Saturday 11th January,2003 11062العدد السبت 8 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مسرح بالمجان مسرح بالمجان

كل يوم في الصباح والمساء، وأنا أعبر هذا الشارع، عبورا إجباريا، لا اختياريا، سكني هنا، في شارع التخصصي، لا مناص من ان اشهد معزوفة دائمة، او مسرحية قائمة، مسرحية اشهدها بالمجان، لأنها معروضة في كل آن، مسرحية لها ابطال وشخصيات، وكلهم يركبون السيارات الفارهة كلهم من اصحاب القصات العجيبة.
أعني هؤلاء الشباب المراهقين الذين يسرحون ويمرحون في طول الشارع وعرضه، لا يعطون الطريق حقه، ولا احترام لقوانين المرور، كانوا يتمايلون متراقصين، برؤوس ذات قصات مدهشة وقلوب خافقة على انغام الموسيقى الغربية او المقطوعات المائعة العربية، مسرحية عجيبة تتكرر امام عينيك، فتنظر نحو اولئك الشباب بإشفاق وحزن وأسى يتسلل اليك العجب، وأنت ترى ما ترى، ولا تقدر ان تفعل شيئا تردد بيت الشاعر وأنت حيران:


إن الشباب والفراغ والجدة
مفسدة للمرء أي مفسدة

ولا تكتفي بذلك، بل تتساءل في دهشة واستغراب:
الى متى أيها الشباب؟ وهل انتم - فعلا - لا تعون ما تفعلون؟
أحقاً انتم من ابناء هذا الوطن، ومن غراس هذه الارض المباركة؟
أحقاً انتم من هذا المجتمع الاصيل، الذي يقدر الرجولة ويحترم الشباب الطامح؟
انني اسألكم ما الذي يدفعكم الى هذا؟ ما الذي يجعلكم تنسلخون عن اصالة مجتمعنا؟ تعززون ثقافة وافدة، وافكارا دخيلة حاقدة؟
ان لنا من عاداتنا وأصالتنا واعتزازنا بها ما يجعلنا ندفع عن شبابنا كل اذى وتقليد اعمى، ومحاكاة ومجاراة لكل التقاليد الدخيلة، والثقافات المشبوهة ثقافة الفضائيات.
ان هذه المواقف الصغيرة يجب ان ينظر اليها بعين الاهتمام وان ترصد رصدا موضوعيا، حتى نتخلص منها، ونضرب عنها صفحا، فالوعي مطلوب، والنصيحة واجبة، وهؤلاء الشباب ابناؤنا، قلوبنا هم مسؤوليتنا، هم امانة في اعناقنا، التوعية السليمة لا تؤتي أكلها إلا بالنصح والارشاد وزيادة التوجيه والتوعية على كل صعيد، في المدرسة، في البيت، في المسجد، في كل الملتقيات، التوعية تشمل الآباء والامهات لتصل بعدئذ الى الأبناء، التوعية تشمل فئات المجتمع وشرائحه المتعددة، حتى نتمكن من القضاء على هذه المظاهر المؤذية. ومجتمعنا - بحمد الله - لا يقرها، ولا يأخذ بها، كثيرون من الشباب المثقفين ينظرون الى هذه الظواهر نظرة استنكار، لأنها ظواهر طارئة.. وافدة دخيلة، كفقاعات الصابون، لا تلبث ان تضيع وتتلاشى، قال الله تعالى: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ [الرعد: 17] صدق الله العظيم.
وعندما نتكاتف ونتعاضد ونجتمع على كلمة واحدة، كلمة سواء نستطيع ان نجنب ابناءنا مزالق الطريق، ونعيدهم الى جادة الصواب، نستطيع بالكلمة الطيبة، والردع الرفيق، والمنطق الواضح الصريح ان نفتح اعينهم على الحقيقة وان نأخذ بأيديهم الى نور الهداية والرشاد، ليكونوا ابناء صالحين ومواطنين مخلصين، هذه الظواهر هي فقاعات كفقاعات الصابون، ولكنها ليست سليمة، ولا دليل عافية، ولا مؤشر سلامة فلربما انتشرت هذه الفقاعات، وتطايرت هنا وهناك، حتى ملأت مساحة او عطّلت فضاء، ومن هنا، لا بد من معالجتها بالهدوء والتأني والروية والنصح والوعي السليم، وما ذلك على المخلصين الجادين العاملين بعزيز.
عبدالرحمن بن عمر المحسن
مدير مركز سعود البابطين للتراث والثقافة

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved