* تغطية عبدالحفيظ الشمري:
ضمن فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية لهذا العام وفي سياق الندوات الفكرية قدمت صباح أول امس الثلاثاء ندوة بعنوان «دور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في بناء المجتمع» حيث ادار هذه الندوة فضيلة الدكتور صالح بن حسين العايد والذي قدم فرسان الندوة الثلاثة.. حيث عرض لكل مشارك سيرة ذاتية مقتضبة فكانت البداية لمعالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ ابراهيم عبدالله الغيث حيث استهل ورقته قائلاً:
فمما لاشك ولا ريب فيه ان منزلة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر منزلة عظيمة في الدين وذلك لأن له أثراً عظيماً في حفظ الأمن العقدي والخلقي وغير ذلك.
ولقد امتدح الله من ادى هذا الواجب العظيم بقوله {كٍنتٍمً خّيًرّ أٍمَّةُ أٍخًرٌجّتً لٌلنَّاسٌ تّأًمٍرٍونّ بٌالًمّعًرٍوفٌ وّتّنًهّوًنّ عّنٌ المٍنكّرٌ وّتٍؤًمٌنٍونّ بٌاللَّهٌ}.
**إحتياج المجتمع لفئة تقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتحفظ لهذا المجتمع اخلاقه وسلوكه من الانحراف ولتكون هذه الفئة معينة له على الخير ومحذرة له عن الشر من الشرك والبدع والخرافات وكل فرد هو بحاجة الى من يوجهه ويدله على الصواب فكل واحد منا بحاجة الى آمرٍ وناه آمرٍ له بالخير وناهٍ له عن الشر.
** ان التساهل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يسبب غضب الرب عز وجل كما قال تعالى {لٍعٌنّ پَّذٌينّ كّفّرٍوا مٌنً بّنٌي إسًرّائٌيلّ عّلّى" لٌسّانٌ دّاوٍودّ وّعٌيسّى ابًنٌ مّرًيّمّ ذّلٌكّ بٌمّا عّصّوًا وَّكّانٍوا يّعًتّدٍونّ كّانٍوا لا يّتّنّاهّوًنّ عّن مٍَنكّرُ فّعّلٍوهٍ لّبٌئًسّ مّا كّانٍوا يّفًعّلٍونّ } .
ولولا عظم منزلته وعلو مكانته واهميته لما استحق من تركه أو تساهل به هذا الوعيد الشديد وهو الطرد عن رحمة الله عز وجل.
** ان ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجرئ العصاة والفسقة على المعاصي وبذلك ينتشر الشر ويقل الخير وبهذا الترك تقوى شوكة اهل الباطل ويضعف اهل الايمان والتقوى بسبب تسلط اهل الشر وظهورهم وتمكنهم مما يريدون وبتحققه يقوى اهل الايمان ويستتب الامن والرخاء والاستقرار ويمكن الله للمؤمنين قال تعالى {وّلّيّنصٍرّنَّ اللّهٍ مّن يّنصٍرٍهٍ إنَّ اللّهّ لّقّوٌيَِ عّزٌيزِ الذٌينّ إن مَّكَّنَّاهٍمً فٌي الأّرًضٌ أّقّامٍوا الصَّلاةّ وّآتّوٍا الزَّكّاةّ وّأّمّرٍوا بٌالًمّعًرٍوفٌ وّنّهّوًا عّنٌ المٍنكّرٌ وّلٌلَّهٌ عّاقٌبّةٍ الأٍمٍورٌ}.
ثم جاء دور فارس الندوة الثاني الدكتور عبدالله بن محمد الفوزان حيث قدمه مدير الندوة الدكتور العايد بسيرة ذاتية مقتضبة.
تحدث الدكتور عبدالله بن محمد الفوزان في بداية ورقته الاجتماعية عن قضية «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» على هيئة هذه الاسئلة:
** هل الأمر بالمعروف من مكونات المجتمع المسلم..؟
** هل الأمر بالمعروف مسؤولية فردية ام مؤسساتية؟
** هل هي مسؤولية عامة أم مؤسسة خاصة..؟
** هل الأمر بالمعروف مسؤولية ذكورية او انثوية ام ذكورية وانثوية في آن واحد..؟
ويرى الدكتور عبدالله الفوزان ان الهدف الاسمى للاسلام ان يحقق الخير للامة الاسلامية.. فهي اهداف منظمة تنطوي عليها رسالة الاسلام الخيرة.. تلك التي تقف في وجه الشر وترويض النفس وقطع دابر الفساد وكذلك الامر بالمعروف ونهيهم عن المعاصي.
ويؤكد الدكتور الفوزان على ان «رسالة الأمر بالمعروف تعد من اهم مكونات المجتمع المسلم ولنا قدوة في الرسول صلى الله عليه وسلم حيث كان يفتش بنفسه في سوق المدينة واستعمل العديد من الصحابة على العديد من البلاد لاجل اشاعة الخير والامر به ومحاربة الشر وانكاره.
ويرى الدكتور الفوزان ان جميع القطاعات الاجتماعية جميعها هي امر بالمعروف ونهي عن المنكر.. فلا يمكن ان نفرق بين نشاط وآخر في انشطة القطاعات العامة بما فيها هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. وتحدث الدكتور على ضرورة ان تقوم رسالة الامر بالمعروف على نشر القيم الاجتماعية الفاضلة وطرح في هذا السياق سؤال حول هذه الرسالة حيث قال: هل يمكن ان يكون هناك صراع في ظاهرة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر..؟
وأكد على ضرورة ان يكون هناك امر بالرفق واللين في حالة الامر بالمعروف.. وكذلك ضرورة ان يؤهل الداعية التأهيل الشرعي الذي يساعده على الاسهام في بناء المجتمع.
وختم الدكتور الفوزان ورقته بضرورة ان يكون هناك اهتمام واسع في تأصيل رسالة الامر بالمعروف من خلال الممارسة الفعلية لحقيقة الدعوة الى الله واخلاص النية في المعتقد والمنطلق.
ثم جاء دور الشيخ سلمان بن فهد العودة حيث قدمه مدير الندوة بسيرة ذاتية مقتضبة عن ابرز مؤلفاته ومحاضراته ودروسه..
استهل الشيخ العودة ورقته حول «الأمر بالمعروف» باستعراض المصطلح الشرعي رسالة الامر بالمعروف حيث يأتي الامر بالمعروف مقدماً على النهي عن المنكر.. واستدل في ذلك على ان الاصل في هذا المجال هو السماح، حيث أكد فضيلته على اهمية الامر بوصفه ركيزة هامة من ركائز الامر بالمعروف.. ويأتي «النهي» بوصفه حالة اخرى تتبع هذا الامر.
ويؤكد الشيخ العودة على اهمية دور فعاليات المجتمع من اجل بناء رسالة الامر بالمعروف من خلال هذا المصطلح الشرعي.. ويرى فضيلته ان هذا المصطلح هو حديث التداول في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وكتب اهل العلم واحاديث الناس ومجالسهم.
واشار الشيخ العودة الى ان من سبقه في هذه الندوة وهما الشيخ الغيث والدكتور الفوزان قد اوردا العديد من الشواهد القرآنية التي تؤكد اهمية الامر بالمعروف حيث يقول سبحانه وتعالى {كٍنتٍمً خّيًرّ أٍمَّةُ أٍخًرٌجّتً لٌلنَّاسٌ تّأًمٍرٍونّ بٌالًمّعًرٍوفٌ وّتّنًهّوًنّ عّنٌ المٍنكّرٌ}. وقال فضيلته: حينما نتناول هذا المصطلح الشرعي الذي هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نلاحظ عدة أمور حول هذا المصطلح، فمن خلاله يمكن ان نستطلع اهمية هذا الموضوع وشموليته والآثار المترتبة على الإخلال به.
النقطة الأولى: ان هذين الامرين «المعروف / المنكر» غالباً ما يأتيان معاً جنباً الى جنب، فتجد «الأمر بالمعروف» و«النهي عن المنكر» يذكران معاً في معظم المواضع وقليلاً ما يذكر احدهما دون الآخر، فهما امران متلازمان في الشريعة وفي الحياة البشرية، فهي محتاجة الى الامر به لمعروف والنهي عن المنكر وذلك في كل امة ومجتمع هنا كثير من الاوامر والنواهي التي يجب ان يدركها افراد المجتمع.
النقطة الثانية: «ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر» كممارسة يحتاج الى توجيه اكثر وتدعيم للدور الاصلاحي الذي يتولى تصريف طاقات الشباب ورعاية ملكاتهم وتحقيق تطلعاتهم، وكذلك ضرورة العناية بالمؤسسات المتخصصة لفئات المجتمع المختلفة للشباب والاطفال والفتيات للكبار وللمختصين والمثقفين ولهذا يقول علماء الاسلام ان الامر بالمعروف اصل، وان النهي عن المنكر فرع، وينقل ابن تيمية رحمه الله في بحث طويل اجماع العلماء على هذا، ويعزز هذا القول بنحو عشرين وجهاً من وجوه الاختيار والنظر العلمي الرشيد.
| 
