اطلعت على ما رسمه الفنان «المرزوق» في جريدتي المفضلة الجزيرة صفحة «42» العدد 11058 في اليوم الرابع من ذي القعدة لعام 1423هـ، ولقد احسن بما رسمه بريشته الجميلة حينما شخص حال بعض المدرسين وتصرفاتهم .. حيث تخالف اقوالهم أفعالهم في وقتنا الحاضر ولهذا كتبت هذه السطور معقباً لعل الله ينفع بها كاتبها وقارئها انه ولي ذلك والقادر عليه، فأقول مستعيناً بالله:
يا يها الذين امنو لم تقولون مالا تفعلون (2) كّبٍرّ مّقًتْا عٌندّ پلَّهٌ أّن تّقٍولٍوا مّا لا تّفًعّلٍونّ }.
وعندما يطابق المعلم قوله عمله يصبح مثالاً لطلابه، وانطبع من تحت يده على اخلاق متينة ودين صحيح، لهذا قال الاستاذ الفاضل محمد بن ابراهيم الحمد في كتابه «مع المعلمين» «ان المعلم لا يستطيع ان يربي تلاميذه على الفضائل الا اذا كان هو فاضلاً، ولا يستطيع اصلاحهم الا اذا كان بنفسه صالحاً، لانهم يأخذون عنه القدوة اكثر مما يأخذون عنه بالتلقين، ولقد كان السلف الصالح رضي الله عنهم يستعينون بالعمل على العلم، لان العلم اذا عمل به نما واستقر وكثرت بركته، واذا ترك العمل به ذهبت بركته، وربما صار وبالاً على صاحبه، فروح العلم وحياته وقوامه انما هو بالقيام به عملاً وتخلقاً وتعليماً ونصحاً، فالشرف للعلم لا يثبت الا اذا انبت المحامد وجلب السعادة، واثمر عملاً نافعاً» قال الخطيب البغدادي رحمه الله «فان العلم شجرة والعمل ثمرة وليس يعد عالماً من لم يكن بعلمه عاملاً».
ثم ذكر في موضوع آخر من الكتاب ما قاله الشيخ محمد البشير الابراهيمي رحمه الله في وصيته للمعلمين وحرصت على ذكرها حينما قال «ثم احرصوا على أن ما تلقونه لتلاميذتكم من الاقوال منطبقاً على مايرونه ويشهدونه منكم من الاعمال، فان الناشئ الصغير مرهف الحس طُلَقَهُ الى مثل هذه الدقائق التي تغفلون عنها، ولا ينالها اهتمامكم، وانه قوي الادراك للمعايب والكمالات، فاذا زينتم له الصدق فكونوا صادقين، واذا حسنتم له الصبر فكونوا من الصابرين.
واعلموا ان كل نقش تنقشونه في نفوس تلاميذتكم من غير ان يكون منقوشاً في نفوسكم فهو زائل، وان كل صبغ تنفضونه على ارواحهم من قبل ان يكون متغلغلاً في ارواحكم، فهو لا محالة ناصل حائل.
الا ان رأس مال التلميذ هو ما يأخذه عنكم من الاخلاق الصالحة بالقدوة، واما ما يأخذه عنكم بالتلقين من العلم والمعرفة فهو ربح وفائدة».
وقد احسن ابو الاسود الدؤلي حينما قال:
يا ايها الرجل المعلم غيره
هلا لنفسك كان ذا التعليم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله
عار عليك اذا فعلت عظيم
وابدأ بنفسك فانها عن غيها
فاذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك تقبل وان وعظت ويقتدى
بالقول منك وينفع التعليم
وفي الختام اقول يا من تمارس العملية التعليمية ان كنت ممن ابتلاك الله بشيء فاستر، وحاول قدر الاستطاعة اخفاء ذلك حتى لا تكون ممن خالف اقواله افعاله، لعل الله ان يعافيك مما ابتلاك، وقد جاء في الحديث «ان كل امتي معافى الا المجاهرون» علماً ان الامر هذا لا يخص المعلم وحده بل يشمل المعلمات، والله من وراء القصد.
خالد فهد الجطيلي معلم - ثانوية بريدة المسائية ص . ب 5712
|