القرار الذي اتخذته الحكومة الاسرائيلية برفض السماح لوفد فلسطيني بالمشاركة في الاجتماعات التي ستعقد في لندن يوم الثلاثاء المقبل لبحث عدة قضايا تتعلق بالدولة الفلسطينية المرتقبة في ضوء «خارطة الطريق» التي اقترحتها الولايات المتحدة وتبنتها اللجنة الرباعية الدولية، يشكل عائقا جديدا من اجل التوصل الى حل دائم للسلام في المنطقة، ويعقد القضايا المطروحة على مؤتمر الحوار الفلسطيني الفلسطيني الذي يعقد في القاهرة برعاية مصرية لوضع حد لاستمرار العنف الاسرائيلي وغيره من الجانب الفلسطيني داخل الخط الاخضر، اي العمل على وقف هذا العدوان، والعمليات الاستشهادية ضد العدو الاسرائيلي.
هذه الاعمال الفلسطينية التي اقضت مضاجع الاسرائيليين واكدت على ان برنامج شارون الرامي الى توفير الامن والسلام للاسرائيليين انما هو برنامج (مخادع) لم يحقق اية نتائج ملموسة عبر السنوات الماضية التي تولى فيها رئاسة الحكومة الاسرائيلية بل جلب الدمار.. والخيبة والفضيحة لاسرائيل، خاصة بعد فضيحته المعهودة بتسلم مبلغ مليون دولار ونصف المليون من اسرائيلي في جنوب افريقيا من اجل دعم معركته الانتخابية السابقة والتي اثرت على برنامج الليكود في الانتخابات التي ستجرى في الثامن والعشرين من الشهر الجاري، فضلا عن كونها اسهمت في تراجع شعبية حزب الليكود بالانتخابات المقبلة.
وهذه الذرائع التي طرحتها اسرائيل لعدم السماح لوفد فلسطيني بالسفر الى لندن واهية، وتأتي في اطار التخبط الاسرائيلي في السياسة القائمة ضد الفلسطينيين، ولتؤكد للعالم ان اسرائيل وبخاصة شارون لا يريد اية تسوية سياسية للقضية الفلسطينية.
وهذا ما يجب على الدول الاوروبية، والولايات المتحدة النظر اليه بامعان، لاسيما وان السلطة الفلسطينية قدمت الكثير من اجل اصلاحات سياسية واقتصادية وبرلمانية فضلا عن توقف دام اكثر من شهرين للقيام بأي اعمال ضد الاسرائيليين عبر الخط الاخضر.
اما ما تسوقه اسرائيل بان هذا القرار قد اتخذ جراء قيام استشهاديين بقتل 23 اسرائيليا فهذا العمل كان دليلا واضحا وردا قاسيا على اسرائيل التي لم تتوقف لحظة عن قتل المدنيين من العزل، سواء أكانوا اطفالا ام شيوخا ام نساء فضلا عن هدم المباني التي يقطنونها واقتلاع الاشجار دون تحرك عربي او دولي.
فهذه الاجراءات الاسرائيلية التي جعلت الوطن الفلسطيني عبارة عن سجن واحد وكبير، ومنعت الفلسطينيين الذين تقل اعمارهم عن 35 عاما من التنقل او السفر الى الخارج، انما يدل على المغالاة في هذه الاجراءات الاسرائيلية الامر الذي يتطلب من الدول العربية الضغط على الولايات المتحدة واوروبا لاتخاذ اجراء فاعل حيال هذه الاعمال اللانسانية الاسرائيلية التي لا تسيء للفلسطينيين فحسب بل اساءت الى الحكومة البريطانية اولا، والتي هي الاساس في اقامة الدولة العبرية على اساس انها صاحبة وعد بلفور والتي قدمت من خلالها المساعدات لاقامة هذه الدولة.. اثناء انتدابها لفلسطين.
واذا كانت الحكومة البريطانية ترغب في مشاركة الوفد الفلسطيني عبر مؤتمر يعقد هاتفيا مع عدد من الوزراء المعنيين بالاضافة الى مشاركة ممثل المنظمة في بريطانيا في اعمال هذا المؤتمر، فإن ذلك لا يمكن ان يلغي ضرورة العمل على رفض الاجراءات الاسرائيلية تجاه الفلسطينيين، سواء من حيث استمرار القمع تحت حجج انها تخدم سياسة شارون الانتخابية المقبلة، خاصة وان هذه الانتخابات تحظى بالاهتمام الكبير في هذه الفترة بعد ان رفضت المحكمة العليا قرارا للجنة المركزية للانتخابات بشطب كل من د. عزمي بشارة واحمد الطيبي من المشاركة بالانتخابات.
ولاشك ان اهمية هذه الانتخابات تكمن في كونها ستحث الحكومة الاسرائيلية المقبلة بكل جد على بحث قضية السلام وخارطة الطريق والسلام مقابل الامن بدلا من السلام مقابل الارض.
وهذا المؤتمر الذي سيبحث الاصلاحات الفلسطينية سيكون خطوة ايجابية نحو الوقوف على السياسة الفلسطينية المرتقبة، التي ترفض مبدأ العمليات الاستشهادية وتوافق على اجراء انتخبات برلمانية حرة ونزيهة وبكل شفافية فضلاً عن كونها تأمل من المجتمع الدولي الضغط على اسرائيل للانسحاب من الاراضي العربية التي اعادت احتلالها.
فهل يكون مؤتمر لندن بداية حقيقية لتفكير بريطانيا عن موافقتها على اعلان بلفور، وهل يكون خطوة فاعلة وحاسمة لانهاء التوترات في فلسطين، وهل ستكون اللجنة الرباعية، قادرة على لجم اسرائيل واقناعها بضرورة الموافقة على خارطة ووقف سياستها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني.
هذا ما ننتظره خلال الايام المقبلة وبعد اعلان الانتخابات الاسرائيلية!!
|