عندما.. عندما ماذا؟
لا جواب ولا شبيه بالجواب.. فالكلمات جافة رغم خروجها من «محيط» رطب لم يعرف للجفاف طعماً.. والحروف مبتورة الشفاه تفزعها الحقيقة والأفكار متمردة ترفض الانقياد وتمعن في التمنع والهرب..
وأنا.. أنا اتلاشى في ظل يومي فيبتلعني الضياع وأدور في دوامة مجهولة الأبعاد.
وهربت إلى الشارع فكنت كمن «يهربون من القبور إلى القبور» كما يقول السياب، فالسكون ثقيل يحمله الصمت على راحته الشاحبة المتوترة، وخطى رتيبة لرجل «يتسكع» أمام باب نصف موارب ولعله يبيت أمراً، وبالقرب من صندوق فارغ كتب عليه - لنظافة مدينتكم - قطة مقرورة تموء باكتئاب يومي بالقلق وفقدان التلاؤم مع الواقع..!
سرت أبحث عني في عيون الآخرين فلم أجدني وإنما ارتطمت نظراتي بنوافذ بلهاء سميت عنتاً - عيوناً - يطل منها العابرون، ولكن مع كل فشل يزداد تشبثي بالبحث خلف اللاشيء فأعود، - والعود أحمد أو أسوأ سيان عندي - ولكن ما بال الناس يمشون بهذه السرعة التي توحي بشيء ما، ورفعت كتفي كجواب على سؤال لم يطرح وإنما أوحى به الموقف، وواصلت سيري على غير هدى أنصت إلى وقع خطواتي المتعثرة المرتعدة وأنا أقرأ بيني وبين نفسي ما أحفظه من شعر تصرف هو بتصرف المجانين أشبه خاصة والبرد ينخر في العظام وأنا بثوبي الأبيض في «عز الشتاء» و«غترتي» التي ترفض الانصياع وتفضل التمرد مع أنها فوق الرأس، والرأس أكرم عضو في الجسم!
أليس الأجدى أن يتمرد الحذاء أو الجورب المثقوب؟!
واحتلت على تمرد الغترة فهدأت مرغمة، وبحركة لا شعورية هممت أصلح «المرزام» فوجدته كما هو مشرئباً إلى العلا لا يحتاج إلى اصلاح.. وواصلت سيري..
يا الله وانهمر المطر وبحركة لا شعورية أيضاً امتدت يدي إلى «المرزام» ولكن المطر كان أسرع مني إليه.. وعدت إلى الدار (لأكويه) مرة أخرى! مهزلة تتكرر كل يوم على مسرح الرأس ومع ذلك فنحن نمارسها حتى في أيام المطر..
|