* تحقيق ـ ياسر المعارك:
الطرق السريعة والدائرية حول المدن وداخلها كان الهدف منها تسهيل وانسيابية حركة المرور واختصار الزمن للوصول إلى جهات أخرى بيسر وطمأنينة غير أن فئة من سائقي السيارات قد أساءوا الفهم وظنوا أن الدولة أيدها الله إنما صرفت هذه المبالغ الطائلة لإنشاء هذه الطرق بتصميماتها الرائعة ليمارسوا من خلالها فوضويتهم وعشوائيتهم في القيادة أو لممارسة اللهو والعبث بأرواحهم وأرواح الآخرين معرضين أنفسهم وغيرهم للهلاك أو للإصابات والإعاقات المستديمة مع ما يتبع ذلك من خسائر مادية عليهم وعلى ذويهم وعلى خزينة الدولة جراء نفقات العلاج الباهظة.
والجزيرة كما عودت القراء الأعزاء في تلمس مشكلاتهم ومشكلات وقضايا المجتمع عبر تحقيقاتها وطرحها الشامل رافقت دوريات المرور على الطريق الدائري بمدينة الرياض لتقدم نموذجاً ومثالاً على إيجابيات رجال المرور وسلبيات بعض مستخدمي الطريق خاصة فئة الشباب وحينما نقول بعضاً فإننا نعني تلك الفئة المستهترة بسلامتها وسلامة الغير وبالأنظمة المرعية.
بداية الجولة
بدأت الجولة بصحبة قائد فرق الطرق الدائرية بمرور الرياض النقيب طارق بن حمود الربيعان حيث تم الإطلاع على توزيع دوريات المرور لتغطي طريق الدائري باكمله وفي جميع الأوقات وخلال هذه الجولة أظهر جميع الأفراد استعدادهم ويقظتهم لضبط كل متهاون بحياته أولاً وبحياة مستخدمي الطريق ولردع كل مستهتر بالأنظمة المرورية.وكانت جميع دوريات مرور الدائري من موديلات جديدة والتي تتميز بمواصفات عالية الجودة وخلال هذه الجولة وردت عدة بلاغات عن حوادث متفرقة على الطريق الدائري.
«الجزيرة» باشرت أول هذه البلاغات مع النقيب الربيعان الذي قام بأول خطوة وهي إبلاغ إسعاف الهلال الأحمر لإنقاذ حياة المصابين إن وجد وباشر النقيب الربيعان عمله بنقل المصابين بالإسعاف إلى المستشفى لتلقي العلاج ثم إبعاد السيارة المصدومة عن الطريق لعدم التعرض للمزيد من الحوادث وفك الاختناق وعودة الطريق إلى وضعه الطبيعي، تلا ذلك بلاغ عن مجموعة من الشباب يستعرضون سياراتهم فيما يسمى «التفحيط» ونظراً لما يشكله هذا العمل الصبياني من خطر على حياتهم وحياة الآخرين وضعت خطة سريعة محكمة، الغرض منها إيقاف المستهترين والمتجمهرين عن هذه الأفعال السيئة وتمت مداهمة الموقع من قبل دوريات المرور فلم يمتثل المفحطون لأوامر الوقوف وقاموا بالهروب بطريقة متهورة كقطع الإشارة بسرعة عالية وهي حمراء أو عكس الطريق وجميع هذه التصرفات كادت أن تودي بحياة العديد من السائقين الأبرياء من عابري الطريق الذين كانوا يصطحبون نساءهم أو أطفالهم فلم يجد المرور أفضل من أن يتركهم ويكتفي بأرقام لوحات السيارات وتلك الخطوة كانت للحفاظ على أرواح المتجمهرين والعابرين حول الموقع.ولوحظ أن رجال الدوريات ينتهجون أسلوباً يحقق هدفين رئيسيين معاً هما سهولة رصد السيارة المخالفة ومن ثم إيقافها بطريقة آمنة، وكان هذا الأسلوب مثار دهشة العديد من السائقين المخالفين حيث تم رصد حوالي «315» سيارة مخالفة خلال عشر ساعات، أي أكثر من 31 سيارة في الساعة وكانت النسبة العظمى من المخالفات السرعة غير النظامية، ثم الاستخدام الخاطئ للأنوار أو عدم توفر رخصة القيادة أو السير وعدم تعليق لوحات السيارة عليها كما ينص النظام على ذلك.
تصرف وتشكيل رائعان
من مشاهدات «الجزيرة» خلال الجولة ما قامت به دوريات الدائري عند المخرج 11 بتوجيه من قائد الدورية النقيب طارق الربيعان حينما مرت ثلاث سيارات تسير بسرعة جنونية عالية تشبه المطاردة واللهو العابث وبشكل متقارب لا يفصل بينها سوى مسافة نصف متر تقريباً وكانت سرعتها تقدر بأكثر من «200» كيلومتر في الساعة فتابعت قيادة الدورية السيارات وأبلغت مقدمة الفرقة التي سارعت باتخاذ إجراء فوري لإنقاذ حياة قائدي السيارات المعنية وغيرهم من مستخدمي الطريق والمارة، فخلال دقيقتين اتخذت الفرقة تشكيلاً رائعاً على الطريق استطاعت من خلاله إيقاف اثنتين من السيارات الثلاث غير أن الثالثة استطاعت الفرار بتعمد من سيارات الدورية التي أتاحت لها النفاذ نظراً لأنها زادت من سرعتها لتصل ما يقارب 220 كيلو مترا في الساعة وذلك خوفاً على قائدها من الارتباك ثم حدوث مكروه ولكن الدوريات ضبطت رقم السيارة وتم تدوينه مما أدى لإحضارها بقائدها بعد قليل لينضم الى رفيقيه واتخاذ الإجراءات النظامية بحقهم، واللافت هو الأسلوب الهادئ والمتزن والمتقن في الوقت نفسه منذ بداية التشكيل حتى إيقاف السيارات المخالفة واللافت أكثر هو سرعة تكوين التشكيل الذي نفذته الفرقة المرورية على الدائري.
أبرز المخالفات
وبعد نهاية الجولة استفسرت «الجزيرة» عن بعض التساؤلات الخاصة بمرور الدائري فأوضح النقيب طارق بن حمود الربيعان أن السرعة القصوى المسموح بها على الطريق الدائري هي «120» ولكن نجد العديد من السائقين الذين لا يلتزمون بهذه الأنظمة ويقودون بسرعات عالية وأن السائقين المتهورين في الغالب تختلف سرعاتهم باختلاف أعمارهم فكل ما نقص العمر زاد تهوره وسرعته فالفئة التي تقود ما بين 160 ـ 220 كم في الساعة لا تتجاوز أعمارهم 25 سنة، وهناك فئة تقود ما بين 135 ـ 145 تكون أعمارهم في الغالب ما يقارب 35 سنة.وعن أنواع المخالفات المنتشرة بالطرق الدائرية أوضح النقيب الربيعان انه يتم رصد العديد من المخالفات المرورية يومياً ولكن أكثر المخالفات شيوعاً وانتشاراً هي مخالفة السرعة العالية ومخالفة التجاوز غير القانوني كما أن هناك مخالفات أخرى مثل عدم ربط حزام الأمان، عدم وجود رخصة، سير السيارة دون أنوار والتظليل غير المسموح به.
تفحيط بسيارات مسروقة
وبين النقيب الربيعان أن ممارسة ما يسمى «التفحيط» تشكل الظاهرة الأكثر سوءا بالتماثل مع السرعة العالية في القيادة وأن خطرها رهيب على قائدي المركبات وجمهور المشاهدين .. وأورد مثالا لذلك حينما ورد بلاغ عن ممارسة هذه الهواية السيئة عند المخرج «12» باتجاه الجنوب، فوضعت خطة محكمة هدفها القبض على هؤلاء المفحطين المراهقين مع ضمان سلامتهم «بتوفيق الله» وسلامة مستخدمي الطريق .. وعند تنفيذ الخطة تمكنت الفرقة من توقيف أكثر من «40» سيارة و«70» شخصاً ما بين مشجع ومفحط وتبين من التحقيق أن ثلاث سيارت من المستخدمة في التفحيط مسروقة.وعن بعض حالات مخالفات السير التي يتم ضبطها مثل السائق القاصر فيتم حجز السيارة ثم يتم تسليم السائق لولي أمره ولا يتم إطلاق حجز السيارة إلا بحضور ولي الأمر إلى مكتب مرور المنطقة، موضحاً أن الهدف من استدعاء ولي الأمر هو إطلاعه على خطأ ابنه في حال عدم معرفته بذلك وأكد انه في حال حدوث حادث مروري من سائق حدث فولي أمره يعد مشاركاً بالخطأ أما إذا كان السائق من الوافدين ومعه نساء فيعتمد على نوع المخالفة فإذا كانت قطع إشارة أو سرعة عالية يتم سحب بطاقته لحين مراجعة كفيله ليعلم بما يقوم به السائق خصوصاً انه يصطحب عائلته.ودعا النقيب الربيعان للتعاون الكامل والوعي بالخطر الذي تشكله السيارة على أبنائنا ووجه نصيحة إلى كل ولي أمر ملخصها: «لا تشترِ هلاك ابنك بنفسك» وأوضح أن أغلبية تقارير الحوادث والإصابات المرفوعة من الطرق السريعة تكون في الغالب من سيارات حديثة.
وعن الحالات التي يتم فيها إيقاف سائقي السيارات أوضح بأنها السرعات العالية ومخالفة عكس السير وقطع الإشارة وعدم وجود الرخصة وهذه المخالفات لا يتم إيقاف الأشخاص إلا عن طريق هيئة الفصل فإذا كانت السرعة عالية جدا يتم حجز المركبة وإيداعه حجز مرور الناصرية ثم يتم عرضه على هيئة الفصل وهي بدورها تكمل إجراءاتها من حيث إطلاق سراحه وتسديد المخالفة وتسليمه السيارة.وعن مخالفات السرعات الجنونية «سرعة عالية أو قصوى» تنظر فيها هيئة الفصل إذا كان بها مخالفات مقترفة كالهروب أو قطع الإشارة أو التجاوز الممنوع كما ترى هيئة الفصل إذا كان سجل السائق مليء بالمخالفات فتتخذ الإجراء المناسب.
كما أن هناك جانباً لا يمكن إغفاله وهو رفقاء السوء فيجب الحذر كل الحذر من تلك الرفقة فلا ينفع الندم فالرقابة المستمرة اللطيفة على تحركات الأبناء تكون نتائجها مثمرة وتحمي الناشئة من المزالق والأخطار بإذن الله
أعذار واهية
تبين أن كثيراً ممن ترصدهم رادارات المرور وهم يسيرون بسياراتهم بسرعة غير قانونية حينما يتم إيقافهم يقدمون أعذاراً واهية وبعضها يكون مضحكاً، ويروي محرر «الجزيرة» انه وقف على حالة من هذه الحالات حينما استوقفت الدوريات ثلاث سيارات كانت تسير بسرعة عالية وكانت تقل مجموعة من الشباب واعتذر الأول بأنه متجه للمستشفى لأن هناك حالة وفاة أحد أقاربه وانه نسي نفسه مع هذا الحدث واعتذر الثاني بأن زوجته الحامل تنتظره في البيت لأن الطلق أخذ منها مأخذا قويا «رغم صغر سن سائق السيارة» واعتذر الثالث بأنه مرتبط بأمر وموعد هام في الثمامة وشك قائد الدورية بأمرهم أولا لتشابه سائقي السيارات الثلاث ثم لصغر سن من ادعى ان زوجته الحامل في حالة طلق بالبيت ومن التدقيق بهوياتهم وبطاقاتهم اتضح انهم إخوة كل منهم يملك سيارة جديدة ويحملون أصدقاءهم معهم ويعبثون بسلامتهم وسلامة الآخرين في ممارسات هوجاء متهورة.وأوضح النقيب الربيعان أن هناك اعتقادا خاطئا لدى البعض بأن السيارة المسرعة جدا لا يمكن أن يرصدها الرادار مؤكدا ان أجهزة الرادار يمكنها تحديد سرعة السيارة سواء كنت على ثلاثمائة متر أو ان كانت بمحاذاة الدورية حتى لو كانت مسرعة.
خطوات إيقاف المخالف
وقفت الجزيرة على خطوات عملية إيقاف المخالف فتبين انها تتم على مراحل تبدأ من الدورية الراصدة التي تبلغ دورية أخرى لإضاءة أنوار تدل على وجود مخالفة مطلوبة لتهدئ السيارات الأخرى وربما سرعة السيارة المخالفة بارتكاب السرعة ثم في المرحلة الثالثة تتولى دورية تعقب السيارة المخالفة ثم إيقافها بهدوء دون إرباك للآخرين ثم تسلم للنقطة أو المرحلة الرابعة وهي نقطة تجمع يتم فيها تعريف السائق المخالف بمخالفته وإفهامه بالأسلوب السليم في القيادة.
وفي حالة رفض قائد المركبة للانصياع لأمر الوقوف فإن جميع الطرق بطبيعة الحال مؤمنة ومن جميع المنافذ وفي كل وقت وما هي إلا دقيقة أو دقيقتان على الأكثر حتى يتم إيقافه بحكم النظام، فإن كانت السيارة من السيارات المعمم عنها أو مسروقة فيتم إيقافها بالقوة وإلا فيكتفى بتدوين رقم لوحاتها وتسجيل محضر بالواقعة وقت ومكان حدوث المخالفة ليتم استدعاؤه لاحقاً وتطبيق النظام والجزاء المناسب بحقه وذلك منعاً للمطاردة التي قد تكون سبباً في إيذائه أو إيذاء الآخرين.
مباشرة الحوادث
قال الربيعان ان رجال المرور المنوط بهم مباشرة ومعالجة شؤون الحوادث المرورية لابد وأن يكونوا قد تلقوا تدريبات مكثفة على إنقاذ المصابين أو إخلاء الموتى من السيارات المشتركة في الحادث مع معالجة حركة السير لفك الازدحام ومنع الاختناق المروري، وهناك حالات يعرفها رجال المرور تلزم استدعاء الهلال الأحمر أو الدفاع المدني وقد تستدعي سيارة نقل الموتى التابعة للأمانة أو البلدية، ولا يدخر رجال المرور جهداً يستطيعون به خدمة قائدي السيارات ممن يتعرضون لحوادث أو يرتكبون مخالفات مرورية كإيصال عائلة أو فرد مصاب للمستشفى أو تقديم خدمة إسعافية أو تقديم هواتفهم الجوالة الخاصة للبعض ليتصلوا بصديق أو قريب ليحضر لخدمتهم أو إنهاء إجراءاتهم أو لإخبار ذويهم وطمأنتهم ونحو ذلك وهذا يحدث كثيرا ورجال المرور يعتبرون ذلك من الأعمال الإنسانية التي يرجون منها أولاً الأجر من الله سبحانه ثم شكر الناس لهم وأخيرا قناعتهم بأنهم يؤدون مهامهم على الوجه الأكمل حتى لو كلفهم ذلك بعض المال أو فواتير الهاتف ونحوها .
|