Saturday 18th January,2003 11069العدد السبت 15 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الشورى والمجتمع.. الشورى والمجتمع..
المؤسسة الصامتة في عالمنا الناطق
د. علي بن شويل القرني(*)

مجلس الشورى من المؤسسات التي بدأت تأخذ مكانتها في مجتمعنا العربي السعودي، فمنذ حوالي العشر سنوات والمملكة تقدم نخبة النخبة من مختلف مجالات الحياة ومستويات التخصص يضطلعون بمسؤوليات جسام ومهام كبيرة في إدارة الحياة والمجتمع من خلال بوابة اللوائح والقوانين التي تنظم مختلف مناحي الحياة في مجتمعنا العربي السعودي.. وبلا شك هناك خطوات سارها المجلس في تجربته التجديدية التي بدأت منذ الدورة الأولى التي انطلقت عام 1414هـ.
ونحن- المواطنين- نعلم ان المجلس قد تأسس وتجاوز مرحلة الاطمئنان المجتمعي، وهو الآن في مرحلة اخرى تحتاج الى تطور جديد وإضافات نموذجية لمهامه المستقبلية.. وقد تابعنا بعض ما جرى من حوارات للمجلس مع صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني حول رغبة المجلس في تطوير آلياته لترتقي الى مستوى الوضع المتوقع منه.. ولا أكتب اليوم عن هذه المسألة التي اعتقد أنها تحت الدراسة.. ولكن الذي أود الخوض فيه هي مجموعة مسائل ذات علاقة بوضعية المجلس على مستوى التحديات التي تواجه الدولة والمجتمع خلال الستة عشر شهرا الماضية، أي منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر..
لقد استشعر المجتمع السعودي حجم التحديات التي تواجهه من جراء الزج بالمملكة دولة ومجتمعا وتاريخا ومنهجا في الحملات الدعائية التي تنامت وتتنامى مع الوقت لتصبح المملكة في مركز الاهتمام العالمي سلبيا ووسائل اعلامه الدولية.. وقد تحركت المؤسسة السياسية والأمنية والتعليمية والدينية والاعلامية للمشاركة بشكل مباشر أو غير مباشر في التصدي لمثل هذه الحملات.. اما مجلس الشورى، فلم نسمع بأنه كان في مستوى هذا التحدي الكبير الذي يواجه مجتمعنا السعودي هذا اليوم.. ونحن نعلم ان المؤسسات التشريعية البرلمانية في دول اخرى هي أول من يقف وأول من يتكلم وأول من يخطط لمواجهة التحديات التي تواجه الأمة والمجتمع..
اما مجلسنا فلم نسمع عنه شيئا يذكر في هذا الاتجاه.. ولم نسمع الا بعض اللقاءات الصحافية التي اجراها صحافيون قلة جدا مع بعض شخصيات المجلس القيادية.. ونعلم كذلك أن موضوع الحادي عشر من سبتمبر قد طرحه المجلس في أكثر من مناسبة، وأكثر من مجال.. الا أن هذه الأطروحات والمناقشات هي أقل بكثير من مستوى التوقع الذي كنا ولا نزال نأمله من هذا المجلس.. حتى انه ليداخلنا الاحساس بأن المجلس ظل صامتا أو هكذا يبدو لنا خلال كل هذه الفترة الحساسة من تاريخ مجتمعنا.. وحتى نكون منصفين لمجلسنا نعتقد بأن هناك امورا قد يكون المجلس قد اتخذها واجراءات قد تبناها.. الا اننا في مثل هذا الوقت وهذه الظروف نظن بأن الذي لا نسمع صوته هو شخص غير موجود..
ولاسيما ان الحملات التى تواجهها المملكة هي حملات اعلامية بالدرجة الاولى وتحتاج الى اصوات ترتفع إلى مستوى التحدي، وأضواء تتوهج في سماء السياسة والاعلام والرأي العام العالمي..
وفي رأيي المتواضع ان مجلس الشورى السعودي مناط به مهام جسام ومسؤوليات كبيرة في المرحلة الحالية، ويمكن تحديدا ان نسوق بعضا من هذه التطلعات التي نتمنى ان يسعى المجلس الى تحقيقها:
1- المجلس لم يتعود إلى هذا اليوم على اتخاذ مبادرات وطرح رؤى استراتيجية لتوجيه السياسات المجتمعية السعودية واعلانها الى المجتمع.. ويظل حبيسا لبروتوكولات انطوائية تعمق من النمطية التي بدأت تترسخ حول المجلس عن الانقطاع الحاصل بينه وبين المجتمع وقضاياه الحيوية.. والمرحلة التي نعيشها اليوم تحتم علينا في مختلف مؤسسات الدولة والمجتمع أن نبادر ونقترح ونعمل ونتصل من أجل شرح وعرض ومناقشة المواقف والسياسات في المجتمع.. ولما يحتويه المجلس من عقول نيرة وفكر متخصص، فينبغي ان يمثل المجلس بفكره وخططه وبرامجه قيادة فكرية ومجتمعية، ويضع ويحدد أجندة وطنية وخطوط تعامل ورسم سياسات واضحة تسعى باقي المؤسسات التعليمية والثقافية والاعلامية والاجتماعية إلى الاحتذاء بها ومجاراتها.
2- نلاحظ ان الزيارات الخارجية التي يقوم بها مسؤولو المجلس وأعضاؤه لا تتعدى كونها زيارات بروتوكولية وزيارات مجاملة لبعض البرلمانات الصديقة.. في حين أننا كمجتمع نحتاج لأن يقدم المجلس على زيارات حوار وشرح ومواقف عن السياسة السعودية..
ونحن نعلم على سبيل المثال ان الكونجرس الأمريكي- النظير التشريعي لمجلس الشورى- هو المحرك الأساسي لكل الزخم الدعائي الذي تواجهه المملكة في الولايات المتحدة، والذي أخذ يمتد إلى مؤسسات خارج الولايات المتحدة.. ولم يقم مجلسنا بزيارات رسمية للكونجرس الأمريكي للتحادث مع الأعضاء ومناقشتهم وتوضيح مواقف وسياسات المملكة.. ويدافع من هناك عن هذه السياسات وعلى ملأ من وسائل الإعلام الأمريكية والرأي العام هناك، وبحوارات ونقاشات في الجامعات ومؤسسات ومراكز الدراسات الاستراتيجية ومختلف المؤسسات التنفيذية حول هذه الحملات.. هذا لم يحدث وبكل أسف.. واذا حدث فقد يكون عبر جهود شخصية بحتة لم ولن تؤتي ثمارها..
3- على المستوى الداخلي لم يقم المجلس كذلك بالدور المطلوب، فالمملكة هي في وضع استعداد وتهيؤ لمرحلة خطرة، وتحتاج الى جهود كبيرة من المؤسسات والأفراد للتصدي لهذا الزخم العدائي تجاه مواقف وسياسات المملكة وثوابتها الدينية والسياسية.. وربما يغيب عن كل هذه الجهود المجلس لعدم حضوره الثقافي والسياسي والاعلامي في هذا الوقت بالذات..
4- ما يحتاجه المجلس عاجلا- في نظري- وضع خطة استراتيجية لدور حيوي للمجلس في دخوله في معمعة الوضع الخطير الذي نواجهه.. وتكون هذه الخطة ذات ابعاد داخلية وخارجية.. وعلى اصعدة سياسية وثقافية واعلامية واجتماعية.. فوجود عشرة او عشرين لمدة شهر في الولايات المتحدة يجوبون شرق وغرب وجنوب ووسط الولايات المتحدة وكذلك في اوربا وآسيا وغيرها سيكون ذا نفع اكبر وفائدة وطنية اعظم من دوام وحضور بروتوكولي يوم الاحد من كل اسبوع.. لمناقشة موضوع غير استراتيجي للدولة والمجتمع..
الذي يجعلني وغيري من المواطنين نرفع مستوى الخطر الى درجة اعلى من درجة الخطر المرفوعة في المجلس هو ادراكنا جميعا خطورة الوضع القائم.. ونحن نعلم ان المجلس يدرك مثل هذه الاوضاع ولكن تنعدم لديه الآليات التي يتحرك من خلالها.. والمجلس كما نعلم هو مؤسسة حيوية في المجتمع ومناط بها مسؤليات كبيرة، واذا ارتكن إلى سياسة الجمود، او الانتظار حتى يأتي توجيه، او عدم الاهتمام، أو عدم الاختصاص.. سيكون المجلس قد أخفق في مرحلة من أخطر المراحل التي تمر بها المملكة.. وهذا الذي لا نأمله. بإذن الله..

(*) رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال
أستاذ الإعلام المساعد بجامعة الملك سعود

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved