* القاهرة - مكتب الجزيرة - طه محمد:
يشهد عالم اليوم سباقاً محموماً بين أجهزة الإعلام والاتصال خاصة بعد ظهور شبكة الإنترنت الأمر الذي يتطلب من اعلامنا العربي مراجعة امكانياته ووسائله لتواكب هذه الثورة المعلوماتية.
وفي التحقيق التالي يكشف خبراء الإعلام أنه بالرغم من تنافس أجهزة ووسائل الإعلام فانه لا يمكن لوسيلة أن تلغي الأخرى وأنه يمكن لكل وسيلة أن تستفيد من الأخرى كما هو حادث حاليا عندما استفادت الفضائيات والصحافة من شبكة الإنترنت في الوقت الذي استفادت منها الإنترنت نتيجة الدعاية لها عبر صفحات الصحف والمجلات والقنوات الفضائية.
وعلى الرغم من أن شبكة الإنترنت تعتبر رصداً مهما للمعلومات فإنها استخدمت لأغراض خطيرة تخالف القيم والعادات العربية كما أنه عن طريق الإنترنت بدأ اليهود كتابة تاريخ مزيف لمزاجهم في فلسطين حيث ادعوا في مواقع كثيرة أن مجزرة دير ياسين لم تحدث.
ولذلك فإن اليهود هم أكثر من يستخدمون الإنترنت ،بل يتحكمون في نشر مواقعها ويبثون سمومهم عليها لذلك فإن شبكة الإنترنت على الرغم من أهميتها في نقل المعلومات الا أن عدم وجود رقابة عليها يجعلها أداة من ادوات الصراع السياسي والعقائدي وسط عالم الانحرافات من كل نوع.
أرقام دولية
وفي المقابل فإن هناك هيمنة وسيطرة من جانب الشركات الأمريكية واليهودية على الشركات الفضائية حيث توجد حسب الاحصائيات المتخصصة فإن خمس شركات عملاقة متعددة الجنسيات هى المسئولة عن صناعة الفضائيات بها 37 ألف شركة لها 220 ألف خريج يعمل بها 73 مليون شخص يمثلون 10% من حجم العمالة الدولية.
وتهيمن أمريكا على هذه الشركات تقريباً اضافة الى 30 وكالة اعلام عالمية تتحكم في حركة الأنباء وتشكيل الصور الاجتماعية لدى الشعوب الا أن المشكلة أن هذه القوى تسيطر على معظمها ان لم يكن كلها اليهود والأمريكيون.
ومع الهمينة الشديدة لشبكة الإنترنت فإن الدكتور حمدي حسن المشرف على معهد الصحافة بمؤسسة الأهرام القاهرية يطالب الصحافة وأجهزة الإعلام الآخرى من اذاعة وتليفزيون وفضائيات الاستفادة من هذه التقنية ويقول : ان صحفاً أجنبية مثل الفاينشال تايمز استفادت من الناشر الالكتروني في نقل ملاحقها على الإنترنت وحققت رواجاً اقتصادياً بسببه.
لذلك فإن القول بالتنافسية بين أجهزة الإعلام والانترنت قول مغلوط فالوسائل الاعلامية تفيد بعضها فالناس اليوم تستخدم الردايو، التليفزيون ،السينما ،الصحيفة ،والإنترنت ،كما تستخدم وسائل النقل البدائية والحديثة منها أيضاً.
ويضيف أنه عندما ظهر الراديو عام 1920 ظن البعض أن الصحافة ستتأثر به وطالبت الصحف وكالات الأنباء بوقف تزويد الراديو بالمعلومات والا فإنها ستوقف التعامل معها حتى استجابت الوكالات الى ان أصبح هناك تعايش بين الصحافة والراديو ولم تتأثر مبيعات الصحف بظهور الراديو وان تأثرت المجلات قليلاً في وقت لاحق بسبب التليفزيون وعليه فإن الصحافة الورقية ستظل قوية ومزدهرة في العالم كله فالصحافة تحتل في أمريكا الترتيب التاسع من ناحية الأرباح والكسب المادي وعلى الرغم من ذلك لم تستطع الوسائل الالكترونية تهديدها أو القضاء عليها .
ويحلل وجدي حسن طبيعة الصحافة العربية في الوقت الراهن ويرصد تحدياتها بقوله انها تعاني نقص في المعلومات وطغيان في الانشاء والبلاغة بمعنى أنه اذا حاولت تحليل نص صحفي في مقال أو بعض الأخبار سنجد أن المعلومات الصحفية غير موجودة وان البلاغة طاغية في وقت تغيرت فيه صحافة اليوم من صحافة رأي الى صحافة خبر ومعلومة.
ويرى د. حسن أن هذه مشكلة لها جذورها التاريخية في صحافتنا والعربية فعندما كانت الصحف تصدر عن أدباء مفكرين كانت الصحافة بالنسبة اليهم مهنة ثانية حتى ظهر للمهنة فرسانها ورجالها وأصبحت مهنتهم الأولى فظهرت فيها التقارير والأخبار بشكل متنوع.
أما المعوق الثاني لصحافتنا العربية كما يرى د. حسن فإنه يتمثل في محدودية المعلومات المتاحة للصحف العربية فضلاً عن افتقارها أساسا الى وسائل اتصال أو بنوك معلومات للحصول على معلوماتها وتفعيل التواصل مع وسائل الاتصالات الدولية حتى لا تتسع الفجوة بين الصحافة العربية والحصول على المعلومات كما أن الصحافة العربية أصبحت تواجه تحديات محلية وأقليمية ودولية نتيجة ظهور ما يعرف بالصحافة عابرة الحدود التي تطيع في دول أجنبية ثم توزع في الدول العربية فأصبحت هذه الصحف تنافس الصحف التي تصدر في العالم العربي فضلاً عن ظهور الفضائيات الأجنبية وعبورها الى قارئ الصحف العربي على الرغم من وجود وعي عربي بأن الصحيفه هى أكثر تناولاً لقضاياه عن الفضائيات واعتبار أن القراءة سمة مهمة لديه.
ولكي تخرج الصحافة العربية من عنق الزجاجة وتعود الى مكانتها فإن د. حسن يطرح رؤيته في ضرورة خروج هذه الصحافة من حالة الانشاء والبلاغة الى كونها مصدراً للمعلومات والاستفادة من الإنترنت كمصدر من مصادر المعلومات فهي توفر للصحيفة المعلومات النادرة وتجعلنا امام سيل هائل ما يتطلب مهارة ميكانيكية لكي تحسن الصحافة العربية استخدام الإنترنت في فرز المعلومة واختيار الجيد منها حتى لا تحدث بلبلة وتضليلاً للرأى العام ولذلك من الضروري للصحافيين العرب استخدام الإنترنت بشكل واسع والتدريب على الوصول الى خدمة اخبارية وصحفية . واذا كان عدد المستخدمين 100 مليون شخص يومياً على الإنترنت في دول العالم فإنه من باب أولى أن يكون لصحافتنا العربية دور في الاستفادة منها .
ويعرض د. حسن قصة طريقة توجب على الصحفيين العرب ضرورة الاستفادة من الإنترنت وذلك عندما شكل الكونجرس الأمريكي لجنة من 50 عضواً لدراسة أسباب سوء معاملة الأطفال في أمريكا وام نشر أسماء اللجنة على الإنترنت وفى احدى المحاولات الصحفية قام صحفي أمريكي بتتبع أسماء اللجنة حتى وصل الى أحدهم وتأكد أنه محكوم عليه من قبل في واقعة سوء معاملة للأطفال وكانت هذه احدى الخبطات الصحفية باستخدام الإنترنت.
وعلى هذا النحو فإن الإنترنت لا ينافس الصحيفة بل عليها وصحفيها أن تستفيد منه والصحفي المتمرس المدرب يمكنه الحصول على أخبار جديدة بشكل دائم من خلال ابحاره في شبكة المعلومات الدولية التي أصبحت رافداً من روافد العمل الصحفي.
التفاعل ليس التنافس
وهو ما تراه، الدكتورة جيهان رشتى عميدة كلية الإعلام جامعة القاهرة الأسبق، نفسه وتؤكد أن العلاقة بين الإعلام والانترنت هى علاقة تفاعلية فليس هناك تنافس وقد استطاعت الصحف والفضائيات والاذاعات ان تدرك كيف يمكنها الاستفادة من وسائل الاتصال الحديثة.
وتطالب الصحافة وأجهزة الإعلام العربية بتنوع الاستفادة من الوسيلة الالكترونية بتقديم برامج اذاعية وتلفزيونية وخدمات صحفية على الإنترنت للمتلقي العربي في دول العالم وأن تحسن استخدامها في الحصول على المعلومات بعد أن أصبحت الشبكة مصدراً أساسياً في الحصول على المعلومة فهي توفرها الآن بأسعار زهيدة وبطريقة مبسطة بعد ان كان الباحث العربي يسافر الى الخارج ليحصل عليها من جامعات أوروبا.
وتشير الى أنه لا تناقض مطلقاً بين وسائل وأجهزة الإعلام على الاطلاق فالعلاقة تفاعلية وتكاملية شريطة أن يعرف القائم بالاتصال على سبيل المثال كيف يمكن أن يستفيد من الإنترنت فالصحافة المطبوعة دائماً متميزة وتأثيرها قوي في الرأي العام كما أنها يمكن أن تكون مرجعاً للمؤرخ وغيره فعندما يرغب في تناول فترة من الفترات وايجاز الجوانب والقضايا الاجتماعية والسياسية والثقافية التي وقعت فيها فإنه يمكن اللجوء الى الصحافة في تلك الفترة ذاتها ليتعرف على جوانب هذه الفترة لذلك فإن الصحيفة المطبوعة لا يمكن الاستفادة عنها لكن المهم أن تتواكب الصحيفه مع المتغير الجديد وتتفاعل معه وتستفيد منه وهو هنا الإنترنت لتطوير أدائها في تحقيق خدمة متميزة للقارىء.
ومن جانبها تؤكد الدكتورة ماجي الحلواني وكيلة كلية الإعلام بجامعة القاهرة أن المنافسة الاعلامية دائماً تولد طاقات ابداعية جديدة ينبغي أن تواكب معطيات الواقع والانترنت والمتغير الجديد على المنطقة العربية خصوصاً الأمر الذي يتطلب من الصحافة العربية أن تطور من أدائها في المادة التحريرية والفضائيات من شكلها ومضمونها وكوادرها وتقنياتها وصولاً الى العالمية ولا يمكن أن نقر بأن كل وسيلة اعلامية يمكن ان تهدد الأخرى ولكن يمكن أن يكون مدعاة لها تتكامل معها.
وهنا يطالب أمين بسيوني رئيس اللجنة الدائمة للاعلام العربي بالجامعة العربية الإعلام العربي بالاستفادة بما يسمى بالطريق السريع للمعلومات وأن تستكمل المؤسسات الاعلامية الاخرى انشاء مراكز للمعلومات بشكل متكامل حتى يمكن أخذها عن الوطن العربي من خلال مصادر عربية خالصة.
ويقول انه يمكن لهذه الشبكة أن ترتبط بالشبكات الدولية اضافة الى استكمال البنيات الأساسية في التجهيزات الرقمية الحديثة في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية لأن الطريق السريع للمعلومات لا ينقل المعلومات فقط ولكنه ينقل أيضاً الصوت والصورة ومن ثم كان لا بد من الحرص على استكمال كل ما لدينا من تجهيزات في هذا العدد.
ويضيف لم يعد مطلوباً من الدول العربية سوى اصدار قرار باستكمال مراكزها البحثية والتقنية للاستفادة من الشبكة العنكبوتية في خدمة وسائل اعلامنا وأجهزته لتحقيق التكامل وليس التنافس كما يتصور البعض والوصول الى شبكة معلومات عربية خاصة بالاعلام العربي.
|