لا تزال فكرة الشعر في صفحاتنا الشعبية مرتبطة برائحة الطين وطعم الجذور مسيطرة على فكر شعرائنا .. فبالرغم من تطور الحياة الاقتصادية والاجتماعية ومواكبتها لعلوم التكنولوجيا الحديثة .. إلا أن بعض الشعراء يضطر لركوب رحلة الحنين في تصوير أحداث الماضي بطريقة مفتعلة، ومبتذلة .. تبتعد عن الحقيقة الجوهرية للمعنى.
والملاحظ للساحة الأدبية والشعبية يجد أن الشاعر لكي تكتمل بنيته الشعرية وفحولته السحرية .. يجب أن يشرك بعض العبارات البدوية المعقدة في قصيدته، من أجل عبور بوابة الشعر .. فالعبارات التي نصادفها في بعض القصائد أصبحت جواز سفر للمرور إلى عالم الشعر، فبعض العبارات تحتاج إلى معاجم لغوية ليست تلك التي على رفوف المكتبات، بل إلى ذاكرة عجزة أكل منهم الزمن.
لشعراء المدن تركيبة غريبة في دمج كلمات مبهمة في قصائدهم.. والغريب أنهم لا يعوا معاني تلك الكلمات إلا بالرجوع إلى تلك المعاجم .. لماذا لا يحاولون في كتابة قصائدهم عبارات رائعة تمثل الحياة الاجتماعية التي يعيشونها؟ ألا توجد جمل خيالية ذات إحساس ملائكي يسطرها شعراء المدن لا يستطيع شعراء آخرون أن يحاكوها أو أن يوظفوها في قصائدهم .. ليتهم يعرفون أن البساطة في القصيدة يكسبها رونق خاص بإيقاع متميز .. لماذا يقحمون أنفسهم في أيدلوجيات طوى الزمن عليها ينبغي تداركها أمام الساحة الشعبية.
المطلوب من الشعراء التقيد بعبارات البيئة التي تحيط به.. بالمجتمع الذي يسكنه .. بالمناخ الذي يشكل إبداعاته، بالحياة التي تعود على رائحتها، وعلى جمالها.. فمن غير المعقول أن يكتب شاعر قصيدته في مطلع القرن العشرين وعباراتها تعود للقرن الثامن عشر!!
|