فَضَّل رئيس الوزراء الإسرائيلي الغارق في الفضائح المالية والذي يواجه استحقاقات الانتخابات أن يصرف الأنظار عَمَّا يحيط به من مشاكل ليزيد من وتيرة عملياته العدوانية ومنها العدوان الواسع النطاق الذي شنته قواته أمس في قطاع غزة وأنحاء من الضفة الغربية.
وعلى الرغم من فداحة الخسائر البشرية والمادية التي تتسبب فيها إسرائيل فإنها تجد نفسها مطلقة اليدين لارتكاب المزيد من الاعتداءات، وهي تستغل إلى أبعد مدى انصراف الأنظار عنها، وخصوصاً من قِبل الدول الكبرى، بصورة متعمدة أحياناً، أو لانشغالها بترتيبات الحرب ضد العراق..
إن الفظائع التي ترتكب يومياً ضد المواطنين الفلسطينيين لا يمكن السكوت عنها ولا يمكن تبرير تجاهلها لمجرد أن هناك أحداثاً جساماً تدور في المنطقة، فما يحدث في الضفة وغزة يمثل في مجمله جرائم شنيعة يروح ضحيتها الكثيرون من الفلسطينيين إلى جانب تدمير بنياتهم الأساسية والوسائل التي يكتسبون قوتهم بها.
لقد استغل شارون وزمرته العسكرية هذا السكوت الدولي ليستمروا في تنفيذ المذابح، كما أن شارون يضع في حساباته أيضاً اقتراب موعد الانتخابات العامة في 28 يناير الجاري، وهي تتطلب من شارون ان يكون في كامل صورته الأصلية كجزار مشهود له بارتكاب أفظع المذابح، ففي ذلك ما يُرضي رغبات عتاة الصهاينة المتعطشة لدماء الفلسطينيين، كما أن النهج العسكري يطمئن شذاذ الآفاق من المستوطنين القادمين من أصقاع العالم والذين ينظرون باهتمام ونهم لالتهام أراضي الفلسطينيين لإقامة المستعمرات عليها وإيجاد موطئ قدم لهم.. هذا الانفلات العسكري الشاروني يستوجب وقفة دولية، وإلا فإن نتائجه ستظل تتراكم لتقود إلى الكارثة.. ومن الطبيعي أن يسعى الفلسطينيون لرد الظلم.. ومع استمرار الهجمات والهجمات المضادة، وسط هذا الصمت الدولي، فإن العالم يكون قد سمح بذلك بتنامي الأخطار التي تهدد وجوده ذاته بتقاعسه عن مواجهة العدوان ونصرة المظلوم.
|