حلقات أعدها: إبراهيم المعطش - عبدالعزيزعبد الله الجريسي:
نتناول في حلقة اليوم بدايات مسيرة التعليم في ضرما قديماً وأبرز الكتاتيب آنذاك، كما نعرج إلى الجانب الصحي والمتمثل في الطب الشعبي الذي كان سائداً في الماضي.
التعليم
كانت الحالة التعليمية في ضرما وحتى وقت قريب ضعيفة شأنها شأن سائر أنحاء نجد قبل بداية التعليم الرسمي أو النظامي فقد كانت الأمية متفشية والتعليم كان على نطاق ضيق جداً من خلال ما يعرف بالكتاتيب أو مرحلة التعليم غير الرسمي ذات الامكانات المحدودة، كانت أعداد الملتحقين بهذا النوع من التعليم قليلة كما كانت مقصورة على تعليم الصغار بعض أمور دينهم ومبادىء القراءة والكتابة وفيما يلي عرض مختصر لهذا النوع من التعليم.
الكتاتيب:
كانت مرحلة أو مدارس الكتاتيب إن جاز التعبير هي أولى مراحل التعليم التي كانت سائدة في ضرما كغيرها من قرى نجد إلى ان تم افتتاح أول مدرسة ابتدائية 1370هـ والكتاتيب عبارة عن حجرة واحدة واسعة ارضيتها متدرجة على شكل مصطبة «دكة أو عقوم» ويجلس الاولاد على الارض مباشرة بدون فرش، وادوات الدراسة عبارة عن لوح مستطيل بطول نحو 40 سم وعرض 30سم وقلم من البوص كان يجلب من الأحساء وحبر أسود اللون كان يتم صنعه محلياً من قشر الرمان بعد طحنه وغليه وكان عقاب الطلاب آنذاك قاسيا خاصة في حالة عدم انتظام أو تخلف الطالب عن الحضور للمدرسة وأدوات العقاب المعروفة في تلك الفترة كانت تشمل البغيلة وتتكون من حبل متدل يعلق في أحد أخشاب السقف وبه فتحتان توضع فيهما قدما الطالب المعاقب ويمسك الطالب الحبل بيديه فيصبح عندئذ في وضع متدل والجحيشة وهي عبارة عن حبل مربوط من طرفيه بقطعة خشبية بطول متر وتوضع فيها قدما الطالب ثم يتم لف ورفع القدمين بواسطتها إلى أعلى من قبل شخصين ويبقى الطالب مستلقيا على ظهره والمسطعة وهي قطعة خشبية تستعمل عصا للضرب. وطريقة التعليم كان لكل طفل لوح يكتب له فيه المعلم كل يوم آية أو آيتين من القرآن وبعد مدة يتعلم التلميذ كيف يكتبها بنفسه وفي الأيام الأولى من الالتحاق بالكتاتيب يعلمون الطلاب حروف الهجاء، وتكتب في اسفل اللوح لكل طالب ولا تمحى منه ويعلمونهم النطق السليم لها وكتابتها وقد يدوم هذا لمدة سنين وبعد معرفة التلميذ الكتابة بنفسه ينتقل مجموعة الطلاب الذين يكتبون بأنفسهم دون مساندة وفي هذا المستوى يملى على الطلاب ما يراد كتابته ويسمع لهم ما حفظوه ولاشك انه كان للكتاتيب دورها الحسن في تعليم أبناء البلدة القراءة والكتابة وحفظ القرآن.
اما المعلم «المطوع» فقد كان يتقاضى اجره من أولياء أمور الطلاب كل حسبما يستطيع ان يقدم ولا يفرض المعلمون شيئاً معينا وكانت الأجور تدفع كل يوم خميس وكان هناك عدد من المدارس موزعة بين أجزاء البلدة الرئيسية «البلاد والحوطة» وتقع بجانب أو غير بعيدة عن مساجد البلد الرئيسية أو السوق ففي البلاد كانت هناك مدرستان إحداهما غربي مسجد الجامع وأخرى جنوبي بوابة ابن غانم.
تعليم النساء
وقد قام بعض النسوة أيضا بمهة التعليم الديني في بيوتهن لبعض من نساء وبنات البلدة وان كان ذلك على نطاق ضيق جداً ومن النساء اللاتي كان لهن دور في هذا المجال هيا بنت ناصر ومنيرة بنت محمد العبدالعزيز وثاقبة بنت عبدالعزيز القباتي ونورة بنت محمد القباتي وطرفة بنت عبدالله بن الشيخ رحمهن الله.
العلماء
من علماء ضرما البارزين في الماضي الشيخ محمد بن إبراهيم بن محمود الذي ولد في ضرما عام 1250هـ وكان جده قد انتقل إلى ضرما من حوطة بني تميم 1235هـ فنشأ فيها تحت رعاية والده.
وكان سريع الفهم والاستيعاب حفظ القرآن الكريم وقرأ على الشيخ عبدالله بن بصير قاضي ضرما وانتقل إلى الرياض عام 1265هـ فقرأ على علمائها حتى أصبح مؤهلا للافتاء والتدريس والإرشاد عين قاضيا في الرياض عام 1283هـ ونولي الامامة والخطابة في الجامع الكبير بالرياض ومدرساً ومرشداً فيه وكان حسن التعليم والتدريس تخرج على يديه مجموعة من الطلاب وذاع صيته توفي عام 1333هـ كذلك من علماء ضرما عبدالله بن بصير المطرفي عينه الامام تركي قاضيا في الرياض ثم نقله إلى ضرما ودرس فيها ومن تلاميذه في ضرما الشيخ محمد بن محمود واستمر في ضرما حتى توفي بها أيام الامام تركي.
كذلك راشد بن علي بن جريش ولد في نعام وكان يسكن ضرما وقد انتقلت أسرته من الزلفي ثم رغبة ثم إلى ضرما ثم إلى حوطة بني تميم وإلى نعام ثم استقرت أسرته أخيراً في ضرما وكان كثير القراءة والاطلاع توفي 1303هـ وله مؤلف بعنوان «منير الوجد في معرفة انساب ملوك نجد».
الطب في ضرما
قبل توفر الخدمات الصحية الحديثة كان علاج المرضى في ضرما يتم من قبل بعض من يجيدون هذا العمل كخدمة تطوعية دون مقابل معتمدين في ذلك على ما كان متعارفا عليه وعلى ما ورثوه من أساليب ووسائل لعلاج في الماضي عن اسلافهم ويشمل ذلك.
قراءة أو كتابة الآيات القرآنية «عزيمة» خاصة بالنسبة للأمراض النفسية والعصبية فيقوم أحد المختصين بقراءة بعض الآيات القرآنية بحضور المريض أو في زجاجة بها ماء أو كتابتها على ورق باستخدام محلول الزعفران كمادة للكتابة فتعطى للمريض وعلى فترات بعد غمسها في الماء بكميات أو جرعات بسيطة، نحو نصف فنجان، الحمية «الحجبة» وفيها يطلب من المريض الالتزام بنظام طعام معين طوال فترة زمنية محددة قد تدوم لأكثر من شهر.
* تجبير الكسور يكون باستخدام قطعتين متساويتين من عربون النخل «عسو» ثم توضع على جانبي العضو المصاب وتلف بقطعة قماش لمدة اسبوعين أو أكثر مع التزام المصاب بالحجبة أو الحمية عن بعض الطعام.
* الكي بالنار ويستخدم لعلاج كثير من الأمراض خاصة امراض الرأس والأمراض العصبية.
ومن الادوات والمواد الاخرى التي كانت تستخدم في الماضي لأغراض العلاج.
* الكماشة «الكلبة» لخلع الأسنان
* موسى حاد بمقبض وحلقة من الجلد للختان ويوضع حال تطهير الطفل مسحوق مركب من الأعشاب أو الريحان تساعد على منع الالتهاب «الشمم» وسرعة التئام الجروح وللتقليل من تأثره بالبلل.
قرون ثيرات «المحجم» للحجامة وتكون مفتوحة من كل طرفيها وتثبت في مؤخرة الرأس أوعلى الظهر أو الساقين أوالصدد بعد تشطيب الموضع المخصص بمعرس لوضع القرن الذي تهم من خلاله سحب الدم الفائض أو الزائد عن حاجة الجسم ويثبت القرن عن طريق تفريغه من الهواء شفط ووضع سدادة عن قطعة من عصب الاغنام.
* الرمل الساخن «المللة» لعلاج الرضوض أو إصابات الظهر القاسية فيسخن الرمل ثم يفرش على الأرض ويغطي بقطعة قماش أو خيش رطبة أو مبللة بالماء ثم يضع المصاب ظهره وكتفيه فوقها لمدة نصف ساعة تقريبا.
* التداوي بالاعشاب وغيرها من المواد الاخرى خاصة بالنسبة للامراض الباطنية أو الجلدية ومن هذه المواد.
* الرشاد الحلبة البيض المر الصبر. الحلتيت الحبة السوداء العشبة الحنا الكمون اللبان الزنجبيل والقرنفل الكحة.
وبالنسبة للأمراض والمشكلات الصحية التي تحتاج الى فترة علاج طويلة ومكثفة فبالاضافة إلى المواد السابقة يركز كثيراً على الحمية واستعمال وصفات علاج معينة قد يدوم تناولها لعدة أشهر.
ومن أشهر من كان يقوم بخدمة الطب الشعبي ويجيده في الماضي رحم الله من انتقل إلى جوار ربه من الرجال صقر ومحمد ابناء ناصر السياري وحمد بن علي المدبل وعبدالرحمن الجريسي وقرناس المهيني وزيد الصايغ ومحمد بن جعيثن. ومن النساء ثاقيه القباتي وسارة المقيبل ونورة مسعد المهيني.
** سقط سهواً في الحلقات الماضية ذكر عائلة المبدل ضمن عوائل ضرما.
|