تلتقي كوريا الشمالية والعراق في التصعيد مع الولايات المتحدة الأمريكية وليس المجتمع الدولي في المسألة النووية وسباق التسلح فهو تصعيد سياسي دبلوماسي مع كوريا الشمالية وعسكرياً مع العراق، فكوريا الشمالية اتخذت خطوات عملية لاستئناف إنتاج مادة «البلوتونيوم»، وهي التي قد جمدت سابقاً هذا المشروع في عام 1994م باتفاق بينها وبين الولايات المتحدة وكوريا، ونتيجة هذا الاتفاق التزمت الولايات المتحدة بتقديم 3 ،3 ملايين برميل من زيت الوقود وهو ما يساوي 100 مليون دولار، ولدى الكوريين الإمكانية وخلال أشهر معدودة من إنتاج «البلوتونيوم» اللازم لصناعة القنبلة النووية من خلال مفاعلاتها التي أعيد تشغيلها وتزويدها بالوقود، ومع بعض التأكيدات أن كوريا الشمالية تملك قنبلتين نوويتين حالياً.
في الجانب الآخر نجد أن العراق لا يملك أي أسلحة نووية أو كيميائية حتى الآن، وطبقاً لما يقوم به فريق التفتيش الدولي «انموفيك» وأعلن رئيس التفتيش هانز بليكس ذلك، وإلى اليوم يؤكدون مراراً أنه لم يثبت أن لدى العراق أي سلاح نووي أو كيميائي، وبرغم ذلك ظلت الولايات المتحدة ومن خلال تصريحات الرئيس الأمريكي جورج بوش تؤكد أن هذا لا يكفي، وأن حملة الحشد العسكري مستمرة ولن تتوقف حتى أن وزير الخارجية الأمريكي كولن باول صرح بأن الإجراء العسكري أكثر ضرورة لحماية النفط العراقي للشعب العراقي والخوف على الآبار من التدمير!!.
من خلال هذا التباين في الميزان الدولي الأمريكي الواضح بين الدولتين، حيث كوريا الشمالية تعلن من خلال عاصمتها بيونغ يانغ ومن خلال سفيرها لدى الأمم المتحدة بأن أي إجراء دبلوماسي وليس عسكري أو أي مقاطعة سوف تتم لبيونغ يانغ فهذا يعني بمثابة إعلان حرب وكوريا الشمالية تعلن الدول العالم أنها أعادت برنامجها النووي وأنها ستنتج مادة «البلوتونيوم» وهي تواصل التصعيد والتحدي بلا حدود وكوريا الشمالية تملك من الصواريخ ما يمكن أن تضرب بها نيويورك، وهي تشكل تهديداً للدول الجوار لديها خاصة اليابان وكوريا الجنوبية.
أزمة العراق رفعت أسعار النفط والتصعيد العسكري لا يزال، والأزمة الكورية رفعت من الحوار الدبلوماسي الهادئ جداً مع الكوريين وحين المقارنة بين ما تقوم به كوريا والعراق في البرنامج النووي فأننا نجد نتيجة ومسلمات واضحة وهي إعلان كوريا علانية بالعودة للبرنامج النووي ونواياها الكاملة، وأما العراق فأنه لم يثبت شيء وينفي بتأكيدات مستمرة ولا يزال، وبرغم كل ذلك نجد الحشد الهائل في الخليج وتركيا وبحر العرب للحرب ضد العراق، والسؤال ما هي مسببات الحرب أمام دولة تؤكد وجود برنامج نووي والعودة له وهي كوريا؟ ودولة أخرى تنفي باستمرار وفريق تفتيش لم يعثر على شيء؟ الجواب هو شيء واحد وبديهي وكما أكده الكاتب الأمريكي «توماس فريدمان» في صحيفة النيويورك تايمز وتحت عنوان «هل هي حرب من أجل النفط؟ ويقول فريدمان يسأل نفسه بعد أن شاهد امرأتين تلوحان بلوحة ترفضان الحرب ضد العراق» هل الحرب التي يعد لها فريق الرئيس بوش ضد العراق هي حرب من أجل النفط؟ ويجيب على نفسه توماس فريدمان بنفس المقالة «إجابتي القصيرة والمباشرة.. نعم فأي حرب سنخوضها في العراق ستتعلق بالتأكيد جزئياً بالنفط. وسيكون نكران ذلك أمراً مضحكاً، هذا نص بعض مما قاله فريدمان، وهذا يعكس الإصرار الأمريكي على الحرب مهما كانت المبررات برغم نفي الإدارة الأمريكية ذلك والتي تؤكد على أنها لنزع السلاح والبرامج النووية العراقية والكيميائية وأنها ضد الإرهاب الدولي، ولكن ما بين كوريا الشمالية والعراق ما ينفي ذلك.
إننا أمام تحديات كبيرة في مصدر دخل رئيسي وهو النفط والسيطرة على نفط ما بعد صدام، والذي إن تم فيعني مزيداً من الضخ وهبوط الأسعار وبالتالي الدخل لدول «الأوبك»، والولايات المتحدة تعمل على تفكيك «الأوبك» لكسر السيطرة السعرية من قبل المنظمة.
|