تقرر قواعد العقل والمنطق انه لا يمكن الخوض في تحديد ما إذا كان أمر ما ملائماً أو غير ملائم، من حيث إيفائه بمتطلبات المرحلة أو تحقيقه لميزات معينة، إلا بعد الفصل أوليا في قضية مهمة ألا وهي: مدى مشروعية هذا الشيء؟.
فإن تيقنا مشروعيته، صرنا إلى مناقشة مدى ملاءمته. أما إن ظهر انه غير مشروع فانه من غير الممكن حتى مجرد طرح فكرة الملاءمة، فما ليس مشروعاً، لا يمكن أن يكون ملائما.
ولأن المشروعية هي الخطوة الأولى، يأتي هذا الطرح لمناقشة السؤال:
هل المربع الذهبي مشروع من الناحية القانونية؟ وذلك من حيث اتساقه مع قواعد القانون ومتطلبات العدالة. وهنا يأتي الطرح لمناقشة الموضوع من خلال الآتي:
أولا الوضع الحالي:
تقوم فكرة المربع الذهبي على أن الفرق تتسابق فيما بينها لتحديد مراكزها ضمن سلم دوري المنافسة، لتدخل الفرق الأربعة الأولى في مسابقة جديدة يتم بعدها تحديد بطل المسابقة.
ثانيا مدى اتساق هذه الفكرة «المربع الذهبي» مع قواعد العدالة والقانون:
1 العرف الدولي «International Convention».
يعد العرف «Convention» أحد أهم مصادر القانون عموماً بكل فروعه.
والمقصود بالعرف هنا: القواعد والعادات المقبولة قانوناً، غير المكتوبة، المستقرة، والمتفق على استعمالها لفترة طويلة نسبياً من غير مخالفة.
وأهمية العرف تأتي من كونه يقدم حلا للفراغ التشريعي، إضافة إلى اعتماد التشريعات عليه صراحة كقاعدة قانونية تفسر النصوص، أو تحكمها أصالة وتتميز الرياضة عموماً وكرة القدم خصوصا عن غيرها من مجالات الحياة من جهة أن القانون الدولي من خلال الاتحادات الدولية هو الذي يحكم أكثر تفصيلاتها، وهامش تحرك الاتحادات المحلية محدود جدا.
وعند تحليل المسابقات المستقرة دولياً نجد أنها تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: مسابقات النقاط «المسابقات طويلة النفس».
وفيها تقوم الفرق بجمع النقاط، ويعد بطلاً للمسابقة الفريق الذي يجمع أكبر عدد من النقاط، وهذه هي مسابقات النفس الطويل.
القسم الثاني: مسابقات خروج المغلوب «المسابقات قصيرة النفس»..
وهي التي تعتمد فكرة خروج المغلوب، فيعد بطلا للمسابقة الفريق الذي ينتصر في جميع مراحل المسابقة، وهذه مسابقات النفس القصير.
هذه هي فكرة المسابقات من حيث تطبيق كل دول العالم لها على مسابقاتها المحلية، حيث الأولى مسابقة الدوري، والثانية مسابقة الكأس.
وبإسقاط فكرة المربع الذهبي على الوضع المستقر دولياً نجد أننا أمام خروج عن الوضع المستقر دولياً، ذلك لأننا نخالف العرف الدولي باستحداث مسابقة لا تصدق على أي من الوضعين المستقرين دولياً. ولا يمكن قياسها على مسابقات التجمع «كأس العالم مثالاً» باعتبار الأخيرة تجمع عناصر من مناطق مختلفة من العالم، وتعاني من عدد المشاركين الكبير، ووقت المسابقة الضيق، هذا بالإضافة إلى أنها «البطولة التجمعية» في أصلها مسابقة نفس قصير، تستعمل فكرة النقاط فيها لفترة محدودة جدا.
2 تأثير هذه الفكرة «المربع الذهبي» على تمثيل السعودية خارجياً:
من خلال الوضع الحالي يوجد احتمالان لمن يمثل السعودية خارجياً في مسابقات الدوري.
الاحتمال الأول: أن يكون الممثل هو الذي فاز بالمركز الأول في الدوري وتحصل على كأس المربع.
ومع هذا الاحتمال نكون قد أخضعنا ممثلنا لوضع مجهد ومرهق زيادة عن الأوضاع التي خضعت لها الفرق التي تشاركه البطولة نفسها دولية كانت، قارية، أو إقليمية، مع عدم المبرر لذلك. فكل الفرق انتهت عند حد معين في حين ممثلنا أضيفت عليه مرحلة جديدة.
الاحتمال الثاني: أن يكون ممثلنا هو الحائز على الكأس لكنه لم يكن هو الذي حاز المركز الأول في المسابقة، كأن يكون الثاني أو الثالث أو الرابع فيها.
ومع هذا الاحتمال تظهر السلبيات التالية:
أ أننا أبعدنا الممثل الذي حقق نفس الشروط التي حققتها الفرق المشاركة الأخرى .
ب أننا قد ندفع فريقا للمشاركة على الرغم من عدم تحقيقه أكثر النقاط في المسابقة، حتى لو أضيفت اليه نقاط مباريات المربع، فتكون الفرق الأخرى قد حققت أعلى النقاط وعلى هذا الأساس مثلت في حين أن ممثلنا لم يكن كذلك.
وإذا كان للاتحادات المحلية أن تختار أسلوب تحديد ممثليها، لكن هنا تساؤلان مهمان:
هل يجوز الخروج على قواعد قانونية، مستقرة تطبيقاً، ومجمع عليها دولياً ؟.
هل يجوز إخضاع ممثلنا خارجياً لأسلوب تأهيل إضافي مرهق؟.
ثانيا: أثر التعديلات على ما يجب أن تتميز به القواعد القانونية من دوام واستقرار:إن أهم ما يؤكد نجاح العملية التنظيمية «تشريعاً، لوائح، أفكاراً» هو قابليتها للتطبيق في الواقع بشكل مستمر ودائم مدة طويلة من غير تعديلات عليها. فإذا ما أخضعت إلى تعديلات كثيرة فإننا نصبح أمام مخلوق مختلف تماماً، أو مسخ غير قابل للتعامل معه.
وإذا ما نظرنا إلى فكرة المربع فإننا نجد أننا أمام فكرة قد أخضعت للعديد من التعديلات عليها، بما جاوزت عمر تطبيقها، مما يورث التساؤل عما إذا كنا أمام مربع حقيقة؟!!.
ففي البداية كانت الأندية الأربع الأولى في الترتيب، تتسابق بنظام الذهاب والإياب، الأول مع الثالث، والثاني مع الرابع. والقرعة هي التي تحدد ملاعب الذهاب والإياب.ثم عدل هذا الوضع، فاختصرت المسابقة إلى دور واحد، يحدد الملعب فيه بالقرعة، ويلعب الأول مع الثالث والثاني مع الرابع..ثم عدل مرة أخرى، وأعيد الوضع إلى دورين ذهاب وإياب، على أن يلعب الأول مع الثالث والثاني مع الرابع. مع إعطاء الأول والثاني ميزة اللعب إياباً على أرضهما.
ثم عدل الوضع هذا، ليلعب الأول مع الرابع والثاني مع الثالث مع استمرار الذهاب والإياب، وميزة الإياب للأول والثاني.
ثم عدل هذا الوضع مرة أخرى، فأعطي الأول ميزة التأهل التلقائي باعتباره الأول، إلى بطولة مجلس التعاون، بغض النظر عن مسابقة المربع.ثم عدل هذا النظام، فأعطي الأول ميزة التأهل التلقائي إلى المباراة النهائية على كأس الملك من غير مرور بمنافسات المربع، على أن يلعب الرابع مع الثالث على أرض ا لثالث، والفائز مع الثاني على أرضه.
وعندما نتأمل هذه التعديلات نخرج بالتصورات التالية:
1 كثرة التعديلات عليه الأمر الذي يخدش مصداقية المسابقة ويصفها بالعيب.
2 التخبط غير المعقول الذي أدى لوجود هذه المسابقة، والتعديلات عليها.
3 تحول المربع إلى كائن مختلف كلياً عن ذلك الذي وجد أولاً.
فإذا كانت فكرة المربع جاءت لوجود أربعة فرق تتنافس فيما بينها كل فريقين مع بعضهما، فما هو مبرر وجود الرابع بعد التعديل الأخير؟!!! وذلك ان وجود الرابع أصلا لتوفير فريق يلاعب صاحب المركز الأول. وإذا كان الأول قد تأهل أصلاً فلماذا يوجد الرابع ؟!!!!.
وإذا كان العقل والمنطق يفرضان إخراج الرابع، فما هو مبرر لعب الثاني مع الثالث، في مسابقة اتفقنا على تأهل الأول عنها ؟؟؟!!!.
4 يوجد تأنيب ضمير، وشعور لدى مبتدع هذه الفكرة بانها ظالمة ويظهر هذا في المميزات الكثيرة التي أعطيت لصاحب المركز الأول، فأولاً أعطي ميزة اللعب على أرضه إياباً، ثم أعطي ميزة اللعب مع الرابع بدل الثالث ثم تم تأهيله مباشرة لبطولة خارجية، وبعدها أعطي ميزة التأهل المباشر إلى المباراة النهائية.
كل هذه التعديلات تجعلنا نعتقد بشعور واضع هذه الفكرة بعدم عدالتها والظلم الذي توقعه على الفريق الأول.
الرأي
فكرة المربع الذهبي فكرة غير مشروعة، ومناقضة لمبادئ القانون ومعطيات العدالة.
شيكاجو، أمريكا
|