Monday 13th January,2003 11064العدد الأثنين 10 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يارا يارا
الجمعيات الخيرية
عبدالله بن بخيت

إثر زيارة ولي العهد - حفظه الله - للمناطق المأهولة بالفقراء في مدينة الرياض، وبعد أن فتحت الصحافة الموضوع بشكل أوسع، لا أنكر أنني لأول مرة أكتشف هذا الكم الكبير من الجمعيات الخيرية. فطاف بذهني سؤال: لماذا تكثر الجمعيات الخيرية في بلادنا مع افتراض أن المملكة من الدول ذات الدخل الفردي المرتفع. وما الذي كان يفعله هذا الكم الكبير من الجمعيات الخيرية أمام هذا الفقر الذي انكشف أمامنا فجأة. يردد كثير من الناس بأن معظم موارد هذه الجمعيات الخيرية إما أنها تذهب إلى الخارج أو أنها تذهب إلى جمعيات وتجمعات معينة وليس للمحتاجين من الفقراء حسب تعريف الفقر الاقتصادي والاجتماعي. وتفسير كهذا يعني أن الفقر في بلادنا انحرف عن معناه وأخذ تعريفاً ثقافياً. فمعظم الجمعيات تتعامل مع الفقراء وفقاً لمقاييس ثقافية وليس مقاييس اقتصادية. وإذا لم تنطبق عليك شروط هذا الإطار الثقافي فلن تصلك الإعانة.
بالنسبة للجمعيات الخيرية المختصة بالخارج أعتقد أنه أصبح من المتفق عليه أن توقف نهائياً. وإذا كان هناك مساعدات من الشعب السعودي لأي شعب آخر فيجب أن تدخل ضمن المساعدات الدولية وهذه تتولاها الدولة بشكل مباشر وليس جمعيات أهلية تكون عرضة للاختراق.
تلاحظ عند مداخل الأماكن العامة والمجمعات التجارية صناديق أو قواطي أو حتى أشخاصاً بقيافة معينة تمثل جمعيات خيرية. والناس لا تسأل عن طبيعة هذه الجمعيات أو الأشخاص وإنما تضع المقسوم وتمشي. ومع كثرة هذه الصدقات ومع كثرة محبي الخير في بلادنا إلا أننا لاحظنا بعد الزيارة الميمونة أن الفقر في البلاد أكثر مما تصورنا وأكثر مما يمكن أن نتخيله وهذا يعني إما أن هذه الجمعيات لا تكفي أو أن هناك خللاً ما في طريقة عملها. وفي كل الحالات حان الوقت لإعادة النظر في تركيبة وبنية هذه الجمعيات وإعادة بنائها بصورة تفصل بين الجانب الثقافي والجانب الاقتصادي. وأول خطوة هي أن تقوم الدولة لا الجمعيات بتعريف الفقراء وتحديدهم. ولا يجوز لأي إنسان في جمعية أهلية سواء مرخصة أو غير مرخصة جمع الفلوس من الناس. وأعتقد أن وزارة الشؤون الاجتماعية هي الجهاز الوحيد في البلاد المختص بهذا الشأن. وأن تكون كافة الجمعيات الخيرية تابعة لها وتحت مسؤوليتها الكاملة وليس مجرد إصدار تراخيص تأسيسها. وربما تدمج جميع الجمعيات الخيرية في جمعية حكومية واحدة. ولا يجوز التصدق أو التبرع خارجها إلا في الإطار العائلي. كما يجب أن يميز الناس بين الجمعيات المختصة بدعم بعض المشاريع الدينية وبين الجمعيات المختصة بدعم الفقراء. وتعريف الفقر يجب أن يميز بين الفقراء من القادرين على العمل وبين الفقراء العجزة. فمثلاً لا يمكن أن تفهم لماذا توجد جمعيات لإعانة الشباب على الزواج في الوقت الذي يعاني فيه البلد من فقراء سبب فقرهم عجزهم عن العمل. فالقادر على الزواج قادر على العمل. وهذه واحدة من الاختلالات التي تقودنا إلى تفهم مشكلة الفقر في بلادنا عندما نقول إن تعريف الفقر في بلادنا أخذ طابعاً ثقافياً. وبذلك ابتعدت الجمعيات الخيرية عن مسارها الصحيح وحان الوقت لتصحيح أوضاعها.

فاكس: 4702164

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved