* تحقيق وتصوير عليان آل سعدان:
البنية التحتية أهم مقومات التنمية والأسس التي ترتكز عليها ويأتي في المقدمة تمهيد الطرق ورصفها، وقد نفذت المملكة مبكراً شبكة من الطرق قامت عليها العمليات التنموية، وظلت بعض الطرق التي أنشئت في المراحل الأولى لخطط التنمية مناسبة لاستيعاب معطيات تلك المراحل، ولكنها اليوم لم تعد تناسب المد الحضاري الذي تشهده بلادنا، واكثر الطرق التي تقاوم عهدها وتلح بالتجديد والتوسعة طريق الجنوب الذي يربط منطقة مكة المكرمة بمناطق الباحة وعسير ونجران.
إن تطوير طريق الجنوب وتوسيعه ليس فقط ضرورة تنموية، ولكن وهو الأكثر أهمية ضرورة انسانية لحماية المواطنين فالمواطن هو المعني بهذا التطور.
أرقام مهولة
لابد أن قضية طريق الجنوب تدخل ضمن هذه التوجيهات، لأنه يشكل مصدر خطر وقلق للمواطنين في تلك المناطق.. ومبلغ خطورة هذا الطريق تجسده الارقام التي تضع امامنا فالمواطنون والمسؤولون يصورون حجم المأساة والضرر الذي يلحق بالوطن والمواطن، فقد حصد الطريق ارواح 35 ألف انسان، وهنالك 270 ألف معوق جريح ارقام مهولة لاشك.
النزيف المستمر
أسماء مأساوية وتراجيدية عديدة تطلق على طريق الجنوب فهو طريق الموت، الثعبان الاسود، والمقبرة وكلها اسماء وعبارات تنم عن دلالات .... صاغتها تجارب مريرة.
(الجزيرة) قامت برحلة استطلاعية على الطريق والتقت عددا من المواطنين ووقفت على المآسي التي حدثت في الطريق، ومن تلك المآسي والحوادث ما اغلق بيوتا وسبب اصابات مقعدة.. والنزيف مستمر.
نصف قرن ولا تحديث
لقد أنشىء طريق الجنوب عام 1383هـ أي قبل نحو 40 عاما، ومنذ ذلك التاريخ، الذي يقارب نصف قرن، لم يشهد الطريق أي تحسين او تطوير انشاء الطريق استقطب اعدادا من السكان حوله فنشطت الحركة العمرانية، ويقدر عدد السكان على امتداد الطريق بأكثر من مليون نسمة، وهذا يفسر الازدحام على الطريق والنتيجة ما ترى من مشاهد مفزعة وما نسمع من قصص وحكايات عن حوادث مرورية.
عمل يوقف النزيف اليومي عمل يوقف انضمام آلاف اخرى إلى فئة المعوقين.
مآس يومية
المواطن فهد الجعيد موظف بأحد المراكز الادارية التابعة لإمارة منطقة مكة المكرمة ويستخدم الطريق يوميا، يقول: اشاهد مآسي لا يتحملها عقل يتصور البعض أن السرعة هي السبب في الحوادث التي تقع في طريق الجنوب، لا.. الطريق هو السبب طريقة تصميم الطريق قبل 40 عاما وارتفاعه اكثر من مترين وضيقه، هذه هي الاسباب الحقيقية، فهناك مواقع خطرة جدا منحدرات ومنحنيات التقاطعات والحوادث التي تقع فيها قاتلة.
فالسائق الذي يفاجأ بهذه المواقع أو يتعرض لأي خطر لا يستطيع التصرف مهما كانت خبرته في القيادة.. ومهما كان حريصا، ولذلك لابد من توسعة الطريق، واذا لم يكن الطريق كله فليكن على اقل تقدير من الطائف حتى مفرق تربة لأنها الاشد خطورة.
الموازنة القادمة
ويستطرد الجعيد ويقوله انه يستغرب بما يصفه ب (صمت وزارة المواصلات) و(اهمال هذا الطريق) الحيوي جدا، ويؤكد أن الخطر الذي يشكله طريق الجنوب يتعرض ادراجه في الموازنة القادمة للدولة ليتم نهاية سعيدة لآلام يقاسيها المواطنون في هذا الجزء من وطننا الغالي.
السياحة مهددة
المواطن سعد بن غرم الله .... خطورة الطريق من وجهة نظر اقتصادية، فيقول: في ظل الاهتمام المتعاظم بالسياحة والتعويل على مناطق الجنوب لتكون قاعدة لاجتذاب السياح والمصطافين فإن السياحة بوصفها احدى الموارد المهمة للاقتصاد الوطني ستكون مهدرة، في ظل استمرار طريق الجنوب بوضعه الحالي المريع.. فإهمال الطريق لن يخدم التوجه السياحي، ويعتقد غرم الله ان وزارة المواصلات لن تعجز عن تدبير نحو 300 مليون ريال لصالح تطوير طريق الجنوب وتوسعته.
حصاد مر
المواطن سفر الجعيد نموذج لضحايا طريق الجنوب فقبل عام فقد احدى زوجاته، وهذا العام فقد زوجته الثانية وثمانية من ابنائه، وآخرون أصيبوا اصابات بالغة، يقول الجعيد: لست وحدي من سلبه هذا الطريق افرادا اعزاء بل هناك اعداد من المواطنين والمقيمين غرس الطريق الحزن والأسى في قلوبهم.. ويقول: اذا كنت استرجع مصابي وانا اشعر بالحزن والألم، فليكن ما حدث لي ولغيري من مآس دافعاً للمسؤولين في بلادنا العزيزة الغالية لوقف نزيف الدم في طريق الجنوب.. ولا اعتقد ان الدولة ستبخل بذلك فلنزرع بعض الفرح في مواضع الحزن لتزيل مصدر الحزن.. فهل تصدق ان الذي يجتاز الطريق بسلامة، خاصة في الليل، يقابله اهله بالتهاني.. الى هذه الدرجة طريق الجنوب مفزع!!
|