* القاهرة مكتب الجزيرة ريم الحسيني علي البلهاسي:
يوما بعد يوم تتزايد الشكوك حول ماهية الدور الإسرائيلي المتوقع في الحرب المحتملة ضد العراق هذا الدور الذي يقول المحللون انه تم الاتفاق عليه بين بوش وشارون في زيارة شارون الأخيرة لواشنطن ووفق التصريحات المعلنه فان واشنطن لا تريد أن تكون إسرائيل طرفا في المواجهة مع العراق مع ادراكها بما يمكن أن ينتج عن ذلك من تفجر الوضع في المنطقة كلها ولذلك فقد رأت الادارة الأمريكية ضرورة أن يتم الاتفاق مع شارون على هذا رسميا .
حيث انه كان الوزير الوحيد الذي كان مصمما ومصرا على عدم الالتزام بطلب أمريكا عام 1991 بمنع اسرائيل من الرد على صواريخ العراق وكان شارون وقتها وزيرا للاسكان في معركة اسحق شامير.
ولتحقيق ذلك فقد تم الاتفاق بين الجانبين على ان تقوم واشنطن باخطار تل أبيب بموعد بدء الهجوم على العراق قبل الموعد بأسبوعين كما تقوم اسرائيل بابلاغ الادارة الأمريكية في حال قررت مهاجمة العراق أوردت على صواريخه.
وقد نشرت الصحف الأوروبية أواخر ديسمبر الماضي ان الادارة الأمريكية أبلغت اسرائيل بالفعل قرار شن الحرب على العراق في 21 فبراير المقبل وهو الأمر الذي نفاه المسؤولون الإسرائيليون مؤكدين ان جيشهم يتصرف على أساس حتمية الحرب على العراق بغض النظر عن الموعد الدقيق لهذه الحرب.
وتشير المعلومات إلى انه قد تم تعيين الأدميرال جيمس نيتزجر مساعد قائد أركان القوات الأمريكية كحلقة اتصال فيما بين الولايات المتحدة واسرائيل كما حصلت إسرائيل على تعهدات من أمريكا بمواجهة التهديد العراقي لاسرائيل عن طريق احباط أي محاولة لاطلاق الصواريخ من غرب العراق وردعه من استعمال أي اسلحة بيولوجية أو كيميائية وأن أمريكا سترد على أي محاولة اعتداء على اسرائيل معتبرة أن أي اعتداء على إسرائيل هو اعتداء على واشنطن وتعهدت أمريكا أيضا بوضع كافة امكانياتها وقواتها العسكرية في المنطقة لتوفر غطاء أمني لاسرائيل لمدة 10 سنوات بعد ضرب العراق.
احتمالات المشاركة
وفي حين يشكك كثيرمن المحللين والمراقبين في حدوث استجابة كاملة من جانب شارون لطلبات واشنطن مشيرين إلى تأكيد شارون بأن إسرائيل لن تكون ضحية الحرب الأمريكية على العراق إلا أن هناك من يرى أن إسرائيل لن تخاطر بدخول الحرب ما لم تضربها العراق لأن ذلك من شأنه أن يفقدها الكثير من قيمتها الاستراتيجية في المنطقة كما أن أمريكا لن تطالبها بالاشتراك لأنها لا تريد اثارة العداء ضدها في المنطقة كما أن مشاركة إسرائيل لن تضيف إليها بقدر ما ستجلب لها المتاعب والمشكلات. ويشير هؤلاء إلى أن إسرائيل نفسها تخشى المشاركة في الحرب حتى لا تتعرض للضرب بصواريخ عراقية تحمل أسلحة بيولوجية أو كيماوية.
ويؤكد أصحاب الاتجاه الأول أنه مع تصاعد الأصوات المنادية بضرب العراق داخل اسرائيل فان هناك احتمال أن تختلق أي أسباب للمشاركة في الحرب كأن تخترع حكاية سقوط صاروخ عراقي لتجد مبررا لدخول الحرب ويقول هؤلاء ان احتمال مشاركة اسرائيل في الحرب أصبح أمرا شبه مؤكد خاصة بعد أن حصل شارون على ضوء أخضر من امريكا بإمكانية الرد مع ابلاغها بموعد الضربة حتى تتمكن إسرائيل من تحضير دفاعاتها ويؤكد ذلك الصواريخ التي تم تدشينها شمال تل أبيب وزيادة الاستعدادات في مؤخرة الجيش الإسرائيلي وتأهيل ثلاثة آلاف جندي احتياطي للمساعدة في توزيع الكمامات الواقية بالاضافة إلى تحديد كلمة السر وهى الجدار الحديدي التي ستذاع على الجمهور الإسرائيلي عند اطلاق العراق صواريخه.
ومن جهة نظر المراقبين فان ما يدعم فكرة مشاركة إسرائيل في الحرب هو عدم قدرتها على ان تمنع نفسها من الظهور بموقف المحرض لأمريكا كما أن الشعب الاسرائيلي نفسه لديه ترحيب كبير بالحرب ضد العراق باعتبارها استمرارا للحرب ضد الفلسطينيين حيث يعتبر العسكريون الإسرائيليون أن العراق هو العمق الاستراتيجي لسورية ولبنان والفلسطينيين اضافة إلى ايران وضرب هذا العمق ودك حصونه نهائيا سيضعف سورية والفلسطينيين ولبنان ويسهل اخضاعهم من دون حرب على الجبهة الدبلوماسية وهو الأمر الذي يشكل أهمية كبرى للاسرائيليين لأنه يتناول ثلاثة محاور متاخمة لاسرائيل وتهدد بقاءها.
ويشير بعض المراقبين إلى ان إسرائيل أبلغت واشنطن بأنها لن تلتزم بضبط النفس إذا تعرضت لهجمات صاروخية عراقية حيث سيكون ردها سريعا من خلال اطلاق صواريخ مضادة على المدن العراقية وتحريك طائراتها المحملة بأطنان هائله من القنابل لالقائها فوق المدن العراقية وأن الادارة الأمريكية قد أعلنت موافقتها مبدئيا على حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها بشرط أن يكون هناك تنسيق مع القيادة العسكرية الامريكية في هذا الشأن.
ويؤكد المراقبون أن إسرائيل تعتمد اعتمادا كبيرا في هذا الشأن على قواعدها في جيبوتي حيث تمتلك إسرائيل مخزنان كبيران للأسلحة هناك وتشير المعلومات إلى أن هذه المخازن الكبيرة للسلاح الإسرائيلي في جيبوتي سيتم استغلالها في حرب العراق وستشارك بها إسرائيل في الترتيبات الأمريكية للمنطقة فيما بعد العراق.
مرحلة رد الفعل
إذا كان البعض يرى في ضرب العراق أمرا مؤكدا فان من المؤكد أيضا أن أي استهداف للعراق سيدفع القيادة العراقية إلى الانتقام من إسرائيل بشن هجمات صاروخية عليها كما حدث في حرب الخليج الثانية عندما أطلق العراق اربعين صاروخا بالستينيا على إسرائيل وما يقلق المسؤولين في إسرائيل هو امكانية استخدام العراق هذه المرة لصواريخ تحمل أسلحة بيولوجية وكيماوية وهو ما دفع الخبراء الاستراتيجيين هناك لدراسة أسوأ السيناريوهات المحتملة وكيفية الرد عليها. ويحرص المسؤولون الاسرائيليون على أن يؤكدوا دائما أن إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي امام أي عدوان عراقي عليها كما حدث من قبل.
فبعد تعرضها لسيل الصواريخ العراقية عام 1991 وبعد احتمال تعرضها للمخاطر ذاتها في أي هجوم تشنه أمريكا على العراق شرعت في مراجعة شاملة وأساسية لإستراتيجيتها العسكرية وتحولت من الهجوم الوقائي إلى الدفاع الوقائي فقد أعلن الاسرائيليون أنهم أخطأوا حينما لم يردوا على الهجوم العراقي عام 1991 بناء على طلب الولايات المتحدة التي تكفلت بالرد حتى لا يتعرض عقد التحالف الدولي المؤيد لعملية عاصفه الصحراء للانفراط وكرر المسؤولون الإسرائيليون في تصريحات عديدة أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي إذا تعرضت إسرائيل لهجوم آخر، بل ان بعض الخبراء الاستراتيجيين يؤكدون أن إسرائيل احتفظت لنفسها بقرار الضربة الأولى او المبادرة عند علمها بقرب موعد الضربة من أمريكا كما هو متفق عليه واذا كانت إسرائيل ترى أن التخلص من نظام الرئيس العراقي صدام حسين خدمة للمصلحة الاستراتيجية لإسرائيل فانها قلقه من ربط صدام حسين بين اسرائيل وامريكا كطرف في الصراع ضد العراق وتأكيده على أن أمريكا لا بد أن تدفع ثمن عدوانها على العراق من دم إسرائيل ولأن إسرائيل لا تستطيع أن تنتقل بدفعة واحدة من استراتيجية الدفاع إلى استراتيجية الهجوم فقد جمعت وفق ما يشير اليه خبراء استراتيجيون بين المبدئين في تبنيها لثلاثية الدفاع العملي والدفاع الوقائي والضربات الاستباقية وذلك من خلال اقامة شبكة دفاع جوية مضادة للصواريخ مما يستدعي الانذار المبكر والرصد من مسافات بعيدة بواسطة طائرات وأجهزة رادار واقامة شبكة صواريخ مضادة للصواريخ واقامة بطاريات (حيتس) حول تل أبيب وفي وسط إسرائيل في اطار الدفاع العملي وفي اطار الدفاع الوقائي تقوم إسرائيل بتجهيز المواطنين بكل أنواع الوقاية من الغازات السامة والجراثيم وانشاء ملاجئ خاصة.
استعدادات للمشاركة
على أن الخبراء يرون أن الدور الإسرائيلي لن يقتصر على مرحلة رد الفعل فقط في الحرب ضد العراق بل سيصل إلى المشاركة الفعلية في الحرب ويشير الخبراء في هذا الصدد إلى تلك الاستعدادات المحمومة داخل إسرائيل والتي تتزامن مع استعدادات أمريكية بحشد قواتها بما ينذر بقرب وقوع الضربة واحتمال ان تكون اسرائيل قد تلقت علما بموعدها بالفعل كما تم الاتفاق عليه ويفسر المسؤولون الاسرائيليون هذه الاستعدادات بقولهم ان جيشهم يتصرف على أساس حتمية الحرب الأمريكية على العراق بغض النظر عن الموعد الدقيق لهذه الحرب.
وتقول بعض المصادر ان هناك تعاونا امنيا بين إسرائيل وأمريكا وصف بأنه في اوج ازدهاره استعدادا للضربة وان إسرائيل تقوم ببناء مدن هيكلية لتدريب قوات المارينز الأمريكية على الهجوم على المدن العراقية المأهولة بالسكان وعلى حروب المدن والقرى وان إسرائيل قامت حتى الآن ببناء مدينتين كاملتين لتدريب القوات الخاصة الأمريكية على اجتياح العراق.. وأن المدينتين عبارة عن نموذج للعاصمة العراقية بغداد، كما كشفت هذه المصادر أن إسرائيل أمدت الولايات المتحدة بعناصر اسرائيلية متخصصة في حروب المدن وسيساعد هؤلاء العناصر حلفاؤهم الأمريكان في شن حرب قصيرة وفعالة ضد العراقيين وسيسهمون في الحد من فرصة نجاح هجمات عراقية محتملة ضد إسرائيل.
من ناحية أخرى أشارت معلومات أن المباحثات التي بين وزير الحرب الاسرائيلي شاؤول موفاز مع نظيره الأمريكي دونالد رامسفيلد حدد فيها موفاز الدور الاسرائيلي في حالة اندلاع حرب ضد العراق حيث سيكون الدور الرئيسي مقصورا على سلاح الطيران الإسرائيلي حيث يتوقع ان تقوم إسرائيل بهجوم جوي في عمق الأراضي العراقية في حال تعرضها لهجمات بصواريخ عراقية أو أسلحة غير تقليدية وذلك إذا لم تنجح أجهزة اللدفاع الاسرائيلية مثل الطائرات والصواريخ المضادة من طراز حيتس وباتريوت في اعتراض الطائرات والصواريخ العراقية. وتشير المعلومات أيضا إلى ان إسرائيل ستلعب دورا أساسيا في الحرب بعدما أصرت عليه موضحه أن طائرات اسرائيلية ستنفذ حمله قصف مكثفة على منصات صواريخ سكود في الأراضي العراقية فيما ستكون طائرات أخرى اسرائيلية جاهزة لاسقاط أي طائرة عراقية تحاول اللجوء إلى سوريا وذلك بعد تناثر معلومات حول امكانية لجوء الرئيس العراقي وعائلته
إلى الاحتماء في سوريا إذا ما قامت الحرب وهو ما جعل البعض يقولون بدور أساسي لاسرائيل في هذه الجزئية بالذات لمنع أي محاولة عراقية للجوء إلى سوريا.
مخاوف داخلية
ويسعى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إلى طمأنة المواطنين الاسرائليين بأن جيشه يتخذ الاستعدادات المطلوبة للحرب في ظل الانتقادات الواسعة داخل اسرائيل حول القصور في الاستعدادات في عدة مجالات منها النقض في عدد الملاجئ ووجود 5 ،1 مليون قناع غاز غير صالح للاستعمال بأيدي المواطنين ووجود شكوك حول قدرة الأقنعة المتداولة على حماية المواطنين من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية وأن الأقنعة الصالحة لا تكفي لسد احتياجات جميع المواطنين وهو الذي دفع بعض المعلمين من الداخل للقول بأن كل الأقنعة التي وزعت على المواطنين (5 ،6 مليون قناع) لا تفي بالغرض ولا تقي المواطنين.
كما تزايدت الاتهامات للمسؤولين حول خطورة مواد التطعيم التي توقفت بسبب عدم تخزينها بشكل صحيح وتكلف الكثير منها وتحولها من مادة وقائية إلى مادة سامة.
ومن المعروف أن الحكومة الاسرائيلية كانت قد قررت تطعيم جميع المواطنين ضد مرض الحصبة لمواجهة خطر قذف إسرائيل بصواريخ عراقية تحمل الجراثيم التي تصيب بهذا المرض لكن وزارة الصحة أعلنت فجأة قرارها بالامتناع عن ذلك وتأجيله إلى مرحلة لاحقة لحين دراسة مدى الحاجة إليه من عدمه.
وأصدرت قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي توجيهاتها لمواطنين بتخزين كميات من الماء 12 لتراً لكل شخص كاحتياطي لأيام الحرب خوفا من تلويث المياه في الخزانات أو في باطن الأرض بعمليات تخزينية وأصاب هذا المطلب هلعا اضافيا في صفوف الإسرائيليين حيث يأتي في اطار سلسلة طويلة من التعليمات والارشادات والتدريبات التي تشير إلى ان إسرائيل مقبلة على حرب رهيبة.
|