تشاكسني بعض الصَّغيرات اليافعات فأطرب لمشاكساتهنَّ...
ذلك لأنَّ مبعث طربي هو نموُّهنَّ السَّريع.. وتطاول سيقانهنَّ جذوع أشجار أحلامنا العريضة في غابة جيل ناضج واع يعرف هدفه، ويتقن وضع قدمه في درب هذا الهدف بحذر، وفهم، ووعي، ونضج...
هؤلاء الجميلات الطامحات لا أدري لماذا أتطلع لأن يقفزن فوق كلِّ الحواجز.. ليس لأنَّ تجربتنا تقافزت الحواجز فقط، بل لأنَّنا وجدنا الوقت الذي تقلّب بنا كلَّ موقف، وعاصرتنا كافَّة المُحبطات المثبِّطات بمثل ما تحقَّق لنا من الحوافز والدَّافعيات الكثير...
ربَّما لأنَّ زمننا أتاح لنا أن نكون كما كنَّا، ولكن لأنَّ زمنهنَّ توسعت فيه رقعة المسافات والمساحات، وتزاحمت فيه المناكب والأيدي... وامتدت كثير من الطاولات، ولم تعد فيه منافسة «العمل» و«التَّفرد»... بمثل ما هي فيه منافسة ما تحت الطاولات، وما وراء الازدحام... ولأنَّني أطمح لهنَّ إلى أن يكنَّ ما يردن لا ما يراد لهنْ...
فاطمة الرومي، تهاني المنقور، البندري العتيبي، مها العتيبي، فاطمة باسماعيل، فوزية الحربي، وعبير، وحنين، وسلام، وفاطمة، وجميلة، وأسماء... وكلُّ من لا يحضرني اسمها.. وهنَّ يحاولن معي إجراء المقابلات، وإقامة الحوارات، وتعلو وجوههنَّ وتلوِّن أصواتهنَّ الدَّهشة: لماذا لا، ثمَّ يتناقلن التأكيد بفشلهنَّ في الحصول على موافقة. والأمر ليس كما يفهمن: «تغلٍّ» أو «ازدحام وقت»... المسألة لها أبعاد كثيرة، فالتجربة العريضة، وكثافة المحصول، وغزارة المنتَج كلُّها رصيد يقف دون إعطاء إشارة «نعم»، لكلِّ سؤال، وعبارة «لا مانع» لأي مطبوعة أوإذاعة. هناك موازين من اللاّئق أن ينصبها الإنسان وهو في معمعة هذا الحشد من الكلام، وهذا التداخل في المفاهيم، وهذا الخلط في المستويات وهذا التَّناكب على الضَّوء، حيث يقيني لو أنَّ الفراشات أدركت ما وراء دوافع الإنسان للتقاطر على الضوء لولَّت الفراشات إلى مصادر رحيق أخرى...
بل لعلِّي لا أبالغ إن تخيَّلت «الذُّباب» يتهافت على الحلوى، لو علم ما في الحلوى من السُّموم والجراثيم لولَّى هارباً... أمَّا الإنسان الحديث مع كلِّ ما تحقق له من فرص القدرة على الفرز بين الصالح والطالح، والحق والباطل، والجيِّد والرديء، والعسل والسُّم إلاَّ أنَّه يغرق في «فوضى» التداخل، وهواجس الضوء...
ربَّما تدرك الطامحات الغاليات ما وراء هذه الحروف...
ربَّما تؤمن بأنَّني لن أتردَّد لحظة في تقديم كلِّ ما يُعينهنَّ على التقاط حزمة الضَّوء من بين شلالاته تلك التي تأخذ بهنَّ إلى الصالح، والحق، والجيِّد والعسل... كي يكنَّ الفراشات المحلقات في سماء النُّور.. النُّور.. وفي منأى عن مخبوء ماسواه ولعلَّها مكاشفة مقصودة..
كي يدركن وقفتي لهنَّ، ومعهنَّ.. لا عكس ذلك...
وإنَّني أتطلَّع لهنَّ النَّجاح والفلاح.. في مجال الإعلام على خير ما يتمنَّين. بل في مجال الحرف على اختلاف تشكيله، وتركيبه، ومجالاته بما وهبهنَّ اللَّه تعالى... وبما يقدِّمن فيه لأنفسهنَّ من العمل.
|