كانت هذه الزاوية قد طرحت لأكثر من مرَّة فكرة إدراج دراسة وحفظ وتلاوة وتجويد القرآن الكريم في التعليم العام كضرورة متلاحمة، مع ضرورة أن يعي المسلم دوره تجاه إسلامه، وأسس تمكينه من كافة الجوانب التي تقوي عقيدته، وتفقهه في أمور دينه، وتعلِّمه فقهه، إذ لا يكفي أن يقتصر دور التعليم العام على تقديم الخبرات المعرفية المختلفة في مجالات العلوم الإنسانية والعلوم البحتة والنظرية منها والتطبيقية دون أن يكون لمقررات الدِّين وعلى رأسها القرآن الكريم الضلع الأكبر ..
ولعلنا لاحظنا عند الأزمات القومية الكبرى للعالم الإسلامي أن السبب في عدم قدرة المسلم على المواجهة القوية لاعداء دينه هو جهل المسلم بإسلامه، وفراغه من الإلمام بشؤونه، وعلى رأس كل شيء معرفته بقرآنه الذي هو كتابه معرفة لا تعزِّز ارتباطه بهذا الكتاب العظيم دستوراً له ومرجعاً .. فالمدارس تُخرِّج مَنْ يقرأ ويكتب، وما تقدِّمه من سور قرآنية للحفظ أو التلاوة وما تقدِّمه من مقررات في التوحيد والفقه والتفسير لا تكفي لتأسيسٍ قوي لإنسان يفترض أن يكون متمكِّناً فاهماً عارفاً بشأنه الدِّيني كي يطبِّق ذلك في حياته تطبيق فهم، وعمل إدراك وتنفيذ قناعة امرئ بدينه ورضائه به صفة له في الحياة ونجاة له في الآخرة.
ولعلَّ الخبر الذي نشرته هذه الصحيفة في الصفحة الأخيرة يوم أمس الخميس عن تخصيص ساعتين لتلاوة القرآن الكريم وحفظه وتجويده، في مدارس التعليم العام كمشروع قدَّمت فكرته إدارة تعليم الطائف حسب تصريح الأستاذ سعيد عبدالله القرني مدير التعليم هناك فيه ما يعزِّز هذه الفكرة، وإن كان الهدف يتفق في بعض جوانبه، إلاّ أن خطوة إدخال هذا المشروع بإقامة حلقات قبل الطابور الصباحي وخلال فترات الاستراحات قد لا تحقق الغرض الذي تهدف منه على المدى البعيد . ذلك لأن الوقت المتاح قبل طابور الصباح يلزم المنظمين لهذا المشروع ممن يمكنهم الحضور الباكر من جهة ولكنه يضع الزمن لهذا التنفيذ ضيقاً تتحكم فيه مواعيد الحضور فكيف يتم ذلك في غسقية فجر الشتاء؟، وكيف يتمكن الطلاب من تنفيذ هذا المشروع في مواعيد الاستراحات إن كان هناك مداهمة للاختبارات وحرصهم على المراجعة في هذه الأوقات. إنه مشروع جميل ولكن ليس بوضعه في هذه الأوقات وجعله ضمن النشاط بل بادخاله في صميم المناهج وجعله جزءاً هاماً ضمن محتوياتها .. بتقديمه على كافة الأهداف التعليمية والتربوية ولعل الالتفات الى هذا المشروع تقره واقعية نتائج المتغيرات وطوارئ المواجهات على الأرض تلك التي تتطلب من أمة مسلمة أن تعي دور التعليم في تأسيس المسلمين حقاً.
| 
