* القاهرة مكتب الجزيرة عبدالله الحصري:
دعت جامعة الدول العربية إلى ضرورة التزام كل دول المنطقة بقرارات الأمم المتحدة فيما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل وخاصة واعتباراً من الدورة 35 لعام 1980م وحتى الآن أصدرت الجمعية قراراتها بشأن هذا البند بتوافق الآراء، بينما تخلت اسرائيل عن موقفها السابق والذي تميز بالامتناع عن التصويت، وبذلك وافقت كافة دول الشرق الأوسط على مبادرة إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط الأمر الذي عكس اجماعاً دولياً على تأييد المبادرة وأكدت في تقرير لها حول إقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط أن منطقة الشرق الأوسط تعتبر من المناطق الأكثر توتراً في العالم بسبب استمرار احتلال اسرائيل للأراضي العربية المحتلة، ورفضها الامتثال لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالصراع العربي الاسرائيلي وموقفها السلبي خلال مباحثات السلام بشكل خاص.
وأشارت الجامعة إلى أن اسرائيل منذ بداية الصراع في الشرق الأوسط سعت إلى امتلاك أحدث أنواع الأسلحة سواء منها الأسلحة التقليدية أو أسلحة الدمار الشامل مثل الأسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية إضافة إلى أسلحة الدمار الشامل الأخرى، كما أن اسرائيل تواصل تمسكها بسياسة التفرد بالأسلحة النووية، بما يهدد أمن المنطقة ووضع المنطقة بكاملها في حالة عدم الاستقرار.
كما ترفض اسرائيل التوقيع على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وترفض آلية التفتيش على منشآتها في هذا المجال، ونظام الضمانات والتفتيش الدولي التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتوجد حاليا منطقتان مكتظتان بالسكان في أمريكا اللاتينية تخضعان ل «اتفاقية Tiatelolco سنة 1947، ومنطقة جنوب المحيط الهادي Rarotphga سنة 1985 وكقاعدة عامة، فان المنطقة الخالية من الأسلحة النووية، هي التي تعترف بها الأمم المتحدة وتنشئها أية مجموعة من الدول، على سبيل الممارسة الحرة لسيادتها وذلك بمقتضى معاهدة أو اتفاقية يتم بموجبها:تحديد نظام الخلو التام من الأسلحة النووية التي تخضع له المنطقة المعنية، وإنشاء جهاز دولي للتحقيق والمراقبة لضمان الامتثال للالتزامات الناشئة عن ذلك النظام.
وتؤكد الجامعة في تقريرها أن الهدف من إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل:
أ تجنيب دول المنطقة خطر استخدام الأسلحة النووية أو التهديد باستخدامها.
ب المساهمة في منع الانتشار الأفقي للأسلحة النووية والحد من اتساع توزيعها الجغرافي.
ج المساهمة في الاستقرار والأمن الإقليمي والعالمي وفي عملية نزع النووي.
ه تسهيل وتشجيع التعاون في مجال تنمية الطاقة النووية واستخدامها في الأغراض السلمية.
وطبقاً للدراسة التي أعدتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فان منطقة الشرق الأوسط تمتد من ليبيا غرباً إلى ايران شرقاً ومن سوريا شمالاً إلى اليمن جنوباً. وجاء في الدراسة التي أعدتها الأمم المتحدة حول إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية انه يمكن إقامة المنطقة على مراحل تبدأ بالبلدان الأساسية ثم تتوسع لتشمل بلداناً إضافية كأن تضم المنطقة في نهاية المطاف جميع الدول المتصلة مباشرة بالنزاعات الجارية في منطقة الشرق الأوسط أي جميع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية واسرائيل وايران.
تساند الدول العربية الجهود الدولية في ميدان نزع السلاح من خلال الاتفاقات والمعاهدات الدولية في هذا المجال مثل معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية ومعاهدة تحريم التجارب النووية في الجو والفضاء وتحت سطح البحر لعام 1963م وكذلك اتفاقية منع تطوير وإنتاج الأسلحة البيولوجية والتكسينية والتدميرية لعام 1972.
وفيما يتعلق بالأسلحة الكيميائية، فان الدول العربية، تلتزم بكل أحكام القانون الدولي والاتفاقيات الدولية التي أجمع عليها المجتمع الدولي مثل بروتوكول 1925 الذي يحرم استخدام الأسلحة الكيمائية.
مبادرات عربية لجعل الشرق الأوسط خالياً من أسلحة الدمار الشامل
في 8 أبريل 1990م أعلن الرئيس المصري محمد حسني مبارك مبادرة حول جعل الشرق الأوسط خالياً من أسلحة الدمار الشامل ركزت على تحريم أسلحة الدمار الشامل بدون استثناء سواء كانت نووية أو بيولوجية أو كيماوية...الخ في منطقة الشرق الأوسط وأن تقوم جميع دول المنطقة بدون استثناء بتقديم تعهدات متساوية ومتبادلة بهذا الشأن مع وضع إجراءات لضمان التزام جميع دول المنطقة دون استثناء بالاتفاق الكامل.وفي 28 مايو 1990 أكد مؤتمر القمة المنعقد في بغداد أن التركيز على نزع نوع واحد فقط من أسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط يعني في جوهره تبني منهج انتقائي للمنطقة.
حث إعلان دمشق الخاص بالتنسيق والتعاون بين الدولة العربية والصادر في مارس 1991 على سعي الأطراف المشتركة إلى جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، وتعمل على تحقيق ذلك من خلال الأجهزة الدولية المعنية.
ناقش مجلس الجامعة موضوع تنسيق المواقف العربية تجاه أسلحة الدمار الشامل وكذلك الجهود الرامية إلى إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، في دورة سبتمبر 1992 بناء على طلب مصر واتخذ بشأنه القرار المناسب، كما ناقش المجلس الموضوع نفسه في الدورتين 99 و100 واتخذ بشأنه قرارين، دعا الأخير إلى تشكيل لجنة فنية من الدول العربية التالية: الأردن، الجزائر، السعودية، سورية، العراق، مصر، المغرب، مهمتها إعداد الدراسة الفنية المطلوبة وذلك على ضوء ردود الدول التي تلقتها الأمانة العامة وتنسيق المواقف العربية المشتركة في كافة المنتديات الدولية إزاء هذا الموضوع.
تم إدراج بند إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط» لأول مرة في جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974 بناء على طلب ايران ومصر، فصدر القرار رقم 3263 لعام 1974 بدعوة كافة الأطراف المعنية في المنطقة إلى إعلان عزمها على الامتناع عن إنتاج أسلحة نووية أو اقتنائها والانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وخلال انعقاد الدورة الاستثنائية العاشرة المكرسة لنزع السلاح عام 1978 رأت الجمعية العامة أن إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط سيعزز السلم والأمن الدوليين وانه ينبغي على دول المنطقة أن تعلن انها ستمتنع على أساس متبادل عن إنتاج أو حيازة أو امتلاك الأسلحة النووية أو المتفجرة النووية أو وضع أسلحة نووية في أراضيها من قبل طرف ثالث وأن توافق على وضع جميع منشآتها النووية تحت ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
إسرائيل تخلت عن موقفها
واعتباراً من الدورة 35 لعام 1980 وحتى الآن أصدرت الجمعية قراراتها بشأن هذا البند بتوافق الآراء، بينما تخلت اسرائيل عن موقفها السابق والذي تميز بالامتناع عن التصويت، وبذلك وافقت كافة دول الشرق الأوسط على مبادرة إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط الأمر الذي عكس اجماعاً دولياً على تأييد المبادرة.
وفي الدورة 43 طلبت الجمعية العامة من الأمين العام عمل دراسة عن التدابير الفعالة والكفيلة بإنشاء منطقة خيالية من الأسلحة النووية مع مراعاة خصائص المنطقة وآراء ومقترحات الأطراف المعنية. وقد صدرت هذه الدراسة بتاريخ 10 أكتوبر 1990م.
وبعد عدوان اسرائيل على المفاعل العراقي عام 1981م أصدر مجلس الأمن القرار 487 بدعوة اسرائيل إلى وضع منشآتها النووية وبسرعة تحت إشراف وكالة الطاقة النووية، ولكنها لم تنفذ القرار.
وجاء في الفقرة 14 من القرار 687 لعام 1991 والمتعلق بالعراق: «يحيط علما مجلس الأمن بأن الإجراءات التي من المقرر أن يتخذها العراق والواردة في الفقرات 8، 9، 10، 11، 12، 13 من هذا القرار تمثل خطوات نحو هدف إنشاء منطقة في الشرق الأوسط خالية من أسلحة التدمير الشامل وجميع وسائل إيصالها، وهدف فرض حظر عالمي على الأسلحة الكيميائيّة.
مبادرة بوش
وفي مايو 1991 قدم الرئيس بوش الأب مبادرة تتعلق بالحد من التسلح في منطقة الشرق الأوسط دعا فيها دول المنطقة إلى منع إنتاج وحيازة المواد النووية التي تستخدم في صنع الأسلحة الذرية، وأن تنضم كل دول المنطقة إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، مع وضع جميع المنشآت النووية في المنطقة تحت إشراف الوكالة الدولية والاستمرار في دعم إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية.
الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن
عقدت الدول الخمس دائمة العضوية اجتماعاً على هامش اجتماع باريس في 8 و9 يوليو 1991 أصدروا فيه بياناً بتأييد جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، مع تنفيذ هذا الأمر في ضوء قرار مجلس الأمن رقم 687 واتخاذ دول المنطقة برنامجاً شاملاً للحد من التسليح يتضمن:
تجميد وإزالة صواريخ أرض/أرض من المنطقة.
إخضاع كافة دول المنطقة أنشطتها النووية لنظام ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
حظر استيراد وصناعة المواد المستخدمة في صناعة الأسلحة النووية.
منظمة المؤتمر الإسلامي
ومن جانبه أكد مؤتمر القمة الإسلامي المنعقد في داكار في ديسمبر 1991 ضمن بيانه السياسي على مضمون وأفكار الجمعية العام رقم 46/30 وطالب اسرائيل بتقديم بيان كامل عن مخزونها من المواد النووية لمجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
بيان رئيس المجموعة الأوروبية
وفي 4 نوفمبر 1992 صدر بيان عن المجموعة الأوروبية في الجمعية العامة أكدت فيه أن إقامة منطقة خالية من أسلحة التدمير الشامل في الشرق الأوسط، تستحق الدعم الكامل من المجتمع الدولي، وان دولها مسرورة لأن دعوة كهذه تمت بلورتها في القرار المتعلق بجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة التدمير الشامل.
وجهة نظر غريبة !
تقدمت اسرائيل في الدورة 46 بردها على تقرير الجمعية العامة حول موضوع جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة التدمير الشامل، أكدت فيه: ان أسلحة الدمار الشامل من وجهة نظرها هي جميع الأسلحة التي يمكنها قتل المدنيين بصورة عشوائية، ونظراً لحالة اسرائيل فمن الضروري أن يشمل الحد جميع أنواع الأسلحة.
وفيما يتعلق بتدابير بناء الثقة تطالب اسرائيل بإعلان جميع دول المنطقة علنياً بأنها تلجأ إلى القوة في تسوية خلافاتها، ورفض جميع دول المنطقة علنياً محاولات فرض مقاطعة لأي منها، وضرورة التفاوض المسبق حول إنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية وعلى صيغ لبناء الثقة تؤدي إليها قبل وضع جميع مرافقها النووية تحت التفتيش من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
معوقات
ورصد التقرير معوقات إنشاء منطقة خيالة من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط والتي تضمنت رفض اسرائيل التوقيع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، ورفضها إخضاع منشآتها النووية لضمانات وكالة الطاقة الذرية الدولية، ورفضها الطرح العربي الخاص بأن يشمل الإخلاء كافة أسلحة الدمار الشامل بما فيها النووية والبيولوجية والكيميائيّة.
مقترحات
وتقترح جامعة الدول العربية في تقريرها السعي لتنفيذ قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة في هذا الشأن، وخصوصا القرار رقم 35/48 الذي حظي بموافقة جميع الدول الأعضاء ذات العضوية في مجلس الأمن والذي نص على: اتخاذ خطوات عملية وعاجلة لتنفيذ الاقتراح الخاص بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في المنطقة الشرق الأوسط وفقا لقرارات الجمعية العامة ذات الصلة، مع انضمام البلدان المعنية إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. وكذلك موافقة جميع بلدان المنطقة التي لم توافق على إخضاع جميع أنشطتها النووية لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن تقوم بذلك لحين إنشاء هذه المنطقة، مع الامتناع عن استحداث أسلحة نووية أو إنتاجها أو تجربتها أو الحصول عليها على أي نحو آخر، وعدم السماح بوضع أسلحة نووية أو أجهزة متفجرة نووية في أراضيها أو في أراض واقعة تحت سيطرتها.
|