|
|
مدرسة المدينة «مدرسة تجديدية محافظة» رائدها عبدالقدوس الأنصاري، هدفها إحياء التراث العربي القديم وخاصة عصر الازدهار الأدبي، في العصر العباسي الثاني، وقد اجتهد الأنصاري وأنصار هذه المدرسة في نقد الفكر الجامد، واستبداله بفكر جديد قائم على التراث الأدبي، في الشعر والنثر، واصلاح طرق الكتابة، حتى ان الأنصاري ألّف كتاباً في اصلاح الكتابة والرقي بالأسلوب عن طريق نادي الخطابة العربية الحديثة، وكان يساعده في ذلك زميله من مدرسة العلوم الشرعية، عبيد مدني، كما انه يعترف بأن أدب المدينة أدب علمي وأدب مكة أدب تصويري، والتصوير يعني في المصطلح الحديث، طرق كتابة الأدب الحديث، من قصة ورواية وشعر جديد، وقد انضم إلى هذه المدرسة كل أدباء المدينة وبعض أدباء ونقاد مكة والاحساء والقطيف وجيزان، وكل محافظ يميل إلى التجديد وينبذ التقليد المتهالك، ويمتح من الثقافة العربية الأصيلة، مع التطوير في الشكل والمضمون، بما يتفق وظروف العصر، وانبثق عنها عدد من التيارات النقدية: كالتيار المحافظ، الذي يرى ان الأدب ونقده يمكن ان يتقدم ويساير الأدب العربي بتطوير لغته وأسلوبه من خلال القديم المجيد، وليس القديم القريب، الذي تحدثنا عنه قبل الآن في الصفحات الماضية، وذلك يعني التيار المتحجر، الذي تم رفضه من كل التيارات، ومثل هذا التيار كل من: عبدالله بن خميس، وحمد الجاسر، وابن الرومي، والجاحظ، ومحمد بن الشيخ عبدالله المبارك، وأحمد إبراهيم الغزاوي، وأحمد عبدالغفور عطار، وأحمد محمد جمال، وعبدالله بن إدريس، ومحمد المسلم، وعبدالله الشباط، وغيرهم من المحافظين، فأحمد الغزاوي يرى ان ما يمكن ان يستفيد منه من أدب الاندلسيين والعباسيين خير من أدب المهاجرين، ومن في حكمهم، كما انه لا يؤمن بأدب القرون الوسطى الضعيفة، وكان لقدوم التيارات الجديدة في الشعر والنثر وقع شديد على هذا التيار من المحافظين، فقد كانت تسمية الشعر الحر والمنثور تشكل هاجساً مزعجاً لهذا التيار، الذي لم يرض عن شعر المهاجرين المتمسكين منهم بالوزن والقافية التقليدية، فكيف يشعر منثور، كان يسميه العقاد «النثر المشعور» فيبدي أحمد عبدالغفور عطار رأيه فيه بقوله: «هناك مقالات تنشر في الصحف أو الكتب على طراز الشعر الحر «المنثور» لا لباب فيها ولا فكرة! وكل ما يوجد أسلوب خلاب وما عداه فسراب.. ويظهر تحامل العطار على دعاة الشعر الحر، وهناك فرق لم ينتبه إليه العطار في نقده للشعر الحر، فالشعر المنثور، أو قصيدة النثر تختلف عن الشعر الحر الذي برع فيه الكثير من الشعراء العرب، وأخفق فيه الأكثر، وصارت المجلات وبعض الصحف تطالعنا ببعض الكلام المرصوف على انه شعر، وما هو بذلك، ومن الذين لم يعجبهم ذلك الشعر، وهو الشاعر والناثر في آن واحد، حسين سرحان، وقد قال في عرضه لديوان الشاعر حسن بن عبدالله القرشي، وانه لم يعجب ببعض قصائده، والسرحان يسخر من أعلام الشعر الحر، في مقاله هذا: «.. وضعف المادة اللغوية وعدم التعمق في أصول الكلمات ومشتقاتها من أكبر وأفظع عيوب الشعر العربي الحديث، وهي في هذا الديوان وفي سواه من دواوين الشعر المنثور، فيقول: لكن هذا العصر يسوقك حتماً إلى التبلغ بالساندويتش في طائرة نفاثة ويجعلك تقول وأنت تلهث أو تلهث وأنت تقول: «يا أيها الطفل الذي مازال عند العاشرة لكن عينيه تجولتا كثيراً في الزمن خلف الخمار، المطرق الكسلان في الدرب الطويل.يا أيها الإنسان في الريف البعيد يا من تعاشر أنفسا بكما لا تنطق وتقودها، وكلاكما يتأمل الأشياء وكلاكما تحت السماء ونخلة وغراب وصدى أنداء» ويسخر حسين سرحان من هذا الشعر بقوله: «ولا يدهش القارئ، أو يضحك فالطائرة سائرة بسرعة الضوء ودرجة الحرارة مرتفعة جداً، وهذا ان لم يكن هذيان محموم، فهو على الأرجح شعر متحرر تجده في ص17 من مجلة الآداب البيروتية عدد يوليو 1957م. إنه عصرنا الذي هو خليق بنا ونحن به جديرون{ وإنَّا لٌلَّهٌ وّإنَّا إلّيًهٌ رّاجٌعٍونّ} |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |