التعليم فكرة وفلسفة تنتظمها ثلاثة أمور وهي المعلم، الطالب، الكتاب المدرسي ورقي التعليم ونجاحه وقطف ثماره هو بنجاحنا في التعامل مع هذه المحاور الثلاثة.. والتعامل معها لابد ان يتجاوز السطح ويتعداها الى داخل البنية الى العمق، فمثلا المعلومة المدرسية تبدأ مشوارها ورحلتها من الكتاب وتنتقل عن طريق المعلم لتصب في ذهن الطالب وكل معلوماتنا المتربعة على صفحات الكتب المدرسية تتحرك عبر هذه الدائرة يوميا من بداية اليوم الدراسي في اول العام الى نهايته وفي نهاية هذه المرحلة تجنى الثمار فيعكس الطالب حركة الدائرة ويعيد دورانها ويسمع المدرس انه اتقن هذه المعلومة وحفظها عن طريق الضغط على أزرار التسجيل «فيتقيأ» ما حفظه ويفرغه على ورقة الاجابة.. بعدها يسلم الطالب شهادة النجاح.
فنحن يجب ألا نكتفي بالنظر الى حركة هذه الدائرة ونراقب المعلومة كيف تتنقل وتدور لابد ان ندخل الى اعماق هذه الدائرة ونبحث في أدق جزئياتها ثم ايضا لابد من التوازن بين هذه المحاور فلا يكون امامي طالب تحت المستوى ولا يستطيع مواكبة الطرح ومسايرة الركب ولا يكون كذلك امامي منهج وكتاب مدرسي تحت مستوى عقول الطلاب ودون مستوى فهمهم ولا يرقى الى فكرهم أو ان المنهج يكون أكبر من ذلك وأيضا المعلم لابد ان يكون متوازناً مع المنهج ومع الطالب.
إذا العملية دقيقة وتحتاج الى نظرة فاحصة دقيقة العملية التعليمية فعلا فلسفة وحركة عميقة ليست بالامر البسيط ان اضع طالباً وامامه معلم وبينهما كتاب ويكون المقياس كلما تحركت «الدائرة» اي دائرة المعلومة بسرعة ولم تتوقف كان النجاح اكبر.. نحن هنا لم نأت لنلقن الطالب معلومة ونشرح له مسألة وتنتهي عملية التعلم نحن هنا من اجل ان نبني طالباً ونؤسس لمرحلة ونقود لحضارة لا تصنع الحضارات بحشو المعلومات ولا بإجبار الطالب والزامه بالتعلم لا تضع الحضارات بروتين ورتابة مملة.. لا تصنع الحضارات بيوم دراسي منهك طويل حتى اصبحت المدرسة هما وقلقا للطالب منذ ان يأتي الى قرب خروجه وهو يتأفف وينظر الى ساعته يتحين فرصة «الفرج» والخروج.
وأيضا المعلم كيف سيبذل ويعطي ويبني طالبا وهو يأتي الى المدرسة بنفسية غير مفتوحة ويجر الخطى لأن امامه يوم طويل «سبع حصص» تنتظره وتنتظم على مربعات جدوله من الساعة السابعة حتى الثانية ظهرا، وإن تحمل المعلم «ولابد ان يتحمل هذا الضغط» هل سيستجيب الطالب والتفاعل مع المعلم وطرحه وان شئتم فانظروا الى المعلم الذي يستفتح يومه ويبدأ صباحه بحصص قليلة في الجدول وقصيرة تجد نفسيته اكثر انفتاحا ووجهه اكثر طلاقة واشراقا وكذلك الطلاب يفرحون ويستبشرون عندما تخفف عنهم الحصص وتقل.
وأي انسان معلم او موظف لن يعطي وينتج حتى يرتاح في عمله ويأتي وهو متشوقا للحضور ومحب للعمل ولا ادري لماذا تعليمنا ووزارتنا تصر على هذه الكثافة في الحصص مع ان هناك مواد الى الآن لم نجن منها شيئا يذكر من الفائدة ولو كان المقياس هو الفائدة فسنجد في كل شيء فائدة ولكنها تتراوح بين المهم والاهم فهناك مواد ضرورية وفيها فائدة كبيرة وهناك مواد اقل فائدة واهمية فلماذا لا نحاول ان تختصرها فنريح المعلم ونسكن روع الطالب ونجعل جو المدرسة اكثر راحة واشراقا لماذا مثلا لا نكتفي ب«6» حصص بدلا من سبع حصص وهل ذهن الطالب يتحمل سبع ساعات يوميا؟
وفي الاخير فتعليمنا يتقدم ويرقى عندما نهيىء الجو الدراسي المناسب عندما نجعل الطالب يتلذذ بحضوره للمدرسة وعندما نجعل المعلم كذلك سعيداً بحضوره وتواجده في المدرسة وعندما نقف وقفة متأنية مع المناهج فنكثف ما يحتاج الى التكثيف ونوسع ما يحتاج الى التوسيع ونحذف ما يحتاج الي الحذف. فمثلا هناك المواد العلمية توسعنا بها توسعاً على حساب المواد المهمة الاخرى فلو قللنا من ساعاتها ودمجنا بعضها وزدنا في المواد الشرعية والعربية والتاريخية لزادت ثقافة الطالب وتوسع فكره واصبح عنده رصيد وافٍ من ثقافة حضارته هذه رؤية قد تكون واضحة وقد تكون ناقصة وغير مكتملة اتمنى ان يتفاعل معها ويستجيب لها الذين يسمعون.
|