قرأت قبل فترة مقالاً في جريدتنا الغراء هذه لا أتذكر اسم كاتبه «في صفحات الرأي» يتحدث عن تجربة زيارة مندوب شركة لتنقية الماء وبيع الأجهزة التي تقوم بذلك، وهي تجربة مَرَّ بها كثير من الناس، فهذه الشركات تدخل على الناس من باب الحياة والموت فالماء، كما علمونا، هو الناقل الرسمي لكل أنواع الجراثيم والتلوثات المختلفة، وفي كل يوم نقرأ في الصحف والمجلات عن أهمية الماء النقي في دنيانا، ومن جهة أخرى لا يوجد ما يكفي من حملات من المسؤولين في مصلحة المياه لطمأنة الناس، فمرة نسمع ان مياه البلدية هي أفضل أنواع المياه وتغني عن المياه المعبأة التي تباع في الأسواق، ومرة أخرى نسمع ان ماء البلدية مليء بالكلور ومليء بالشوائب كالأتربة جراء المواسير التالفة والتعبانة ، كما ان هناك نصائح لا حصر لها تترامى من كل جهة تفقد الإنسان قدرته على الحكم.
من ضمن التعريف بأي مدينة أزورها في العالم اقرأ في الكتب السياحية معلومة تخص الماء، هل الماء قابل للشرب من الحنفية أم لا؟ بينما في الرياض لا احد يعرف حتى الآن هل نشرب من مياه البلدية مباشرة أم لا.
قبل سنوات قليلة زارني الإخوة بائعو معدات الماء وكما قال صاحب المقال المذكور أعلاه، كشف مندوب الشركة بقليل من التجارب السريعة مساوئ الماء الذي نشربه من الحنفية، وبَيَّن لي الفرق عملياً وبالفعل كدت اقتنع واكتب الشيك للبدء بتركيب معداتهم لولا ان السعر كان مرتفعاً بشكل غير معقول «اربعة عشر ألف ريال».
بعد أن تركني وترك معي كرته ترك في قلبي كل المخاوف من أمراض الكلى والكبد الى الأمراض المعدية إلخ. في نفس اليوم لبست ثوبي ووضعت غترتي على اقرب جزء من رأسي وركضت الى شارع التخصصي لا ألوي على شيء ومن محل الى آخر أستفسر عن أسعار وماركات الأجهزة وكان قراري ان عشرة آلاف سعر مناسب، وبعد اللف والدوران وبعد السؤال في المجالس وفي المقاهي انقلب السحر على الساحر، فجاء من يقول لي: انتبه تركب السوفتنر: فسألت ما هو السوفتنر: فقال الخبير: هذا الجاهز يسحب كل الأملاح من الماء ولا يصلح إلا للمغاسل لأنه يوفر الصابون، وكان سعر السوفتنر لا يقل عن خمسة آلاف ريال ثم قال إن كثيراً من الفنادق الكبرى في العالم انخدعت به في البداية وركبته وابتلشت به وللتخلص من مشاكله ولكي تعوض المستحمين في حماماتها صاروا يضعون كيساً مملوءاً بالملح عليك ان تذوبه في البانيو قبل ان تطبَّ فيه.
وبعد تحريات أخرى قال لي آخر: هل تشعر بأن الشاي والقهوة التي تشربها غير مستساغة فقلت لا: فقال إذاً لماذا تركِّب جهاز التناضح العكسي، فقلت: وما هو جهاز التناضح العكسي، فقال: هذا فقط يحلي الماء. أما من الناحية الصحية فلا قيمة له.
المهم دحدرت الأسعار من اربعة عشر ألف ريال الى ثلاثمائة ريال فقط.. عرفت ان اقرب فلتر بمقياس نصف ميكرون يمكن ان يقوم بالمهمة. يعطيك مياهاً أكثر صحية من أي مياه تشتريها في القناني البلاستيكية الزرقاء او تأخذها من البزبوز. هكذا استقر رأي الخبراء بعد ان أصبحت واحداً منهم.
وقبل ان اختم كلامي أشير إلى ان من أهم ميزاتنا ان كل إنسان مسؤول عن نفسه. لكي تعيش عليك ان تكون خبيراً في كل شيء.
ملاحظة: لا تأخذ كلامي بالقبول النهائي فأنا خبير على نفسي وعلى عيالي فقط.
فاكس 4702164
|