أنظار العالم كله تتركز على منطقتنا العربية، فالعراق فيها، وفيها فلسطين، والمنطقة ظلت بصفة عامة دينياً وتاريخياً والآن سياسياً واقتصادياً مركز ثقل العالم.
وهي في دائرة الضوء حالياً بسبب أنها المرشحة لواحدة من بواكير حروب القرن.
ويميل أولئك القابعون وراء البحار الذين يرسلون نظراتهم عبر مياهها إلى حيث يوجد الشرق الأوسط، يميلون إلى التعميم وفقاً للمفاهيم الجاهزة التي تدفع بها إلى عقولهم وسائل الإعلام ليل نهار، ومن بين ما يعتقدونه أن الشرق الأوسط هو بؤرة الإرهاب، وأنهم يشاهدون الإرهاب بعينه حينما تظهر مشاهد الانتفاضة وصبية فلسطين بحجارتهم أمام الدبابات الإسرائيلية، ولا يفهم أولئك المشاهدون أن الذين يرونهم أمامهم ضحايا لقوة مستعمرة بغيضة اسمها إسرائيل.. فإسرائيل في نظرهم حمل وديع تحيط به الذئاب لنهشه.. وعلى ذلك يمكن القياس على أمور عديدة، فالصورة من أولها إلى آخرها مشوهة بتسريبات يتم بثها ليل نهار وعلى مدار الساعة لتترسخ على مر السنين في الأذهان صورة نمطية للعربي الإرهابي.
أما القليلون في الغرب الذين يحاولون عكس الصورة الحقيقية فإنهم يتعرضون للمصادرة فكرياً مع تغييبهم عن الساحة الإعلامية وربما دفعهم إلى ساحات المحاكم.
وقد أصبح من الملح أن يتصدى الإعلام العربي والإسلامي لهذه المهمة، وربما عكس الإجماع المشترك لوزراء الداخلية والإعلام العرب جانباً من العمل الكبير الذي ينبغي القيام به، حيث دعا سمو وزير الداخلية إلى تعاون مثمر بين أجهزة الأمن والإعلام لتقريب المسافات بين بعضنا البعض كعرب مشيراً في هذا الصدد إلى دور الإعلام في غياب الحضور العربي في أكثر من ساحة.. وبالطبع لا يمكن إلقاء اللوم على الآخرين وبدلاً من ذلك فإن توضيح المصاعب ومواطن الخلل يكون أجدى من أجل التصدي للمشاكل..
إن المعلومات التي باتت راسخة في أذهان الغرب عن المنطقة تتحول إلى حقائق مثل وصمة الإرهاب التي يوصم بها الذين يذودون عن أنفسهم ووطنهم في فلسطين، وهي مثال لنوع العمل الإعلامي الذي ينبغي القيام به..
وقد أكد الاجتماع المشترك لوزراء الداخلية والأمن العربي على ضرورة التمييز بين الإرهاب ومقاومة الاحتلال ورفض إلصاق تهمة الإرهاب بالعرب والمسلمين معرباً عن التأييد لعقد مؤتمر دولي لمكافحة ظاهرة الإرهاب..
وتبقى الآفاق واسعة لتعاون فعال ومطلوب بين الأمن والإعلام في ساحتنا العربية على الصعيد المحلي بين الدول العربية ومنها انطلاقاً إلى الساحة الدولية فمعالجة المصاعب الأمنية على النطاق الاقليمي بما فيها ما يرتبط بظواهر الغلو والتطرف وصولاً إلى التصدي الفعال لأخطار المخدرات، يمكن أن يسهم كثيرا في تعزيز العمل العربي المشترك، فضلاً عما يكون في ذلك من تأثيرات إيجابية على صورة هذه الدول في الخارج.
ومع ذلك فالأمر لا يتعلق بإرضاء الآخر بقدر ما هو تكريس للطاقات؟ من أجل الارتقاء بمظاهر التعاون بين بعضنا البعض بالطريقة المثلى التي تضمن تحقيق أهدافنا بوسائل من عقيدتنا وثقافتنا وحضارتنا، وكل ذلك يحقق حضوراً في الساحة الدولية التي تحترم الشعوب الأمينة على مبادئها تستطيع أن تضيف للبناء الحضاري الإنساني من عصارة تجربتها الخاصة.
|