حلقات أعدها: إبراهيم المعطش - عبدالعزيز الجريسي:
في هذه الحلقة نواصل الحديث عن الجانب التاريخي عن نشأة ضرما.. وكذلك التطرق الى الجانب الاثري بالمدينة الذي تتضح حاجته للاهتمام.
تاريخ ضرما الحديث
كان اهل ضرما من اوائل من آمن بدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ودخلت ضرما تحت ولاية الدرعية والرياض وشاركت في تكوين الدولة السعودية الاولى والثانية، وفي توحيد المملكة على يد المغفور له الملك عبدالعزيز وما ارتبط بذلك من حروب ومعارك، ومن ابرز الاحداث في تاريخ البلدة قتال اهلها ومقاومتهم الضارية لقوات ابراهيم باشا اثناء حملته للسيطرة على نجد، وكان ذلك في 14 ربيع الآخر 1233هـ - 1817م، وكان وهو في طريقه الى الدرعية قد بعث الى اهل ضرما يطلب منهم علفا لخيله فردوا عليه بصرة فيها بارود وقذائف ورصاص، قرر غزوها خصوصا وانها تعد خط الدفاع الاول والحصين للدرعية. وسجل لها التاريخ بطولات عظيمة في مقاومة الاتراك فقتل من اهالي ضرما 800 رجل ومن الاتراك 1200 رجل.
المعالم التاريخية والآثار
توجد في ضرما آثار تاريخية يعود تاريخها الى أمد بعيد لم تجر بعد عملية استكشاف محتوياتها او التنقيب عنها حتى يمكن اعطاء مزيد من المعلومات عن تاريخها بشكل ادق واشمل، وفيما يلي نستعرض بعض المعالم القديمة في مدينة ضرما التي مازال البعض منها ماثلاً للعيان، مما يتطلب المحافظة عليها بترميمها وصيانتها، وضرورة البدء في تدارك اوضاع جميع المعالم التاريخية، والمباني ذات القيمة المعمارية والحضارية قبل فوات الاوان فقد ازيلت الاسوار مع توسع العمران، ومازالت هناك بعض من بقايا السور والابراج المراقبة والمساجد والمساكن والقصور القديمة وغيرها من المعالم والشواهد الاخرى.
السور:
كانت البلدة حتى وقت قريب محاطة بسور «حامي» لتحصينها وحماية سكانها من الغارات التي كانت تشنها البادية والقرى المجاورة في ظل عدم الاستقرار واستتباب الامن اللذين كانا سائدين قبل توحيد المملكة علي يد المغفور له الملك عبدالعزيز.
وكان طول السور نحو 3700م و يتخلله 20 برجا وعرضه نحو متر عند القاعدة ونصف متر تقريباً في اعلاه، ويتراوح ارتفاعه ما بين 4-5م، اما ارتفاع الابراج فيزيد على 6م ويضم ست بوابات او دراويز تقع مباشرة على السور هي القضيبة وصالح من الناحية الشمالية ودروازة مشاري من الغرب وابن غانم وسليمان بن حسين من الجنوب والدويخلة من الشرق، وكان يوجد على السور عدد من ابراج المراقبة واحد عند كل بوابة، ومنها برج ملوي وبرج صالح وبرج مشاري وبرج بن غانم، وبرج بن حسين وبرج الضريسي، وكانت البوابات تغلق في المساء، ولا تفتح الا في الصباح وتقع معظم بساتين النخيل خارج السور الاول، وكان هناك سور آخر يحيط بهذه البساتين ويقع عليه عدد من ابراج المراقبة يسمى سور دهام، ويحيط بالسور الثاني سور ثالث يضم بعض المزارع المحيطة بالبلدة، ومازالت بعض آثار هذه الاسوار باقية.
قصر الإمام تركي:
يقع قصر الامام تركي وسط احد بساتين النخيل «الفرغ» شمال غرب ضرما، وقد اتخذه الامام تركي بن عبدالله عام 1235هـ سكنا له اثناء اقامته في ضرما.
سوق ضرما:
سوق ضرما سوق قديم يرجع تاريخه الى العصر العباسي، ويقع على بعد 4 كم جنوب شرق ضرما وتوجد بعض آثاره واضحة متمثلة في اساسات بعض المباني والآبار الجافة.
المرقاب:
او المرقب كان ينتصب فوق ضلع «تل» الزبارة جنوب غرب ضرما وهو مبني من الحجارة، وكان يخدم اغراضاً اهمها نقل خبر هجوم الغزاة على البلدة الى قصر الامارة ومراقبة الحيوانات التي ترعى من الرياض القريبة وتهدم هذا السور اثناء غزو الاتراك لضرما وبقيت بعض آثاره.
الحالة الامنية في الماضي
يمكن القول: إن الحالة بالنسبة لضرما كانت كغيرها من القرى النجدية فلم تحكم من قبل احد غير اهلها قبل انشاء الدولة السعودية وظلت تعاني كغيرها من قرى نجد من حالة عدم الاستقرار بسبب النزاعات والغارات التي كانت تشن من قبل ابناء وزعماء البادية والقرى المجاورة قبل توحيد وتأسيس المملكة العربية السعودية.
أقسام البلدة
المجتمع في ضرما حتى وقت قريب كان يتميز بالتجانس والانسجام والاستقرار لقلة وضعف عوامل التغير او الحراك الاجتماعي والاقتصادي للاسرة، كانت البلدة القديمة تتكون من قسمين رئيسين هما البلاد والحوطة، وفي كل منهما عدد من المجاورات او الحارات الصغيرة المختلفة في مساحاتها واعداد مساكنها يتراوح في الغالب ما بين 5-15 منزلاً وكان توزيع الاسر في البلدة وحسب وجودها السكني في اقسام البلدة الرئيسية:
البلاد:
وهي الجزء الرئيسي في البلدة القديمة، فهنا كان يوجد اكبر عدد من السكان وبها مقر الامارة والمحكمة والمدارس والجامع والسوق والمستوصف وتوجد في هذا الجزء المجاورات السكنية - النخيل - القضيبة - شرمة - الصعيدا - الحلة - ملوي - الجويمعي الشريقي - المريفع - الحيالة - الدويخلة - الدغمانية - البريحة، ومن اهم الاسر التي كانت تسكن هناك آل بخيت آل تركي، التخافي آل حسين، آل حماد آل حميد الحواطى آل عقيل آل مسعود وآل نويجم وآل ياقوت.
الحوطة
وهي التي تكثر فيها المزارع والبساتين، وهنا تتصف المساكن بتوزعها على شكل مجموعات سكنية صغيرة وفيها توجد مجاورات الشرق مهارش حوشان المجموعة العسيلة، الصلة، الذنيب، القصر الحياش الطرف الكويخي، ومن اهم الاسر التي تسكنها آل بتال آل ثنيان ، آل خليل، آل خليفة، آل دغيثر، آل دليم، السيايرة، آل شعلان، الشنافي، الصحافى، العجاجات، آل عثمان العريني، آل غانم ، آل مسلط ، آل نافع، آل نامي، آل نحيط، آل نصار، آل نغيمش.
كما توجد مجموعات من الاسر في مساكن متفردة او على شكل تجمعات صغيرة منتشرة بين المزارع الملاصقة للبلدة، ويحتم هذا النمط المبعثر طبيعة الحرفة وحاجة المزارع قبل تطور وسائل النقل بأن يكون مسكنه في وسط او على مقربة من مزرعته ومنها آل مدبل، آل فقيه، آل مسعود، وآل رشيد في الشمال ، آل سلوم في النعارى ، آل عبدالعزيز في الحويشان آل نفيسة، في القرقص، وفي السحر والشويهانية، آل تركي، في الذويدي وآل غوينم، في العليا، آل ونيان في الرميلة، والقبانية في الخزامى.
اما مساكن المزارع المعزولة خارج البلدة «القصور» خاصة تلك التي تقع نحو الشرق، فكانت تسكنها اسر من آل دغيثر، آل عيدان الزمامي آل مقبل، السبور النعامي.
ولكل اسرة حارة او مكان تركز مسكناً خاصاً بها، وكانت الفروق الاقتصادية والاجتماعية بين السكان ضئيلة فلم يكن هناك تمايز واضح بين مجموعات السكان او الاسر، وان كانت هناك فئات اقتصادية واجتماعية تضم ملاك الاراضي والمزارع والحرفيين الذين يزاولون البيع والتجارة وغيرها من الحرف ثم العمال بأجر الذين يمتهنون اعمالاً مختلفة غالباً في العمل الزراعي وبصورة موسمية او غير منتظمة وعلى اساس هذا التقسيم كان التفاوت الاجتماعي محدوداًً بسبب ضآلة الدخل، وان كان نسب الاسرة او انتماؤها القبلي او ما لدى الاسرة من املاك تعتبر احيانا عوامل تميز بين الاسر، اما في الوقت الحاضر فقد تغير نمط توزيع الاسر بسبب الانتقال السكني داخل المدينة والهجرة منها، او اليها وتغيرت اسس الفوارق الاجتماعية بسبب تأثير المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية الاخرى التي من اهمها التعليم وتعدد فرص العمل وارتفاع مستوى الدخل والمعيشة لكل فئات السكان تبعا لذلك.
الهجرة
الهجرة تعني تغيير الشخص مكان إقامته او الانتقال من مكان او بلد الى آخر بقصد الاستقرار في البيئة الجديدة، وتعد الهجرة من اهم العوامل المؤثرة في عملية التغيير السكاني، تعرضت ضرما كغيرها من قرى نجد هجرات، فقد حدثت هجرات لعدد كبير من سكان ضرما خاصة الفئات الشابة منهم باتجاه مدينة الرياض على وجه الخصوص، وهي من نوع الهجرة الدائمة حيث استقر المهاجرون وكونوا اسراً في مدينة الرياض بصورة دائمة، وان كان هناك هجرة عكسية لعدد من المهاجرين في السنوات العشر الماضية الى ضرما بعد التوسع في الاعمال الحكومية والانشطة التجارية فيها، ولا شك في ان قرب مدينة الرياض من ضرما قد شجع وساعد على هجرة اعداد كبيرة من سكان البلدة، ومن اهم الاسباب التي دفعت الكثير الى الهجرة في الماضي قلة فرص التعليم والعمل، وانتشار البطالة وجفاف الآبار وقلة الدخل من الزراعة يقابل ذلك اتساع مجال العمل والتعليم وفرصهما في مدينة الرياض.
|