في المجتمعات الاستهلاكية، ومجتمعات الوفرة عموماً يكون المستهلك هو صاحب المرجعية الأهم لما يتعلق بالقرارات على العديد من المستويات سواء بالنسبة للجانب السياسي أو الاقتصادي أو تلك الأمور التي تتعلق بتنظيم التوجهات الفكرية في المجتمع.
وإذا اعتبرنا ان مجتمعنا المحلي من مجتمعات الوفرة الاستهلاكية، فلاشك بأن المرأة هي المستهلك الأول على العديد من الأصعدة ان لم يكن أغلبها.
ففي الأسرة يكون القرار الأول لها سواء بصورة مباشرة، أو بصورة خفية عبر سراديبها الأنثوية، لكن أي قرار يصدر لابد ان يحتوي على موافقة ضمنية منها.
في الأسواق المرأة هي المستهلك الأول للسلع بجميع أنواعها ابتداء من الابرة وانتهاء بلون الجدران وتوزيع الأضواء في المنزل الجديد.
وقد لاينتهي الوضع هنا بل يتجاوزه في تحديد إجازات الأسرة ومدتها ومكانها، إضافة إلى المدارس التي يدرس فيها الأولاد، والبلد الذي يستقدم منه الخدم.
ولا أعتقد بأن هذه المساحة الواسعة من القرار تتخذ بشكل تسلطي أو تعسفي أو بشكل متجاوز للسلطة العلوية للرجل في المجتمع ولكنه أصبح متطلباً حيوياً نظرا لتعقيد الحياة المعاصرة وتشابك متطلباتها الذي باتت تتطلب مساهمة واضحة من المرأة في جميع تفاصيل الحياة ليسير المركب بشكل متوازن وآمن.
وعلى الرغم من جميع ما سبق إلا ان المرأة ما برحت محيدة عن القرار بالنسبة لما يتعلق بقرارات المجتمع خارج نطاق الأسرة.
فمجلس الشورى على وجه المثال وهو الهيئة البرلمانية التي تحدد الكثير من الأمور التي تتعلق بالمرأة ما برح يقارب مشاركة المرأة في هذا المجلس بحذر شديد وعلى استحياء وضمن آلية تهمش دورها الحيوي والفاعل ونقلها إلى دور المستمع المؤدب المطيع.
التجار أيضا باستثناء بعض السلع الاستهلاكية الخاصة بالمطبخ والمرأة فهم لايوفرون العروض الجيدة المعقولة للمستهلك الأول.
البنوك مثلا هل قدمت عروضاً مغرية ومثمرة بالنسبة للمرأة أو هو التركيز فقط على راتب المعلمات التي تصرف كل شهر من الدولة فتلتهمها أبواب المحلات التجارية؟! هل قدمت البنوك عروض توفير لربة المنزل من الممكن ان تستقطع من مصروفها لتنبذ عادة الاستهلاك المرعبة؟!
الخادمات على الرغم من مدخولهن الضئيل لم لا توفر حسابات مغرية لهن لتحد من النزيف الشهري السنوي خارج المملكة.
القضية متسعة ولا يمكن ان توجز هنا ولكن باعتقادي بأنه بات من المهم أن تراجع الكثير من الأمور المتعلقة بالمرأة وعلاقتها بالقرار بشكل شامل ومتسع.
|