Wednesday 15th January,2003 11066العدد الاربعاء 12 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ملامح النهضة الصناعية بمنطقة المدينة المنورة في عهد خادم الحرمين الشريفين ملامح النهضة الصناعية بمنطقة المدينة المنورة في عهد خادم الحرمين الشريفين

مدخل
في 21 من شهر شعبان عام 1402هـ الموافق 13 يونية عام 1982م تمت مبايعة صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن عبدالعزيز آل سعود ملكاً للمملكة العربية السعودية، خلفاً لجلالة الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود، فكان خير خلف لخير سلف، ودخلت المملكة منذ ذلك اليوم مرحلة تاريخية سعودية جديدة تحقق خلالها الكثير من الإنجازات، وارتفعت شواهد البناء في كل مكان، وشمل النماء كل مجال، وتحولت المملكة إلى دولة عصرية أصبحت تضاهي في تجهيزاتها الأساسية والكثير من مشروعاتها التنموية العديد من الدول المتقدمة.
وبادىء ذي بدء لابد من الإشارة هنا إلى أن خطط التنمية الخمسية للمملكة أولت التصنيع أهمية خاصة كآلية أساسية لتنويع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني، لذلك أسفرت جهود قيادتنا الرشيدة خلال خطط التنمية الست السابقة عن مضاعفة الناتج المحلي المتولد في القطاع الصناعي بمعدل (8%) ثمانية في المائة في السنة في المتوسط، وهو معدل يؤكد ارتفاعه جدية توجه الدولة نحو التصنيع.
وقد قفز عدد المصانع القائمة فعلاً خلال هذه الفترة في المملكة إلى نحو (3400) مصنع، تقدر جملة استثماراتها بحوالي (240) مليار ريال، ويعمل بها أكثر من (315) ألف عامل.
أما في منطقة المدينة المنورة، فقد بلغ عدد المصانع نحو مائتي مصنع، تقدر جملة استثماراتها بأكثر من (50) مليار ريال، ويعمل بها نحو (30) ألف عامل.
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ، تحققت لمنطقة المدينة المنورة عموماً نهضة صناعية سريعة غير مسبوقة، يمكن تلخيص أبرز ملامحها في الإنجازات الرئيسية التالية:
1 - إنشاء المجمع الطباعي الضخم بالمدينة.
2 - إيجاد وتطوير القلعة الصناعية العملاقة بينبع.
3 - تأسيس المدينة الصناعية بالمدينة المنورة.
4 - تكثيف استكشافات الخامات الصناعية بالمنطقة.
هذه الإنجازات بالإضافة إلى المزايا والتسهيلات والحوافز ووسائل الدعم والمساندة الأخرى التي تزايد الاهتمام بتقديمها للاستثمار في القطاع الصناعي بالمملكة عموماً، ساهمت في إرساء قاعدة قوية لنهضة صناعية شاملة لمنطقة المدينة المنورة، وفيما يلي عرض سريع لأهم ملامح هذه الإنجازات.
أولاً: إنشاء المجمع الطباعي الضخم بالمدينة المنورة:
تعد الطباعة فرعاً من أهم فروع الصناعة التحويلية (الفرع الصناعي رقم 34 حسب التصنيف الصناعي القياسي الدولي ISIC التابع للأمم المتحدة).
ويعتبر مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف أكبر مجمع طباعي، ليس في المملكة فحسب، ولكن على مستوى العالم العربي والإسلامي، وقد افتتح خادم الحرمين الشريفين بنفسه هذا المشروع الإسلامي الكبير في شهر صفر من عام 1405هـ، ويمكن تلخيص أبرز جوانب هذا المشروع الهام في النقاط الرئيسية التالية:
1 - مساحة المشروع: 250 ألف م2.
2 - الطاقة الإنتاجية: 10 ملايين نسخة من مختلف الإصدارات، مع 30 ألف نسخة مسجلة من القرآن الكريم في السنة، على أساس وردية واحدة، بالإضافة إلى ترجمات معاني القرآن الكريم إلى أكثر من عشرين لغة.
3 - عدد العاملين: 1800 شخص، من بينهم علماء القراءات، والكفاءات المتخصصة في اللغة، وفن الخط، والطباعة، والإدارة.
4 - الإشراف الإداري: معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف.
وقد أسست الدولة هذا الصرح الطباعي الهام إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين للعناية بطباعة كتاب الله صحيحة ومدققة، وتوزيعه على المسلمين في جميع أنحاء العالم.
وحتى الآونة الأخيرة تجاوز الإنتاج الفعلي للمجمع 135 مليون نسخة من القرآن الكريم، ووصل عدد الإصدارات التي أنتجها المجمع عموماً إلى أكثر من 60 إصداراً، موزعة بين مصاحف كاملة، وأجزاء، وترجمات، وتسجيلات، وكتب للسنة والسيرة النبوية، وغيرها.
وتتضمن الخطط المستقبلية للمجمع العمل على زيادة وتنويع إنتاجه الفعلي.
ثانياً: إيجاد وتطوير القلعة الصناعية العملاقة بينبع:
في شهر ربيع الآخر من عام 1403هـ، الموافق 3 يناير 1983م دشن خادم الحرمين الشريفين بنفسه افتتاح المشروعات العملاقة للغاز والبترول الخام التي نفذتها شركة أرامكو (وبترومين حينذاك) لتصبح شريان الحياة الحيوي للصناعات الثقيلة في محافظة ينبع بمنطقة المدينة المنورة.
وفي شهر رمضان من عام 1395هـ، الموافق سبتمبر 1975م صدر مرسوم ملكي بإنشاء هيئة ملكية برئاسة خادم الحرمين الشريفين فهد بن عبدالعزيز، الذي كان ولياً للعهد لتنفيذ خطة التجهيزات الأساسية اللازمة لإعداد مدينتي الجبيل وينبع كمدينتين صناعيتين، ويكون لهذه الهيئة شخصية معنوية وميزانية مستقلة يتم الصرف منها دون التقيد بإجراءات الصرف المتبعة في الأجهزة الحكومية.
وقد تطورت هاتان المدينتان، ولا سيما بعد تولي خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم في هذه البلاد، لتصبحا أهم قلعتين صناعيتين في المملكة. ومدينة ينبع الصناعية هي منطقة شاسعة مساحتها نحو 185 كيلو متراً مربعاً، تمتد على ساحل البحر الأحمر، وتقع على بعد 20 كيلو متراً من مدينة ينبع البحر، وقد تم تطويرها بحيث خصص ثلثا المساحة الإجمالية لأغراض صناعية على أساس منطقتين إحداهما للصناعات الثقيلة (بالقرب من البحر) والأخرى للصناعات الخفيفة والمساندة، (تقع في الداخل) بينما خصصت المساحة الباقية لأغراض سكنية.
ويضم الجزء الخاص بالأغراض الصناعية: المجمع المركزي للطاقة الكهربائية، والمياه، ومحطات معالجة مياه الصرف، وغيرها من مرافق التجهيزات الأساسية الرئيسية اللازمة للصناعة.
كذلك تتوفر بالمدينة الصناعية شبكة حديثة ومتطورة من خدمات الهاتف والطرق، بالإضافة إلى المساكن والمدارس والعيادات الطبية والمستشفيات، ويقدر عدد سكانها في الوقت الراهن بنحو 50 ألف نسمة، وعموماً يمكن تلخيص المكونات الأساسية لهذه المدينة الصناعية الهامة في العناصر الرئيسية التالية:
1 - شبكة الغاز والبترول الخام التابعة لمجمعات أرامكو البترولية، حيث تم تمديد خطوط أنابيب عملاقة تنقل البترول الخام والغازات الطبيعية المسيلة عبر مسافة تزيد عن 200 ،1 كيلو متر من مكامن البترول بالمنطقة الشرقية إلى مدينة ينبع الصناعية.
2 - مجمع مركزي لخدمات المرافق، بما فيها الكهرباء والمياه، ومعالجة مياه الصرف، ومحطات تبريد المياه، بالإضافة إلى شبكة متطورة للطرق والهاتف.
3 - منطقة الصناعات الأساسية والثانوية، مساحتها 14 كيلو متراً مربعاً مخصصة لإقامة مجمعات الصناعات الأساسية ومشاريع للصناعات الثانوية عليها، ويقوم في داخل هذه المنطقة حالياً ثمانية مجمعات صناعية أساسية، كلفة جملة استثماراتها 40 مليار ريال، ويتبع خمسة من هذه المجمعات شركة أرامكو بما فيها ثلاث مصافي تكرير، بينما يتبع مجمعات الصناعات الثلاث الأخرى للشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، كما تضم هذه المنطقة في الوقت الحاضر اثنتي عشرة صناعة ثانوية تقدر جملة استثماراتها بنحو 5 ،4 مليار ريال.
4 - منطقة الصناعات الخفيفة والمساندة، وتقع على مساحة 400 هكتار، وقد خصصت لإقامة مشاريع الصناعات الخفيفة والصناعات المساندة عليها، وتضم هذه المنطقة في الوقت الراهن 26 مصنعاً من الصناعات المساندة والخفيفة، تقدر جملة استثماراتها بنحو 900 مليون ريال.
5 - ميناء الملك فهد الصناعي: وهو ميناء ضخم مجهز بأحدث التجهيزات، ويتكون من سبع محطات بحرية و 25 مرسى ومرفأ للخدمات الملاحية والبحرية المساندة، ويستخدم الميناء في تصدير البترول الخام والغاز الطبيعي المسيل والمشتقات البترولية والمنتجات البتروكيمائية وغيرها من المنتجات، كما يستقبل المواد الخام المطلوبة للمناطق الصناعية.
6 - منطقة سكنية: بكامل تجهيزاتها الأساسية ومرافقها بما فيها المدارس، والكليات، والمساجد، والمستشفيات، والمراكز الطبية، والمرافق التجارية، والمنتزهات العامة، وبعض المرافق الترفيهية.
ومدينة ينبع الصناعية في تطوير مستمر، والصناعات القائمة فيها في توسع متواصل، والجهود تبذل لجذب واستقطاب المزيد من الاستثمارات في الصناعة بهذه المدينة.
وفي هذا الصدد فإنه بعد أن حققت نجاحاً عظيماً في إقامة الصناعات الهيدروكربونية والكيماوية اتجهت الهيئة الملكية للجبيل وينبع مؤخراً للتخطيط بصورة جيدة نحو توطين صناعات جديدة في مدينة ينبع الصناعية وذلك في مجال التعدين.
ثالثاً: تأسيس المدينة الصناعية بالمدينة المنورة:
بدأ اهتمام وزارة الصناعة والكهرباء بإقامة مدينة صناعية بالمدينة المنورة مع اهتمام الوزارة بإنشاء مدن صناعية بالمدن الرئيسية بالمملكة في أوائل التسعينيات من القرن الماضي وفي أواخر عام 1398هـ، حصلت الوزارة على أول موقع بالمدينة الصناعية بوادٍ كبير بمساحة ثلاثة ملايين متر مربع، زيدت فيما بعد بثلاثة ملايين أخرى، وبعد أن أخذت الوزارة في تطويرها طرأ تغير على مخطط آبار علي، حيث أدخل الموقع بموجبه ضمن مخطط المنطقة السكنية لمحدودي الدخل، وذلك في عام 1409هـ، مما اقتضى نقل المدينة الصناعية إلى منطقة حمراء الأسد بمساحة إجمالية تقدر بنحو عشرة ملايين متر مربع. ولا يبعد هذا الموقع كثيراً عن موقعها السابق، ومن ناحية فهو لا يبعد عن مركز المدينة أكثر من ثمانية عشر كيلو متراً.
وبتوجيهات خادم الحرمين الشريفين، والمتابعة المكثفة من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني تم في عام 1420هـ وضع حجر الأساس للبدء في تطوير المرحلة الأولى من هذه المدينة الصناعية الهامة، والتي ينتظر أن يعطي استغلال إمكانياتها دفعة قوية لمسيرة التصنيع في هذه البقعة الطاهرة من بلادنا الحبيبة حيث يؤدي توفير مساحات من الأراضي متوفر بها جميع الخدمات بإيجارات مغرية بكل يقين إلى تسهيل وتخفيض تكاليف إنشاء وتشغيل المشاريع الصناعية وتوسعة طاقاتها الإنتاجية، الأمر الذي يساعد على استقطاب وجذب المزيد من الاستثمارات لمختلف الأنشطة الصناعية بالمدينة المنورة، ولا سيما الصناعات الصغيرة والمتوسطة.
وفيما يلي فكرة سريعة عن مشروع المدينة الصناعية حسب آخر المعلومات المتاحة عن مراحل تطويرها.
المساحة
المساحة الكلية 95 ،9 مليون متر مربع.
المرحلة الأولى 3 ،3 مليون متر مربع.
الجزء الأول 75 ،1 مليون متر مربع.
أعمال التطوير الداخلي:
التسوير، أعمال الطرق والعدايات.
شبكة المياه والصرف الصحي ومياه الأمطار.
شبكة الكهرباء والهاتف.
المدخل.
الأعمال الخارجية
وتشمل إيصال خدمات الكهرباء وخدمات الهاتف والمياه.
وقد انتهت أعمال التطوير الداخلي للجزء الأول من المرحلة الأولى للمدينة، كما تم مؤخراً إيصال خدمات الكهرباء إليها، ومن ناحية أخرى بلغ عدد المستثمرين الذين تقدموا لوزارة الصناعة والكهرباء مؤخراً للحصول على أرض لإقامة مصانعهم عليها نحو 50 مستثمراً، ويقدر أن يستوعب الجزء الأول من المرحلة الأولى للمدينة الصناعية نحو (200) مائتي مصنع، وهو ما يجعل هناك مجالاً واسعاً لاستقطاب حجم كبير من الاستثمارات الصناعية بالمدينة المنورة في الفترة المقبلة، لاسيما وأن أراضي المدن الصناعية في المدن الرئيسية الأخرى بالمملكة قد نفدت أو أوشكت على النفاد.
رابعاً: تكثيف استكشافات الخامات الصناعية بالمنطقة:
تهدف سياسة المملكة التعدينية إلى استخراج ومعالجة الخامات المعدنية وتصنيعها في منتجات نهائية، كالحديد، والصلب، والنحاس، والألمنيوم، والزجاج.
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين تزايد في منطقة المدينة المنورة بشكل ملحوظ التركيز على الاهتمام بالاستكشافات المعدنية غير البترولية، حيث تأكد من خلال الجهود الاستكشافية المكثفة في السنوات العشرين الماضية أن منطقة المدينة المنورة تقع في منتصف الدرع العربي، وأغنى مناطق المملكة بالترسبات المعدنية.
وقد أثبتت الاستكشافات أن المنطقة تزخر بعدد كبير من الترسبات المعدنية الفلزية واللافلزية بما فيها معادن الأساس، كالذهب والفضة والنيكل والكروم والنحاس والزنك، والمعادن الصناعية، كالسيلكا والجرانيت والرخام والبازلت والجبس والحجر الجيري والطفلة وأجحار الزينة والزخرفة في مواقع عديدة، وذلك بكميات ونوعيات تجارية تستحق أن توجه إليها الاستثمارات الضخمة والجهود المنظمة.
ومن أبرز الاستكشافات المعدنية التي تم إنجازها من قبل وكالة وزارة البترول والثروة المعدنية للثروة المعدنية بمنطقة المدينة المنورة مؤخراً حفريات معادن الأساس في مكمن الصفراء، ومكمن المحام.

* مستشار اقتصادي

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved