البهاق مرض جلدي مزمن يتميز بفقدان صبغة الجلد (الميلانين) في اجزاء مختلفة من الجسم وتظهر على هيئة بقع بيضاء تبرز بصورة اوضح كلما ازدات سمرة البشرة ومع كون البهاق مرضاً غير مؤلم او معد او فيه تهديد للحياة فقد اظهرت دراسات كثيرة تأثيراته الاجتماعية والنفسية في المصابين به، فقد يصاب العديد من المرضى بالاحراج او الخجل بسبب مظهرهم ويتدنى احترام الذات لدى البعض الاخر كما قد يصاب البعض بالاكتئاب.
ونرى انه على المعلم او المعلمة ان يتعرف على هذا المرض وتأثيراته والطرق الممكنة لمساعدة الطلاب المصابين بالبهاق.
فأكثر المصابين بالبهاق في صحة جيدة وليس لديهم أي مظاهر مرضية سوى نقص التصبغ ولكن التأثيرات النفسية الناتجة من تغير المظهر قد تكون مضرة للمصاب اكثر من المرض نفسه.وهذه الزاوية موجهة لمعلمي ومعلمات المدارس الذين يتعاملون يوميا مع طلابهم وطالباتهم خصوصا في سنوات الدراسة الاساسية حيث يبدأ الطلاب بتنمية حسهم الذاتي بالثقة واحترام الذات ولما لذلك من ترابط وثيق مع المظهر الخارجي لذا نرى أن مساعدتك لطلابك للتأقلم مع المؤثرات النفسية والاجتماعية للبهاق امر في غاية الاهمية وسنقوم في هذه الزاوية وعلى مراحل بمناقشة تأثير البهاق في الطلاب في المراحل الدراسية الثلاث الابتدائي، المتوسط، والثانوي كما نشير الى بعض الاحاسيس التي تتملك هؤلاء الطلاب داخل البيئة المدرسية اضافة الى اقتراح الوسائل التي يمكنك من خلالها مساعدة الطالب او الطالبة المصاب بالبهاق.
نصائح للمعلم/ المعلمة
هذه بعض الارشادات للمعلمين والمعلمات وهي تصلح في جميع الحالات والفئات العمرية.
1- قدم الدعم بالقدوة فإذا تجنبت لمس الطالب المصاب بالبهاق سيقوم الطلاب الآخرون بالشيء نفسه.
2- لا تتجاهل المضايقات من الطلاب الآخرين ولا تتردد في التدخل في الحالات التي تشكل أذى او ألما نفسيا للطالب وحاول مساعدته على الاندماج في النشاطات اليومية.
3- حاول ان تشارك الأهل مشكلة طفلهم وعرفهم على وسائل العلاج وطرقه اضافة الى طرق تغطية البقع اذا كانوا لا يعرفون ذلك.
4- حوِّل الطالب المصاب بالبهاق الذي تظهر عليه علامات التأثير النفسي الشديد الى اخصائي العلاج النفسي أو المرشد الاجتماعي.
5- ابقَ على اتصال بمراكز العلاج ومراكز العلاج النفسي لمعرفة وسائل العلاج الحديثة والمساعدة في توفير نشرات التوعية الصحية المناسبة.
الطفل في المرحلة الابتدائية
«انهم يسخرون مني!»
قد ينسى الطفل في هذه المرحلة انه مصاب بالبهاق ويشارك بحماس في نشاطات الفنون، الرياضة، القراءة وفي تطوير مهارات جديدة مما يشغله عن اصابته بالبهاق.وبعكس مرحلة المراهقة فإنه غير مهتم كثيرا بمظهره ومع ذلك فالاطفال في هذه المرحلة حساسون جدا للسخرية والنفور. وكمعلم مسؤول عن الفصل فان افضل مساعدة تقدمها للطفل المصاب بالبهاق هي ايجاد بيئة داخل الفصل لا تتسامح مع السخرية او الاهانات او الاساءة لهذا الطفل وفي الوقت نفسه تقدم له تحديات واهتمامات جديدة.
يتجاهل المعلمون في أحيان عديدة ملاحظات السخرية والتهكم ضد هذا الطفل ومن المهم للمعلم ان يمارس دوراً فاعلاً في مساعدة هذا الطفل وذلك بانتهاز الفرص لتوعية الطلاب بمرض البهاق وتهدئة الطفل المصاب. ومن المهم ان يشعر هؤلاء الأطفال بالاطمئنان بأن الاشخاص البالغين والمؤثرين حولهم سيقومون بحمايتهم ورعايتهم بغض النظر عن مظهرهم الخارجي وعدم حدوث ذلك يؤدي الى اهتزاز ثقته بنفسه.
ومن الضروري بشكل خاص اعطاء الطفل المصاب الاهتمام الكافي عندما يجد نفسه في بيئة جديدة كالمدرسة خصوصا في الاسابيع القليلة الاولى او لدى التعرف على زملاء جدد، لأن من شأن ذلك اثارة قلقه وشعوره بأنه غير مرغوب فيه.ويخف هذا القلق مع مرور الوقت ويبدأ في تكوين صداقات جديدة. ومن المهم ان يدرك المعلم بأن احساس الطفل المصاب بالفخر لتحقيقه انجازاً معينا او اكتسابه مهارة جديدة يساعد كثيرا على نسيانه لإصابته بالبهاق.
اذا كانت اصابة الطفل بالبهاق ظاهرة بشكل لافت أو ترى أنه يعاني من مشاكل بسبب مظهره، يستحسن الاستفسار من الاهل لمعرفة ان كان الطفل يخضع للعلاج ام لا؟ لأنه ولسوء الحظ قد لايكونون على علم بتوافر العلاج او يعتبرونه امرا عاديا او أنهم يعرضونه فقط على طبيب شعبي. وهناك الآن عيادات ومراكز متخصصة في علاج البهاق داخل المملكة يمكنك توجيه الاهل اليها ليحصلوا على المزيد من المعلومات والعلاج.
يمكنك ايضا كمعلم ان تقترح على الاهل استخدام تقنيات التمويه كارتداء ألبسة تخفي بقع البهاق علي اليدين او الرجلين في اثناء حصة الرياضة مثلا. اضافة الى ذلك ان تقترح عليهم استخدام «المكياج» الخاص بالبهاق وهو عبارة كريمات تأتي بألوان متعددة وتخفي بقع البهاق عن الانظار لمدة 24 ساعة.
ويجب الانتباه الى ان استخدام هذا المكياج لاعطاء الجلد لوناً طبيعياً يجب ان يتوافق مع توفير نظرة ايجابية لهذا الموضوع خصوصا اذا بدا الطفل منزعجا. ويفضل ان يكون المعلم مرناً بعض الشيء في تطبيقه للانظمة داخل الفصل حين يختص الموضوع باخفاء بعض مظاهر البهاق لدى الطفل. ومثال على ذلك ان بعض المصابين بالبهاق تظهر لديهم خصل شعر بيضاء وقد يضطر بعض الطلاب لارتداء قبعة خصوصا في الاوقات التي لايرتدون فيها الغترة مثل حصة الرياضة، وذلك لإخفاء خصلة الشعر البيضاء واذا أصر المعلم على خلع الطفل للقبعة وذلك كقاعدة لديه في الفصل فقد يعرضه لانتقادات أقرانه وعدم رغبته في الذهاب الى المدرسة لاحقا.نذكر ان الاطفال المصابين بالبهاق لا يملكون الكثير من وسائل الدفاع ويحتاجون لكل مساعدة ممكنة واكثر المعلمين راغبون في حلحلة بعض انظمتهم اذا كان من شأن ذلك ان يعزز مفهوم الذات ويرفع البعد المعنوي لديه.
في المقال القادم نناقش وسائل الدعم التي يمكن للمعلم/ المعلمة تقديمها للأطفال المصابين بالبهاق في المراحل الدراسية المتوسطة والثانوية إن شاء الله.
| 
