تغيير النظام في العراق لأن النفط كما يرى الخبراء والمحللون هو العامل الأساسي وراء دعوة الرئيس بوش لشن العدوان المقبل على العراق والذي رفضته الدول العربية كافة وبخاصة المملكة العربية السعودية عبر هذه المبادرة الجريئة.
وهذه المبادرة السعودية القيِّمة والجريئة تجيء أيضاً قبيل أسابيع من انعقاد القمة العربية المقبلة في وقت تواجه فيه الانتفاضة الفلسطينية مزيداً من العدوان الإسرائيلي وسفك الدماء، وتنطلق أيضاً من انبعاث روح التحدي الفلسطيني في مواجهة إسرائيل ورفض الاستسلام والتمسك بعروبة القدس الشريف والسيادة على كامل المسجد الأقصى خاصة وانها لا تغفل موضوع التمسك بالقدس وبحق اللاجئين في العودة إلى وطنهم وإزالة المستوطنات فضلاً عن رفضها لأي عدوان خارجي ضد الأمة العربية، وهذا ديدن السعودية في سياستها القومية والواضحة على مر السنين.
الأمل كبير في ان تحظى هذه المبادرة القيِّمة والضرورية باهتمام القادة العرب ليخرجوا من مؤتمر القمة المقبل في البحرين باستراتيجية واضحة وموحدة تكفل لهم تحقيق أهدافهم القومية بالعمل العربي المشترك وإقامة سوق عربية موحدة ودعم الفلسطينيين في اقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس وتسخير هذا الميثاق القومي لمواجهة كل التطاولات والتحديات الراهنة التي تمر بها المنطقة.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved