تتمحور اتصالات عربية عدة باتجاه العمل على تجنب الحرب التي تتزايد حشودها ووسط هذه التحركات النشطة يبرز بوضوح الدور المحوري للمملكة التي استضافت عدداً من زعامات المنطقة، وجسدت اهتمامها بهذا الشأن من خلال دعوة سمو ولي العهد إلى لمِّ الشمل، وكشف مؤخراً عن أن المملكة وضعت تصورات لعقد قمة عربية تأخذ على عاتقها مسؤولية توحيد الصف العربي والإسلامي.
ومن الواضح أن خيار الحل السلمي بالحوار هو العنصر الأساسي في هذه الجهود مع التأكيد من قبل المملكة على ضرورة إعطاء الاعتبار لمطلب عربي يؤكد على اتاحة الفرصة للحوار حتى لو صدر قرار من مجلس الأمن الدولي بشن الحرب.
لقد وجد العرب والمسلمون في دعوة سمو ولي العهد إلى لمِّ الشمل وتصوُّر سموه لقمة عربية انعكاساً لما يجيش في نفوسهم من ضرورة القيام بعمل شيء ازاء هذا التحرك المحموم باتجاه الحرب وأهمية رص الصفوف لمواجهة الأخطار الأخرى المحدقة بالعرب والمسلمين بما في ذلك الحملات الجائرة على الإسلام.
إن حواراً داخلياً بين أبناء الأمة أمر أساسي قبل الانتقال لطرح المرئيات على الآخر، ومن الطبيعي أن يشمل الحوار هنا الاتصالات بين العرب بما في ذلك المساعي المبذولة مع العراق، ومن المهم جداً، وأمر الحرب يهم المنطقة، أن يكون لأهلها كلمة مسموعة تعكس مواقفهم، ومن هنا تأتي مشروعية المطالبة بإفساح المجال أمام الحوار حتى ولو صدر قرار دولي بالحرب.
إن رأياً عاماً يتبلور بهذا الصدد، فعلى الصعيد العربي تتكثف الاتصالات التي تشهد المملكة جانباً منها، وعلى الصعيد الإقليمي تتجاوب دول مثل تركيا وإيران مع ما هو مطروح عربياً بضرورة تجنب الحرب..
والحاجة ماسة لتطوير التوجه الرافض للحرب ليشمل إلى جانب العرب والمسلمين أطرافاً دولية أخرى في أوروبا بحيث تسفر الجهود عن آليات للعمل وضغوط حقيقية.. ويبقى من المهم دائماً قبل ذلك أن يتحقق هدف لم الشمل العربي الإسلامي. ففي ذلك، إلى جانب امكانية ظهور الصوت الواحد، خطوة هامة من أجل النظر بموضوعية إلى المهددات ومراجعة الإخفاقات الناجمة عن التشتت وغياب التنسيق، واستعراض تداعيات الأحداث الأخيرة على الساحة الدولية بما في ذلك اعتداءات سبتمبر وتمعن تلك الافرازات التي أحدثت واقعاً جديداً ونبهت إلى الاخطار التي تهدد العرب والمسلمين كما نبهت إلى حتمية ترتيب البيت العربي الإسلامي ليأتي خطاب هذا البيت متسقاً مع الواقع ومتناسقاً وقوياً بما يعطيه قوة الاقناع الكافية ليستطيع تحقيق التطلعات وابداء وجهات النظر تجاه ما يجري..
على أن الأمر لا يرتبط دائماً بسنوات وعقود للوصول إلى تلك الحالة المثلى لأن دقة الظروف وسخونتها تستوجبان اللجوء إلى تعاليم ديننا الحنيف ففيها كل ما يعين على التعاطي والتعامل مع التحديات، على أن استمرار التقارب والتعاون أمر مطلوب دائماً على المدى البعيد وحالياً، ففي الاستمرار نماء لذخيرة التعاون وتراكم للتجارب الخيِّرة ومواكبة لفضيلة العمل المشترك الذي حقق الآخرون من خلاله قفزات كبرى في مجالات البناء والنماء.
|