Wednesday 15th January,2003 11066العدد الاربعاء 12 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

«إسرائيل» وتعطيش المنطقة العربية(1ـ2) «إسرائيل» وتعطيش المنطقة العربية(1ـ2)
نصيب الفرد في العالم العربي من المياه يعادل 1 - 7 من المعدل العالمي
د. محمد بن ابراهيم البريثن (*)

  تغطي المياه 70% من الكرة الأرضية التي تبلغ مساحتها 510 مليون كيلومتر مربع منها حوالي 149 مليون كيلو متر مربع تمثل اليابسة. ومياه المحيطات تمثل أكثر من 97% من إجمالي المياه على الكرة الأرضية الذي قدر بحوالي 4 ،1 مليار كيلومتر مكعب أما الباقي وهو أقل من 3% من ذلك فيمثل المياه العذبة من المياه الجوفية والسطحية بما في ذلك رطوبة التربة والأغطية الجلدية والبحيرات والأنهار والغلاف الجوي.المياه على الكرة الأرضية وفي جوفها تعتبر نظاماً متكاملاً يسلك دورة هيدرولوجية عناصرها التبخر والأمطار والجريان السطحي والجوفي وتسرب المياه إلى جوف الأرض وعلى سطحها إلى البحار ولا تمثل المياه الجوفية من إجمالي مياه الكرة الأرضية أكثر من 7 ،0% بينما ما هو على شكل ثلوج وجليد يقدر بحوالي 15 ،2% من الإجمالي ما يماثل المياه السطحية فهو أقل من 017 ،0% من هذه الإحصائيات
والتقديرات نرى أن المياه العذبة متمثلة في الجوفية والسطحية يقدر ب 87 ،2% وبالحجم فان ذلك يبلغ 38 مليون كيلومتر مكعب «1 كم3 = مليار متر مكعب»، يعتبر جزءاً كبيراً منها متجدداً نتيجة لهطول الأمطار وتسربها إلى جوف الأرض على شكل مياه جوفية وجريان هذه الأمطار على السطح على شكل أنهار وبحيرات إضافة إلى ما يتجمد في الأقطاب وتتميز هذه المياه بنوعية جيدة مقارنة بنوعية مياه البحار والمحيطات التي قد تصل إلى 50 ألف ملجم في اللتر. وقد أضافت التقنيات الحديثة استغلال هذه النوعية عالية الملوحة للاستهلاك الآدمي من خلال محطات التحلية بكافة أنواعها.
نعود إلى إلقاء نظرة على الدورة الهيدرولوجية حيث انها من الأساسيات التي تعطي فكرة عن سلوك هذه المياه وانها مصدر لكافة المياه المستخدمة على الكرة الأرضية معتمدة هذه الدورة بعد الله على الشمس والجاذبية فحرارة الشمس تعمل على تبخر المياه من المحيطات ويتكثف هذا البخار ويهطل جزء منه على المحيطات وجزء آخر تسوقه الرياح إلى اليابسة ومن ثم يهطل على شكل أمطار وثلوج.
وتقدر كميات المياه من المحيطات على شكل بخار بحوالي 425 ألف كيلومتر مكعب يعود على شكل أمطار فوق المحيطات أكثر من 385 ألف كيلومتر مكعب أما الباقي فكما ذكرنا سابقا تسوقه الرياح باتجاه اليابسة ليعود عليها على شكل أمطار وثلوج.
أما اليابسة فيتبخر منها حوالي 60 ألف كيلومتر مكعب تعود على شكل أمطار وثلوج أيضا على اليابسة تسلك هذه المياه مسالك عدة على سطح اليابسة فمنها ما يتم إعادة تخبره ومنها ما يمثل الجريان السطحي والتسرب في جوفها مغذياً الطبقات الجوفية.
مما سبق نرى أن الميزان المائي على الكرة الأرضية انحصر في التبخر والتكثيف ومن ثم الأمطار وان هذه الكميات متوازنة أي أن كميات المياه المتبخرة من المحيطات واليابسة تعادل الكميات الهاطلة على شكل أمطار وثلوج عليهما وتقدر الإحصاءات والمراجع ذلك بكميات تزيد أو تقل قليلا عن 485 كيلومتر مكعب في العام الواحد ولإيضاح ذلك فانه يمثل بحيرة مربعة الشكل طول ضلعها حوالي 700 كيلومتر وعمقها كيلومتر واحد.
المنطقة العربية تقع في النطاق القاري من الكرة الأرضية الذي يتميز بانخفاض في معدلات الأمطار السنوية وارتفاع في معدلات التبخر وكذلك الزيادة المضطردة في النمو السكاني والحضري وبالتالي ازدياد الطلب على المياه سنة بعد أخرى.
المنطقة العربية قدر إجمالي مواردها المائية «1996م» بحوالي 275 مليار متر مكعب وبنصيب للفرد لا يتجاوز 1000 متر معكب في العام مقارنة بالمعدل العالمي حوالي 7 آلاف متر مكعب، أكثر من 70% من المياه العربية يرد من مصادر خارج الوطن العربي، تمثل الموارد التقليدية «السطحية والجوفية» حوالي 95% أما الباقي فعبارة عن مياه غير تقليدية «مياه تحلية صرف صحي وزراعي» وفيما يخص الطلب على المياه فان القطاع الزراعي وعلى مستوى الوطن العربي يمثل 87% وما تبقى فهو لأغراض الشرب والصناعة.
ويعتبر المستثمر من إجمالي المياه المتاحة أكثر من 70% أي ما يعادل 600 متر مكعب في السنة للفرد الواحد بينما يفقد حوالي 20 مليار متر مكعب سنوياً ويعود ذلك إلى الظروف المناخية والاعتماد على الري التقليدي الذي يمثل نسبة كبيرة في القطاع الزراعي في الوطن العربي باستثناء بعض الدول التي اعتمدت على التوسع في استخدام التقنيات الحديثة في الري مما رفع كفاءة الاستخدام.
وتشير التوقعات إلى أن الطلب على المياه في الوطن العربي سوف يزداد سنة بعد أخرى وقدر إجمالي الطلب لعام 2020 بأكثر من 360 مليار متر مكعب يمثل القطاع الزراعي ما نسبته 88% أما ما هو للأغراض البلدية فانه حوالي 7% تليه الأغراض الصناعية بما يعادل 5% وذلك نتيجة لتضاعف النمو السكاني.
المياه العربية واسرائيل
ما نراه اليوم من اقتحام موضوع المياه في عمليات السلام بين العرب واسرائيل تأكيد على النية المبيتة منذ القدم للاستيلاء على الأرض والماء وانه لا يمكن بأي حال من الأحوال فصلهما عن بعض إلا بالتنازل فقط وقد يكون هذا التنازل إما جزئياً أو كلياً لأحدهما أو كليهما وهذا بالطبع ما تريده «اسرائيل» التي حققت نسبة كبيرة منه.
قبل قيام اسرائيل واحتلالها لأرض فلسطين العربية بعقود عدة وعن طريق الحركات الصهيونية التي عملت ولا تزال تعمل بنشاط كان من ضمن أولوياتها توطين اليهود في فلسطين وكانت نظرة التوطين بعيدة المدى بحيث تجاوزت نظرتهم الحصول على أرض وتأسيس دولة عن طريق الاغتصاب والقتل والتشريد، ولم تتوان الحركات الصهيونية في ارتكاب أبشع الجرائم لتحقيق الهدف الذي ينشدونه وهو جمع شتات يهود العالم على أرض فلسطين العربية، الماء كان أساسياً في المخططات اليهودية منذ القدم وكان ضرورة في بناء الكيان الصهيوني مما يجعل بناء وطن لليهود محصناً ضد أي مقاومة قد تقوم بها الدول العربية لمكافحة المد الاستعماري اليهودي.
لقد قامت الجمعية الملكية البريطانية في عام 1831م بالعمل على طمس الهوية العربية في أرض فلسطين وذلك من خلال التلاعب والتضليل في الصفحات التاريخية حيث شمل ذلك تغيير أسماء المدن والقرى العربية إلى أسماء يهودية ولم يتوقف عند ذلك بل تجاوزه إلى التركيز والتنبيه على أهمية مصادر المياه كضرورة أساسية لتوطين اليهود في فلسطين حيث تعاقد أحد الأثرياء اليهود مع الجمعية الجغرافية البريطانية للقيام بدراسة شاملة للأحوال المناخية والجغرافية والسكان لكافة بلاد الشام.عقد المؤتمر الصهيوني الأول في عام 1897م ومنذ ذلك الحين والحركة الصهيونية تكثف نشاطاتها وعزمها على ضرورة إقامة وطن قومي لليهود ولن نسترسل في تاريخ وبدائل التوطين التي كانت متداولة آنذاك في أوغندا والأرجنتين .. وغيرها.
كان من نتائج المؤتمر الصهيوني الأول أن تم الاتفاق على إنشاء صندوق توفير يهودي يخصص لتنمية وبناء القطاعين الزراعي والتجاري .. ومع مرور الزمن وخلال العقد الثالث من القرن العشرين وكما هو معروف تم تجهيز آلاف العوائل العربية من مدنهم وقراهم وكعادته لم يبخل الاستعمار أو الانتداب البريطاني «سمه ما شئت» في تقديم خدمات التهجيز وبالطبع عمليات الاستيطان.
واستيراد الشعب اليهودي لا بد له من توفير أحد أهم أساسيات الحياة واستمراريتها وهو الماء. وقد عمل ثيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية على جمع شتات اليهود الذين نبذتهم الشعوب في أوروبا وافريقيا وآسيا وغيرها وقل عمل من عرف بمؤسس الحركة الصهيونية وبذل جهودا جمة في سبيل تحقيق هدفه وهو إنشاء كيان صهيوني على أرض فلسطين المسلمة العربية ولم يتوان هرتزل في طرق كافة السبل والوسائل سواء عن طريق التودد والتوسل أو عن طريق الاستعطاف والرشوة لدى العديد من الحكومات والدول وفي مقدمتها انجلترا وتركيا وايطاليا وروسيا والنمسا وفرنسا وألمانيا.. وغيرها بل تجاوز ذلك مستوى الدول إلى تكثيف اتصالاته على مستوى الأفراد وخاصة ذوو الثروات الكبيرة وملاك ورؤساء البنوك والجمعيات.
وقد يتساءل البعض عما كان من اتصالات هرتزل مع تركيا الدولة المسلمة التي كانت فلسطين تحت امرتها آنذاك في ظل الدولة العثمانية .. لقد كان هرتزل يتحين الوقت متى ما مرت بتركيا ضائقة مالية ومن ثم يقدم خدماته ورغبته في تقديم الدعم المالي وذلك مساومة نظير الاستيطان في فلسطين وتجاوز ذلك أن وسط عددا من أصدقائه بانه على استعداد لتقديم ما يطلبه السلطان مقابل تحقيق هدفه وهو «وطن قومي لليهود في فلسطين» وكان ذلك مدخلا لزرع نبتة خبيثة في أرض الإسلام والعروبة وبعد جمع شتات اليهود فيها يتم تنفيذ الخطوة الثانية وهي تحقيق الحلم اليهودي بدولة أكبر تمتد حدودها من الفرات إلى النيل.
وتشير المصادر أن السلطان عبدالحميد قد رد على «نيولنسكي» وهو بولوني له صداقة بالسلطان وكذلك بهرتزل عندما وسطه هرتزل لدى السلطان فقال السلطان لينولنسكى «إذا كان هرتزل صديقك مثلما أنت صديقي فقل له ألا يخطو خطوة أخرى في سبيل هذه المشكلة يعني فلسطين لا أستطيع أن أبيع شبراً واحداً من هذه الأرض، لأن هذا الوطن ليس لي ولكن لشعبي. لقد حصل شعبي على الإمبراطورية بدمه الذي أراقه وقبل أن تنفصل فلسطين عنا فإننا سنغطي أرضها بدمائنا». «الصهيونية وتركيا».
إن اسرائيل ومطالبتها بالمياه العربية واستيلائها عليها بالقوة ليس حديثا إنما بدأ مع وضع المخططات الصهيونية في القرن التاسع عشر وما بعده وقد ربط هرتزل وجود اسرائيل بالمياه في قوله «وجود اسرائيل يتوقف على وجود الموارد المائية لتحقيق الخدمات لشعبها» وكرر ذلك أيضا في قوله «إن المؤسسين الحقيقيين للدولة اليهودية القديمة الحديثة هم مهندسو المياه» وقد وجهت الحركة الصهيونية مذكرة إلى مؤتمر «السلام» المنعقد في باريس عام 1919م مركزة على أن تكون فلسطين مائية. وبعد انهيار الإمبراطورية العثمانية خاطب ديفيد بن غوريون بريطانيا بقوله «إن أهم أنهار أرض اسرائيل هي الأردن والليطاني واليرموك .. ونحن بحاجة إليها».
وقد عارضت فرنسا ذلك وخاصة نهر الليطاني اللبناني ولم يكن ذلك حبا في العرب إنما كان لأغراض اقتصادية بحتة وضمان عدم جلب مشاكل اقتصادية لها في حال نقص المياه في لبنان مستقبلا الذي كان تحت الاستعمار الفرنسي.
وقد كان لبعض الشركات اليهودية محاولات جادة عام 1941م أساسها استغلال المياه اللبنانية وتحويلها إلى فلسطين مقابل تقديم بعض الخدمات إلى لبنان إلا أن الرئيس اللبناني آنذاك عارض أي محاولة لمثل هذه المشاريع وقد بدأت الاقتراحات والمشاريع والمخططات من جهات أخرى كبريطانيا وأمريكا تمثلت في مشروع روتنبرج في 1924م بامتياز استثمار مياه نهر الأردن جميعها لتوليد الكهرباء في فلسطين وأقيم لهذا الغرض سد على نهر اليرموك وبالطبع كان الهدف الرئيسي هو الاستحواذ على المياه والأرض إلا أن هذا المشروع أنهته حرب عام 1948م.
وقد بذلت اسرائيل كل ما في وسعها وحشدت طاقاتها السياسية والعسكرية في سبيل الاستحواذ على كافة الموارد المائية والعمل على تحقيق جعل حدودها مائية كما كان مخططاً لها مسبقاً وبالطبع قامت بإيهام المجتمع الدولي وجره إلى الاقتناع بأن مشكلة المنطقة وحلها مرتبط بحل مشاكل المياه المزعومة وتسابقت الآراء والاقتراحات من الغرب في سبيل إرضاء الجانب اليهودي فيما يخص المياه، ولا يضاح بعض من هذه الآراء والاقترحات نورد نماذج وأمثلة من بعض ما كان يحاك ضد العرب قبل وبعد قيام «اسرائيل» في سبيل حرمان العرب من حقوقهم ومكافأة الصهيونية على اعتدائها وتشريدها لشعب عربي بأكمله وتوطين اليهود.ولأسباب سياسية قامت بريطانيا بإجراء دراسات لحوض نهر الأردن واستخدام مياه النهر لري أراضي الحوض عرفت بمشروع «إيونيدس» عام 1937م وانتهت هذه الدراسة بإمكانية ري أراضي الغور الشرقي وتخزين الفائض من المياه من اليرموك في بحيرة طبريا ومن ثم الاستفادة من هذه المياه بشق قناة موازية لقناة الغور الغربية وشملت الدراسة بعض الكميات الواردة من مجاري الأودية والآبار في منطقة الحوض.
إلا أن مشروع «إيونيدس» لم يتفق وطموحات الصهيونية المائية المتمثلة في جر مياه نهر الأردن كاملة وعبر قنوات إلى صحراء النقب الذي يمثل أحد الأهداف الرئيسية حيال استيعاب ملايين اليهود المهجرين من العالم وتوطينه في فلسطين وقد قدر عددهم بأكثر من أربعة ملايين يهودي.
أما الضفة الغربية فلم تتوان «اسرائيل» وبعد احتلالها بشهرين بالعمل على عسكرة المياه في الضفة الغربية وتجميد مؤسسة المياه الفلسطينية فيها التي كانت تتولى شؤون المياه قبل الاحتلال «1967م» ونظرا لأهمية المياه فقد كلفت وزارة الحرب الاسرائيلية »وليس الدفاع،،» الحاكم العسكري بالتركيز على المياه وما يستهلكه العرب منها.
ومن ثم تولت مؤسسة يهودية شؤون المياه في الضفة. وقد عملت «اسرائيل» قوانين وعقوبات فيما يخص المياه واستخدامها من قبل العرب فمنعت الزراعة المروية وكذلك حفر الآبار والتشجير وخفض كميات المياه للعرب وتحويل الفارق إلى الجانب اليهودي وتشجيع الاستيطان وتكثيف الجهود فيما يخص دعم المزارع المستوطن اليهودي على حساب صاحب الحق الأصلي وهو المواطن الفلسطيني وتم شق القنوات وحفر الآبار وتطبيق التقنيات الحديثة في الحفر والضخ والتخزين ومن ضمن هذه التقنيات أن قامت بحفر بئر عميقة تصل حوالي ألف متر وبقطع 3 أمتار يصل إنتاجه إلى حوالي 600 لتر في الثانية وهذا المعدل يفوق بأضعاف معدلات الإنتاج العادية وقد أدى ذلك الى التأثير على الآبار في المنطقة وخفض منسوبها وبالتالي تدني جدواها الاقتصادية والهدف بالطبع هو الضغط على المزارع الفلسطيني بهجر مزرعته والتضييق عليه وقد ادى ذلك ايضا الى نقص شديد في امدادات المياه. ومع الزمن نجد الآن ان الضفة الغربية لا يتجاوز استهلاكها 20% من مياه الضفة ويعود ذلك الى تعسف «اسرائيل» تجاه المواطن الفلسطيني ومنعه من زراعة ارضه وحفر الآبار وعدم السماح بصيانة الآبار القائمة او تعميقها وقد اثر ذلك على المردود مما اجبر المزارع الفلسطيني على الزراعة البعلية ونرى نسبة العاملين في القطاع الزراعي في تدني سنة بعد اخرى وفي منتصف الثمانينات الميلادية وصلت نسبتهم الى 27% بعد ان كان 43% في بداية السبعينات ولم يكن وضع المزارع الفلسطيني في غزة افضل من اخيه في الضفة الغربية وتعرض الى نفس الضغوط والاسلوب التعسفي مما ادى الى انخفاض نسبة المزارعين الى 15% في منتصف الثمانينات مقارنة ب31% في اوائل السبعينات وبالطبع شملت المضايقات للمزارع الفلسطيني اضافة الى ما ذكر بخصوص المياه وتوفرها ان اضافت «اسرائيل» الى ذلك حظرا على تسويق الخضراوات والفواكه ومنع بيع الاسمدة والكيماويات والبذور وكافة المدخلات الى مزارعي الضفة والقطاع. كل ذلك بهدف التهجير وبالتالي احلال المستوطن مكان المواطن العربي وافساح المجال امام خطط التوطين من خلال استيراد شعب يهودي يحظى بخدمات كبيرة يفتقر المواطن الاصلي اليها بل وحرم منها.
انه من المفيد استعراض وبشكل موجز بعض المخططات والمشاريع حول المياه العربية منذ عهد الاحتلال البريطاني.
* مشروع Rutenburge وهو روسي يهودي اسس عام 1926م شركة ادعى انها لغرض توليد الكهرباء وبالتالي منح حقوق الامتياز لمياه نهري الاردن واليرموك.
* مشروع Ionides لاستثمار نهر الاردن «1937م» واساسياته تمثلت في تحويل مياه نهر اليرموك الى قناة شرق الوادي وتخزين الفائض في بحيرة طبرية مع ضرورة التعاون مع المشروع السابق وهو روتنبرغ.
وأشار ايونيدس الى ان الموارد المائية في المنطقة لا تكفي لإنشاء دولة يهودية وهذا لا يتفق مع طموحات اسرائيل.
* مشروع Lowdermilk وهو مهندس امريكي اصدر كتابا «ارض الميعاد» .. في فلسطين 1944م كلف من قبل احد المنظمات الصهيونية باجراء دراسة مائية معارضة لما ذكره Ionides في دراسته من ان الموارد المائية لا تكفي لانشاء وطن يهودي في فلسطين وبالفعل اقترح من ضمن مقترحاته امكانية توفير المياه لاغراض عدة وما يكفي لتوطين 4 ملايين مهاجر يهودي اضافة الى السكان الحاليين آنذاك. وقد ضمن في مشروعه مياه نهر الليطاني اللبناني المنبع والمصب.
* مشروع Hays في عام 1945م وقد كلف هذا المهندس الامريكي باعداد الخطط التفصيلية لمشروع Lowdermilk وقد اضاف بعض الافكار لمخطط لودر ميلك اشتملت على استخدام المياه الجوفية والانهار السورية واللبنانية لري بعض المناطق في فلسطين المحتلة كما رأى اهمية ضخ مياه البحر الابيض الى البحر الميت.. عن طريق شق قناة والاستفادة من فارق الارتفاع عن سطح البحر في توليد الطاقة.
نرى ان المخططات والمشاريع السابقة جميعها كانت قبل قرار «الامم المتحدة» بتقسيم فلسطين وجميعها تحضيرية لما بعد الاستعمار البريطاني وقد استفادت «اسرائيل» من هذه المشاريع والمخططات بعد 1948م واستخدمتها كمداخل لأي موضوع مائي مع دول المنطقة وخاصة مشروع Lowdermilk-Hays لودر ميلك - هيس - ثم توالت المشاريع سواء دراسة او تنفيذ وذلك بعد قيام «اسرائيل» وبالطبع لم يتطرق قرار تقسم فلسطين الى موضوع المياه رسميا انما اسرائيل اعتمدت على دراساتها ومشاريعها السابق ذكرها وبنت عليها احقيتها في مياه انهار الاردن والليطاني والحاصباني وبانياس والدان وبحيرة طبرية والمياه الجوفية وكافة المصادر ولكن ذلك يتعارض تماما والتوجهات العربية وبرزت بعض الخطط العربية مع منظمة «الأنروا» لاعادة توطين المهجرين من ارض فلسطين السليبة فقام ماكدونالد Macdonald في عام 1950 بدراسة اقترح فيها تحويل نهر اليرموك الى بحيرة طبرية وتطوير الري على الضفتين وفي عام 1952م مولت «أنروا» مشروع دراسة قام بها Bunger وخلص الى امكانية بناء سد المقارن على نهر اليرموك ولكن اسرائيل عارضت ذلك الا بنصيب من مياه نهر اليرموك «نهر اليرموك نهر عربي على حدود سوريا والاردن» وقد سحبت امريكا حصتها في تمويل السد وتلاها ايضا انروا ارضاء «لاسرائيل» بعد ذلك ظهر مشروع مين Maine عام 1953م وهو مهندس امريكي واوصى في مشروعه بانشاء سد على نهر الحاصباني وضخ المياه الى فلسطين المحتلة «اسرائيل» لاغراض الطاقة كما اوصى بتحويل الانهار اللبنانية والسورية الى «اسرائيل» لاغراض الري وكذلك انشاء سد لتحويل مياه اليرموك الى بحيرة طبرية. وقد عارض الجانب العربي هذا المشروع نتيجة تجاهله لابسط الحقوق العربية في المياه، وقد درست الجامعة العربية هذا المشروع من الناحية الفنية واعترضت على ما خصص للعرب سواء من الناحية الكمية او النوعية وعدم تخصيص كميات من المياه للبنان وضآلة ما خصص لسوريا حيث انهما المغذيان الرئيسيان للانهار واحواضها وشددت الدول العربية على المبادىء التي شملتها تقارير ايونيدس وماكدونالد وبونجر السابق ذكرها - التي تتفق على ضرورة استخدام النهر داخل حوضه اضافة الى معارضة التخزين المقترح في بحيرة طبرية وشددت الدول العربية على اعتبار لبنان طرفاً في نظام نهر الاردن بالتالي فله نصيب من القسمة.
وقد اعتمدت اسرائيل على مشروع لودر ميلك - هيس بعمل خطة «السنوات السبع» «1953 - 1960م» وتمثلت خطة السنوات السبع في استخدام بحيرة طبرية للتخزين وتضمين نهر الليطاني كمورد مائي واستخدام النهر خارج حوضه اضافة الى العمل على وصل البحرين الابيض والميت ببعضهما عن طريق قناة اطلق عليها «قناة البحرين».
ثم ركزت «اسرائيل» على موقفها من مشروع Maine واكدت ذلك من خلال مشروع المهندس الامريكي John Cotton عام 1954م الذي اعده بناء على طلب من حكومة «اسرائيل» الذي يطالب فيه بحوالي 1300 مليون متر مكعب سنويا من مياه نهر الأردن اضافة الى وجوب تقاسم مياه نهر الليطاني بين «اسرائيل» والعرب شكل «5»، شكل «6» عمل كوتون على هندسة ناقل المياه القطرية حيث اشرف على دراساته خلال عمله في «اسرائيل» لمدة خمس سنوات من 1950م ولأهمية هذا المشروع لعل من يسأل عن عناصره ومصادر مياهه واتجاهها وللاجابة على ذلك فإن المشروع يعنى بامداد المياه الى صحراء النقب مرورا بالساحل حيث تضخ المياه من بحيرة طبرية «اكثر من 200متر تحت مستوى سطح البحر» وبالطبع هناك بنية اساسية تتمثل في المضخات والقنوات ذات الاقطار التي يصل بعضها الى 3 امتار اضافة الى خزانات وانفاق.. وغير ذلك وقد نفذ على مراحل اكتملت عام 1964م، واعتمد على مصادر المياه العربية من بحيرة الحولة وطبرية وتحويل نهر الاردن ويقدر ما ينقله هذا المشروع بأربعمائة وخمسين مليون متر مكعب سنويا.
قدم جونستون Johnston مشروعه تحت مسمى «مشروع الانماء الموحد» واشار الى تعاقد وكالة غوت اللاجئين «UNRWA» معه بهذا الخصوص لغرض توطين اللاجئين الفلسطينيين الذين طردوا وشردوا من اراضيهم بدأ جونسون Johnston «1953م» مشروعه من خلال مقترحات لاستغلال نهر الاردن اعتمد في ذلك على الدراسات السابقة وعلى وجه الخصوص ما يخدم اسرائيل معتمدا على مشروع Maine «Clapp» الذي ركز فيه على تحويل الانهار العربية الى اسرائيل كما ركز جونستون على تجفيف الحولة واستصلاح اراضيها وتشجيع المستوطنين على استثمار هذه الاراضي ذات الخصائص الملائمة للزراعة من خصوبة في الارض وتوفر في المياه اضافة الى موقعها الاستراتيجي والذي يقع حول ملتقى حدود الدول العربية الاربع «فلسطين، الاردن، سوريا، لبنان» بعد ان اعد جونستون دراسة كلف من قبل الرئيس الامريكي آنذاك «أيزنهاور» كمبعوث شخصي لزيارة المنطقة وشرح مشروعه لدول المنطقة. لم تأبه اسرائيل بما عرضه جونستون وخاصة ما يتعلق بالاقتراح العربي بالمشاركة في بحيرة طبرية لذلك استمرت اسرائيل في استئناف مشروعها لتحويل المياه من بحيرة طبرية الى صحراء النقب وبالتالي تحقيق اهداف الخطة السبعية وهي ايصال ملايين الامتار «450 مليون متر مكعب» والاستحواذ على مياه البحيرة الى صحراء النقب.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved