لئن تغيرت الاسماء والصور، في زعامات دولة العدو اليهودي في فلسطين، فإن الافكار واحدة، والهدف الذي يسعون لتحقيقه لايتغير.. بل تبين النوايا المبيتة عندما يصل كل واحد من اولئك الى موطن القيادة، وسلطة التنفيذ.
وصدق الله اذ وصفهم في كتابه الكريم بقوله عزّ من قائل {قّدً بّدّتٌ البّغًضّاءٍ مٌنً أّفًوّاهٌهٌمً وّمّا تٍخًفٌي صٍدٍورٍهٍمً أّكًبّرٍ} آل عمران -118 فهم يبغضون رسول الله، ويبغضون الاسلام واهل الاسلام فاليهود تبرز البغضاء منهم على كل من ليس يهودياً، على فلتات ألسنتهم، وتاريخهم حافل بذلك على انبياء الله كلهم، وبصورة خاصة على عيسى عليه السلام وأمه الطاهرة، وعلى محمد صلى الله عليه وسلم، والدين الذي جاء به من عند ربه، لكن ما تكنه صدورهم اكبر وأعظم، لأنهم في بعض الاحيان يغلب عليهم الجبن والخوف فيضمرون العداوة والبغضاء، ويبثونهما في بيئتهم ومجتمعهم، اكبر مما يظهرون.
وعندما يجدون سنداً يحميهم، او متكأً يعوِّلون عليه، يستأسدون ويظلمون ويتجبرون، كما يقول الشاعر في وصف مَنْ هذه حالته:
والظلم من شيم النفوس فإن تجد
ذا عفّةٍ فلعلةٍ لا يظلم
ذلك ان من خلا الايمان من قلبه، اعتدّ بقوته وقوة من يسنده، ناسياً أو متجاهلاً قدرة الله عليه، وانه سبحانه ناصر المظلوم، ومجيب لدعوته التي ليس بينه وبينها حجاب.
ففي عام 1405هـ نرى اسحاق شامير يصرح بأنه لن يسمح بأن تقام دولة على ارض ما يسميه «اسرائيل» غير دولة واحدة اسمها دولة إسرائيل، وأضاف في تصريحه الذي تناقلته الصحف ذلك الوقت، بأنه سيبلِّغ الرئيس الامريكي «جورج بوش» الأب بذلك كي يفهم الموقف اليهودي النهائي.. وعلقت على ذلك صحيفة «الاعتصام» المصرية صفحة 16 بالقول :إن شامير وعصابته ليس لهم أرض ولا ميراث، حتى يوصف بأنه ميراث اسرائيل، او ارض «اسرائيل» ولكنه منطق اللصوص الاقوياء، الذين ظنوا اصحاب حق ضعفاء عن مواجهتهم، بل يتسابقون الى تقديم المزيد من التنازلات والرضا بالهوان، والقبول بالمذلة والمسكنة، إلا أن الحق اقوى، ونصر الله امكن.
إن اعمال شامير بعدما وجد معاضدة من القيادات الامريكية، تمادى في اعماله العدوانية، وكان ساعده الايمن، في بذل المستطاع لابادة وتشريد الشعب الفلسطيني المسلم، وملاحقتهم في مخيماتهم في الدول المجاورة شارون، الذي تتلمذ على أيدٍ ملطخة بالدماء، فصار يصول ويجول كل منهما يستند على زعامة أمريكية.
تعاون الاثنان على هذا المبدأ، الذي من خصائصه لا رحمة ولا عطف على الفلسطينيين ولا بقاء لهم في أرضهم وديارهم التي عاش فيها اجدادهم آلاف السنين.. ليجعل هذان الزعيمان، ومن يناصرهما على حقدهما وعداوتهما الشعب الفلسطيني، وممتلكاته هدفاً لعدوانهما الغاشم.. طمعاً في إبادته بالقوة.
جاء شارون في مرحلته الاخيرة، ليكمل الهدف المرسوم مستنداً على بوش الابن، كما بَلَّغ شامير من قبل بهذا الهدف بوش الاب، عندما كان رئيساً لأمريكا، ضمن سلسلة من التآمر على الاسلام والعرب.
وهكذا نرى سعي شارون في إلغائه لعملية السلام، ووأده ما تم في عدة لقاءات ووعود بتحقيق السلام، وضمان دولة فلسطينية، بجانب اليهود لتعيشا في سلام، تحت مظلة الأمم المتحدة، ومباركة دول العالم الحريصة على السلام، ورفع الظلم عن الشعب الفلسطيني الذي يراد إجهاضه لأن قيادات اسرائيل لا عهد لهم ولا وفاء عندهم.
ان اعمال شامير ثم شارون: المتمثل في الارهاب، وقتل النساء والاطفال، وهدم البيوت على ساكنيها، واجتثاث الاشجار والمحاصيل الزراعية..وغير ذلك من اعمال ابرزت للعالم بأسره، سوء القيادة اليهودية وحقدها الدفين على العرب والمسلمين، بأعمال يسجلها التاريخ في صفحاته، نقاطاً سوداء في سجل دولتهم وجنسهم البشري الحافل بالاعمال السيئة، طوال حقب التاريخ، ومن أمن العقاب اساء الادب، بل كل منهما يفتضح بالخيانات في بلده، فلم يحفل التاريخ في سجلات الأمم بعداء جنس لجنس، بمثل ما يضمر ثم يعمل اليهود ضد عرب فلسطين المسلمين.
ذلك أن العداوة المتمثلة عملياً في مخططات شارون ومن قبله شامير، تظهر للرأي العام العالمي، نوايا هذا الجنس، الذي يعبِّر عن خفاياه امثال هؤلاء عندما يستلم احدهما السلطة، وتكون تحت يده القوة العسكرية، فيضرب بها وبلا هوادة المخيمات، ويهدم دور العبادة، ويخيف الآمنين، ولا أمن في ظل ومجاورة اصحاب القلوب القاسية.. بل تاريخ اليهود الطويل يبرز للعيان في اعمال زعمائهم اليوم.
ولا يُرجى من هؤلاء رأفة ما داموا يجدون المعين والمدافع.. الساكت عن الحق الفلسطيني في ارضه وفي اقامة دولته بل بلغ الامر من شارون ان منع الاعانة الغذائية المقدمة للشعب الفلسطيني، حتى يكتب الفناء جوعاً، على من نجا من الموت تحت أسلحته ودباباته، أو بين الانقاض لتدوس أشلاءه، جرّافاته.. والعالم بأسره ساكت عن الأعمال المتتالية صباح مساء.
إن الحق لايضيع ما دام وراءه مطالب، وأن المغتصب لن ينعم بدفء وظلال، الدار التي شُرِّد اهلها، فإن القيد لابد ان ينكسر، وقوة السلاح وقتها محدود، لأن عزيمة الرجال، وهمم الشعوب أقوى من أن تنحني أمام جبروت الظالم، وكل ليل يعقبه نهار، والصليبيون رغم ما عملوه في ديار الشام، بدِّد جمعهم وهزمهم الله بقوة الاسلام، على يد صلاح الدين، وسيكون بإذن الله في هذه الامة أكثر من صلاح واحد ليعيدوا الحق الى اهله.
أحوال بعض الحيوانات:
ذكر الراغب الأصبهاني في كتابه «محاضرات الادباء، ومحاورات البلغاء» طباعاً غريبة وعجيبة لبعض الحيوانات متأصلة فيها، مثلما نرى تأصل الشرّ والعدوان في اليهود وغيرهم، فيقول..
الضفدع اذا أبصر النار تحيَّر ولم ينقّ، والخنفساء والجُعْل اذا دفنا في الورد ماتا، وفي العذرة يحييان واذا دخلت نفسا في است الحمار غُشي عليه، ولا يفيق حتى تخرج، والزنبور إذا غرق في الزيت مات، ويحيا بالخلّ، والذباب إذا غرق في الماءمات، واذا دفنته بعد في التراب حيّي.
والاسد اذا رأى قربة منفوخة انهزم، واللّبوة تضع ولدها حين تضعه شبلاً ميتاً، فيأتيه ابوه في الثالث فينفخ في منخريه فينبعث، وتضع الذئبة ولدها لحماً لا صورة فيه، ثم تلحسه حتى تستوي صورته، ومن لدغته العقرب، فأدخل في استه قطعة جليدبرئ، وقيل بل هذا لمن لدغه الزنبور، وزبد الجمل الهائج يذهب العقل.
واذا مَدّت على باب البيت شعرة من ذنب فرس عتيق، لم يدخله البعوض، ما دامت الشعرة ممدودة، والحمار اذا أكل خُرء الثعلب مات، والفأرة اذا أكلت «المرد اسنج» ماتت، واذا حفي الكلب ودهن استه ذهب حفاه، والثور اذا دهن استه لم يحف، فكأن هذا ما يصفه الاطباء اليوم بالتحاميل، والقنفذ لا ينام، والفهد لا يسهر، والغدّاف إذا خرج فرخه، هرب منه لأنه يخرج ابيض فيجتمع عليه البعوض، لزهومة رائحته، فيبتلع منها ما يقيمه.
والحية اذا رأت إنساناً عريانا تهرب منه، والنمل لا يتوالد من تزاوج لكنه يلقى في الارض شيئاً يسيراً فيصير بيضاً ثم يتصور «4: 698».
فسبحان من أعطى كل شيء خلقه، وهداه الى طباع معينة، نافعة له او ضارة، وصدق الله في هذه المخلوقات، فإنها أمم أمثالنا، ولكن لها خصائصها وطباعها.
|