يميل البعض إلى المزاح ويتوسع به لدرجة أن يجعله ديدنه فهو تارة يتناول زيد في قفشات وأحياناً أخرى يلمز سعيد بكلمات يهدف منها تبديد أجواء العمل المحمومة فهو بأسلوب رشيق جذاب يسعى إلى إيجاد أجواء مفعمة بالسعادة التي يفتقدها البعض في ظل الحياة العصرية.
ومع وجود الجهل بما يمليه العلم الشرعي والنسيان يرد اللسان منهل الزلل وتخطئ الجوارح فاللسان يتلمس سقطات الآخرين لاستخدامها في المزاح والعين واليد تتبع عورات المسلمين لإعداد مادة دسمة لمزيد ومزيد من النكات.
وفي هذه العجالة نوجه الحديث لهواة المزاح السائرين خلف امتاع الذات ومن حولهم إلى متى هذا التفريط بما يمليه علينا الشرع المطهر من الانتباه لعمل الجوارح قبل يوم الحساب؟!
ومتى سنتنبه لقوله تعالى:{مّا يّلًفٌظٍ مٌن قّوًلُ إلاَّ لّدّيًهٌ رّقٌيبِ عّتٌيدِ}؟ ومتى ستتفكر في عواقب الحديث الذي من المفترض صرفه للفائدة المرجوة من تذكير ووعظ لا للحديث ذاته لئلا نكون ممن اشتغلتهم ألسنتهم عن ذكر الله فأوردتهم المهالك، ولنعي ما جاء في الحديث الشريف عن معاذ بن جبل قال «كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فأصبحت قريباً منه ونحن نسير فقلت يا نبي الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويبعدني عن النار قال لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال ألا أدلك على أبواب الخير الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل في جوف الليل ثم تلا تتجافى جنوبهم عن المضاجع.. حتى يعلمون ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه قلت بلى يا رسول الله قال رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد ثم قال ألا أخبرك بملاك ذلك كله قلت بلى يا رسول الله فأخذ بلسانه فقال كف عليك هذا قلت يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به قال ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم».
وبعد حديثنا لمن أطلق لسانه نوجه الحديث لمن جالسه لنؤكد أنه شريك له في الاثم إذ لم يذب عن عرض أخيه ولم يزجره بأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
وإنها وقفة محاسبه ندعو لها كل من أراد طريق الحق وتلمس دروبه املك عليك لسانك لئلا يوردك المهالك.
(*)رئيس قسم الإعلام بإدارة العلاقات العامة والإعلام بالرئاسة العامة للهيئة
|