|
|
تحرك عناصر وعوامل الإنتاج الاقتصادي مصالح واستثمارات الأمم في العالم. هذه المصالح يحددها ضمنياً تاريخ الأمم وخلفياتها العقائدية والثقافية. فإذا كانت روابطها متقاربة ثقافياً ومكانياً فإن احتمالية نشوء تآلف واستقرار بينها هي احتمالية متوقعة الظهور. أما إذا كان التضارب سمة المصالح والتنافر عنوان الموارد فإن احتمالية الصراع الحضاري بينها واردة لا محالة. وقد شهدت حضارات سائدة وبائدة منذ فجر التاريخ تكرارا لحالات التقارب الاقتصادي والتعايش السلمي لبعضها فيما شهد بعض منها صراعاً مريراً وتباعداً أزلياً. يقود هذا إلى أن حقيقة قرارات الاستثمار والتوظيف والتمويل عادة ما تتم وتتخذ بناء على تلك الخلفيات والمفاهيم الثقافية الموقعية. وما توصل إليه صامويل هنتجتون «1996» إنما هو استقراء لمستقبل النظام العالمي الحاضر معتمداً في تصوره إلى أن احتمالية مواجهة المصالح بين الغرب والغير وارداً آجلاً أو عاجلاً. ويعني هذا أن الصراع الحضاري بين الأمم سيستمر وسوف لا يختفي عن سطح الأرض وهو واقع أزلي نادراً فيه ما شهدت البشرية عصراً خالياً من التصادم. ذلك أن الطبيعة الكونية التي فطر عليها الإنسان في حب الذات والذود عن الحياض تحتم نشوء صدام بين الحين والآخر. وبناء عليه فإن توقعات صامويل هنتجتون المستقبلية لم تأت للغير بإضافة جديدة. كل ما في الأمر أنه حفز عالمه الغربي إلى استغلال قواه المتطورة بأنواعها لاستغلال الآخر الأضعف إذا أراد الغرب أن يبقى مسيطراً على الموارد العالمية بفوقية لا تنازع. فوقية يستطيع بها الغرب أن يتجنب الدخول في صراعات حضارية مع الغير وأن يمنع التاريخ من تكرار نفسه. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |