تقدمت به السن، فوهن منه العظم واشتعل الرأس منه شيبا، وهو لم يحج، عنده الراحلة، ولديه الزاد، ولكنه بلي بداء التسويف، وتمكن منه مرض التأجيل، ففي كل عام يقول احج في العام القادم، فيأتي العام القادم فيفعل مثلما فعل في العام الذي قبله، يسوف ويؤجل هذا الركن العظيم من اركان الاسلام.
فحري به وبغيره من امثاله، ان يبادروا الى اكمال اركان اسلامهم، فالاسلام لا يكمل الا بأركانه الخمسة التي منها الحج، يقول صلى الله عليه وسلم:« بني الاسلام على خمس شهادة ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله، واقام الصلاة، وايتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان» وفي حديث جبريل عليه السلام، حينما سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، اخبرني عن الاسلام! فقال صلى الله عليه وسلم:« الاسلام ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت ان استطعت اليه سبيلا»: والحج واجب فقط مرة بالعمر على كل مسلم بالغ عاقل مستطيع، وقد جعل الله عدم القيام به ممن استطاع عليه بمثابة الكفر كما في قوله تعالى: {..وّلٌلَّهٌ عّلّى النَّاسٌ حٌجٍَ البّيًتٌ مّنٌ اسًتّطّاعّ إلّيًهٌ سّبٌيلاْ وّمّن كّفّرّ فّإنَّ اللهّ غّنٌيَِ عّنٌ العّالّمٌينّ} .
فعلى المسلم ان يحذر التقاعس والتسويف، ويبادر في تأدية فريضة الحج، لأنه لا يدري ماذا يحدث له بعد ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:« من لم تحبسه حاجة ظاهرة، او مرض حابس او منع من سلطان جائر، ولم يحج فليمت ان شاء يهوديا او نصرانيا».
ومما اثر عن السلف، انهم كانوا يبادرون لتأدية فريضة الحج، ويحذرون من تأخيرها، بل كانوا ينكرون على من يؤخرها، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لقد هممت ان ابعث رجالا الى هذه الامصار، فينظروا كل من له جدة - يعني غنى ، لديه مال - ولم يحج، فيضربوا عليهم الجزية، ماهم بمسلمين ماهم بمسلمين. ويقول علي رضي الله عنه: من ملك زادا وراحلة تبلغه الى البيت ولم يحج فلا عليه ان يموت يهوديا او نصرانيا.
فالله.. الله، اخي المسلم، بادر لإكمال دينك، واتمام اركان اسلامك، قم بهذا الركن العظيم، واياك والتسويف والتأجيل، اغتنم غناك قبل فقرك، وصحتك قبل مرض، وشبابك قبل هرمك. بل اغتنم حياتك قبل موتك فحج قبل ألا تستطيع ان تحج.
حائل، ص.ب 3998
|