Saturday 11th January,2003 11062العدد السبت 8 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

«قرما» الاسم الأول قبل 1400 سنة «قرما» الاسم الأول قبل 1400 سنة
ضرما سنابل القمح سعف النخيل 1/ 6
«المشمرخ» أبرز الجبال، والدغماء يتقدم سلسلة «الخشوم»

  حلقات أعدها: إبراهيم المعطش - عبدالعزيز الجريسي:
تستقر محطتنا هذا الاسبوع من محطات حدود الوطن في محافظة ضرما التي نصحبكم فيها على مدى ست حلقات بجولات متنوعة نلتقط من خلال لمحات من تاريخ المحافظة ونستطلع معالمها التضاريسية والحضارية.
في حلقة اليوم نتناول نشأة المحافظة وأبرز تضاريسها وتسميتها.
الموقع
تقع ضرما بين خطي عرض 3 ،24ْ و 25 شمالاً وخطي طول 25 ،45ْ و 15 ،46 شرقاً في المنطقة الوسطى من المملكة العربية السعودية وتبعد من مدينة الرياض نحو 65 كم غربا، ويحدها من الشمال والشمال الشرقي جبال طويق ومن الجنوب والجنوب الغربي رمال قنيفذة، ومن الغرب والشمال الغربي منطقة مرات على بعد حوالي 50 كلم.
وهي بذلك تمتد على مسافة تقدر بأكثر من 100 كم بين الحائر ومرات، ويأخذ امتداد منطقة ضرما عموما الشكل الطولي على سهل ضرما محاذية لمرتفعات طويق على مساحة تقدر ب 2060كم2.
وتقع ضرما في الجزء الشرقي من هضبة نجد في حوض او سهل مستو يرتفع نحو 550م على سطح البحر. وتعتبر مرتفعات طويق ابرز مظاهرها التضاريسية فهي تشكل حدودها الشمالية والشرقية وتنحدر هذه المرتفعات بشدة نحو سهل ضرما لدرجة تبدو، وكأنها جدار قائم وذلك بفعل عوامل التعرية المائية والهوائية وتفاوت مقاومة الصخور لهذه العوامل.
وتعد مرتفعات طويق حاجزا طبيعيا كان يعوق حركة الاتصال بين ضرما وبين الاماكن التي تجاورها.
تمتد الأجزاء السهلية او المستوية من اراضي المنطقة والمعروفة بسهل ضرما او «البطين» شرقا وغرباً على مسافة طولية تقدر بنحو 100 كم وعرض 7-18كم في اقصى اتساع له نحو الشمال. اما الكثبان والتلال الرملية فتقع جنوب البلدة وتحف بالمزارع في «جو» وهي من نوع الكثبان البسيطة الطولية جزء من نفود الغزيز التي تعتبر امتداداً لنفوذ قنيفذة وتقوم في السهل المناطق الزراعية والسكنية الذي ينحدر نحوه عدد من الاودية والشعاب.
الجبال
تعتبر الجبال من أبرز المظاهر التضاريسية في منطقة ضرما واهم تلك الجبال جبل المشمرخ والمهيد وقرادان والخنصر وسمحان وام رجوم.
اما الخشوم والانوف وهي عبارة عن حواف جبلية بارز فمنها خشم الدغماء وهو جبل الشعبة ويقع غرب ضرما وتوجد به آثار ومبانٍ وحفريات قديمة ويعتقد انه مازال يوجد هناك معادن ثمينة «وخشم السهكوك وخشم الزبارة وخشم ام حييد وخشم الحصان وخشم راشد والحجرة وام نقيب وام الدخان والمويه وخرشا.
الحزوم والثنيات:
الحزم هي تلال صخرية ذات ارض صلبة خشنة الحجارة مستطيلة تعرف بالميركة وتتكون من الحصباء والرمل شكلتهما عوامل التعرية واهمها حزم بحيصة وحزم جفين وحزم الميبس، ام الثنيات فهي فتحات بيت الجبال تكونت نتيجة لعوامل التعرية ومنها ثنية الحاج وثنية الشويعر وثنيه غددة وثنية تفلة وثنية الجعيثينية وثنية عنبرة.
ينحدر نحو سهل ضرما عدد من الاودية والشعاب والتي تغذي بما تحمله من مياه الامطار والتربة واراضي المنطقة، وهي تأتي غالبا من الشمال والشمال الشرقي نحو الجنوب والجنوب الغربي ومن اهمها وادي الحميض والمربد وابو خيسة ومطيويه والاذعيرعات والشق والسقطة والقويعان ام اشهر الرياض التي تتميز بها ضرما فهي سمحان والنقية وروضة ابن محيسن وروضة الخبرا.
التربة
تقع ضرما على سهل داخلي مستو انحداره حوالي 03.% والتربة هنا طينية عميقة صفراء تكونت اساساً من ارسابات المجاري المائية من الشعاب والاودية التي تحتوي على الطمي الذي يغطي مساحة كبيرة من اراضي المنطقة وعليها تقوم وتعتمد الزراعة مساحات اخرى تغطيها تربة رملية على شكل كثبان هناك ايضا مساحات تغطيها النتوءات الصخرية والتلال الصغيرة والتربة عليها ضحلة ومتوسطة العمق ويعد نحو 85% من الاراضي في منطقة ضرما صالحاً للزراعة.
المناخ
تقع ضرما في المنطقة ذات المناخ الصحراوي القاري البعيد عن المؤثرات البحرية او المحيطية مما يجعل الحرارة هنا تميل الى التطرف فهي مرتفعة جداِ صيفا ومنخفضة شتاء والسماء صحو تقريبا طيلة ايام السنة وتتصف درجات الحرارة تبعاً لذلك بالتباين الكبير في معدلاتها اليومية والفصلية.. يبلغ المتوسط السنوي للحرارة في ضرما 24 درجة مئوية فمتوسط درجة الحرارة الفصلي يتراوح ما بين 14ْ في الشتاء و34ْ في الصيف وادنى درجة حرارة تبلغ 20ْ بينما تصل أقصى درجة حرارة الى 36ْ درجة مئوية.
امطارها
في ضرما الامطار قليلة وغير منتظمة في كمياتها وميقاتها وتسقط عادة في فصلي الشتاء والربيع ويصل المعدل السنوي للأمطار في ضرما الى نحو 92 ملم وهي من النوع الصحراوي الذي يسقط خلال فترة قصيرة احيانا على شكل زخات مشكلة سيولاً جارفة تحدث أضراراً بالممتلكات كالمزارع والمساكن. ويعتبر سقوط الامطار من الاحداث المهمة لسكان ضرما وينتظر الاهالي في كل عام مواسم سقوط الامطار باهتمام بالغ. ويترقبون سقوطها خاصة في سنوات الجدب والجفاف ولا غرابة في ذلك ففي هذه البيئة الصحراوية الجافة يعتبر سقوط الامطار امنية انسان المنطقة.
تهب الرياح بصفة دائمة طوال العام وتشتد قليلا في اشهر الصيف حاملة معها الاتربة والغبار واتجاهها متغير كثيراً.. ويغلب عليها الاتجاهات التالية شمال وشمال شرقي وشرق جنوب شرقي جنوب جنوب غربي.
النباتات الطبيعية والمياه
الزراعة الحديثة في ضرما تعتمد على المياه الجوفية العميقة المستخرجة من آبار على أعماق تزيد على 1000م وهي من تكوينات ضرما التي تجمعت مياهها في احواض او خزانات ضخمة عبر آلاف السنين خلال فترة كانت الجزيرة العربية تمر بعصور مطيرة وقد كانت ضرما في السابق تعتمد على احتياجاتها المائية على الموارد الجوفية السطحية او غير العميقة والمخزونة في الطبقات الطينية السميكة نسبياً وما تحتها من الاحجار الجبرية. حيث تترشح فيها المياه وتتخزن خلال سقوط الامطار ويتم حفر الآبار في الطمي على اعماق تتراوح ما بين 10-30م لاستخراج المياه للاستعمالات المحلية ورى المحاصيل، وهذه الكميات المحدودة جداً من المياه المخزونة في هذه الطبقة حساسة لتأثرها بفترات الجفاف الطويلة واعتمادها الكبير على ما يسقط سنوياً من امطار.
وقد أقيم حديثا في عام 1403هـ سد صغير يبلغ طوله 1450 متراً يقع شمال غرب المدينة عند السفوح الشرقية لمرتفعات طويق لتغذية الآبار السطحية ورفع منسوب المياه فيها، حتى وقت قريب كان يوجد في المرتفعات المجاورة بعض الينابيع العذبة التي كانت تتدفق منها المياه بصورة طبيعية وتعرف هذه الينابيع بالقواطير احدها الزحيفية يوجد في جبل ام الدخان شمال ضرما، والآخر يسمى دجلة شمال قصور آل مقبل، وقد عمل السكان في الماضي على انشاء احواض لتجميع مياه هذه الينابيع لأغراض الشرب، وكانت توجد عين مياه قديمة تنبع من بين التلال الواقعة الى الغرب من مدينة ضرما قرب جبل الشعبة وقد جفت جميع هذه المصادر مع تعاقب سنوات الجفاف المتتالية التي مرت بها المنطقة.
النباتات الطبيعية
النباتات الطبيعية في ضرما نادرة، وذلك لعدم انتظام سقوط الامطار من ناحية وارتفاع معدلات التبخر من ناحية اخرى ولكن توجد بعض النباتات الشوكية القصيرة والاعشاب البسيطة التي تتميز بمقدرة على التكيف مع ظروف الجفاف التي تتميز بها مناخ المنطقة، وقد تعرض الكثير من هذه النباتات للتلف بسبب ظروف الجفاف المتعاقبة والتحطيب واجهاد المراعي وهذه النباتات يمكن ادراجها فنحن مجموعتان رئيسيتان:
مجموعة الاشجار والشجيرات
وهي كالسلم والطلح والعرفج والارطي والثمام والسمر والسبط والثغام والعوسج وهذه معظمها نباتات شوكية وتستخدم لأغراض الرعي ولأغراض العلاج لبعض الامراض مثل نباتات الشيح والحرمل والشري والكداد وهي نباتات تتحمل الجفاف لفترة طويلة ويكثر وجودها قرب الاودية والكثبان الرملية وعلى سفوح المرتفعات.
كذلك تنمو مجموعة من الاعشاب بعد سقوط الامطار وهي تستخدم لأغراض الرعي وبعض هذه الأعشاب يأكله الانسان كالحميض والقرقاص والحط والبقرا وكذلك تنمو بعض النباتات الفطرية المثمرة بعد سقوط الامطار واهمها الفقع «الكمأة» التي يحرض الانسان على البحث عنها وجمعها حيوانات الصحراء.
كانت حتى وقت قريب توجد بمنطقة ضرما حيوانات البيئة الصحراوية بكثرة في الاودية والتلال والرملية والمجاري والمرتفعات وكانت ضرما تشتهر بوجود الغزلان والوعول والارانب والذئاب والثعالب والجرابيع والعنب والورل والافاعي كذلك توجد مجموعة من الطيور كالحمام البري والحبارى والصفارى والقطا والبوم وفي الجبال توجد الصقور والنسور والغربان وقد تعرض الكثير من هذه الحيوانات الى الانقراض بسبب حملات الصيد الجائرة واستعمال الاسلحة النارية.
يقول الشاعر محمد بن صقر السياري وهو يتذكر ماضيه في ضرما والصيد فيها:


ورحلت عنها علها وابل الحيا
مانيب مرخصها ولو عض نأبها
خذيت فيها سجة مانسيتها
مانيب ناسيها ولو عفت مابها
واشعابها فيها من الصيد عينه
واتعب لها وابدي نوايف هضابها
من شرق المرقاب في اول شبابه
يموت ما ينسى رجوم بدابها

نشأة ضرما
لا يعرف لها بداية بالتحديد الا ان أغلب المؤرخين يرجعون تاريخها لفترة ما قبل الاسلام او لأكثر من 1400 سنة حيث كانت تعرف باسم «قرما» وكان هذا الاسم يطلق على موضع البلدة الحالي، اما ضرما فكان يطلق عليها قرقرى وقد ورد اسمها في معجم البلدان حيث ذكر ان قرما قرية بوادي قرقرى باليمامة كثيرة النخل.
وهذا دليل على انها كانت عامرة وفيها نخيل ويذكر الاصفهاني في وصفه للمنطقة: ثم تصل الى ثنية الاحيسي «الحيسية» وهي ماء عليها نخيل .. ثم تجوزها فتقع في ناحية قرقرى اليمامة.. ويذكر الهمذاني ومن ميامين اودية اليمامة نساح وملك ولحا والعرض فيها قرى مينه وحية ومن فراعها قرقرى.
المسمى
اشتق اسم قرما من تركيب كلمتي قر الماء فقد اشتهرت بوفرة الماء وهي تعد من اخصب اراضي اليمامة واكثرها مزارع ونخيلاً واطيبها مرعى واصلحها زراعة ومع مرور السنين استبدلت القاف بضاد مفتوحة بعد ان تناقصت كمية المياه عبر السنين فنقص الماء بعد وفرته مما يحدث ضرراً بالغاً في مثل هذه البيئة الصحراوية القاحلة شحيحة الموارد المائية.
وقد ذكرت ضرما في العديد من اشعار العرب الاوائل كجرير والاعشى:
ذكرها جرير في هجاء بني نمير حينما قال:


سيبلغ حائطي قرماء عني
قواف لا اريد بها عتابا

وقال الاعشى:


عرفت اليوم من تيا مقاما
بجو او عرفت لها خياما
فهاجت شوق محزون طروب
فأسيل دمعة فيها سجاما
ويوم الخرج من قرماء هاجت
صباك حمامه تدعو حماما

يقول السليك بن السلكة:


كان حوافر النحام لما
تروح صحبتي اصلاً محار
على قرماء غالية شواه
كأن بياض غرته خمار
ضرما في كتب بعض الرحالة

لوريمر احد الرحالة الغربيين الذين تجولوا في الجزيرة العربية وكتبوا عن ضرما فقد زارها في عام 1900م وذكر عنها قوله: هي قرية كبيرة في منطقة العارض من نجد وهي تقع في سهل له امتداد وملتقى تصريف ثلاثة اودية تنحدر من جبال طويق، ومن هذه «المرتفعات» في اقصى الشمال خرشا قري الحيسية والجزء الاوسط يسمى وضاح وفي الجنوب السقطة وكان بها سوق يحتوي على عدد من الحوانيت وبها نحو 300 مسكن وتوجد احياء منعزلة اخرى او قرى تابعة تعرف باسم قصر بن شهيل والوسيطي وتوجد بها مزارع واسعة للقمح والشعير وتزرع ايضا الذرة والبرسيم والبطيخ وقد عدد نخيلها بنحو 000 ،30 نخلة.
كما زارها ايضا فيلبي اثناء رحلته عبر طريق الحج فوصفها قائلا: بعد ان عبر سلسلة جبال طويق وترك الجبال خلفه: على صفائح السهل عند اقدام مرتفعات طويق يمتد وادي ضرما الذي يسمى وادي البطين واول جزء من الوادي ضيق حيث تنتشر في هذا الجزء اشجار صغيرة ومبعثرة «قزمية» ويسمى هذا الجزء الروضة فعلى اليمين مرتفعات طويق تحجبها في بعض الاجزاء كتل صخرية ومسلات تنتصب بشكل بارز على سطح السهل، بعد ذلك يأخذ السطح في الانحدار تدريجيا ونعبر اراضي تغطيها الاحجار الرملية الخشنة فيما يعرف بحزم الصفراء ، جبال طويق يمكن رؤيتها على مدى النظر باتجاه الشمال والجنوب، وعند نهاية المنحدر نصل الى الجزء الشديد الانحدار او وادي البطين وهو واد رملي عرضه حوالي ميلان تحده من الغرب ثلاث حواف جبلية بامتداد شمالي جنوبي ابو طلح نحو الجنوب المشمرخ في الوسط وبرقا نحو الشمال وخلف هذه الضلوع او الحواف الجبلية يقع الحاجز الرملي لنفود «جو» وخلفه تقف بارزة الصخور البازلتية المعروفة بالمعانيق وعلى يسار الوادي تقع مزارع متباعدة كما توجد مجموعة من المساكن المحصنة وسط حقول القمح، وخلفها يمتد الطريق المباشر نحو المعانيق.
وادي البطين تصب مياهه في شعيب الاوسط وشعيب الحا وكلاهما يخترقان سلسلة طويق من الغرب نحو الشرق ويلتقيان وادي حنيفة عند الحائر الذي يمثل الحد الجنوبي لمقاطعة العارض فبداية البطين من مقاطعة المحمل حيث يوجد هنا عدد من الشعاب المنحدرة من طويق التي تصرف مياهها في مجرى التصريف العام.
ومما ذكره ايضا في وصفه للبلدة ما يأتي تتكون ضرما من نطاقين عريضين من اشجار النخيل يبعدان عن بعضهما مسافة ربع ميل بامتداد شرقي غربي عبر الوادي، وكل واحد منهما بطول وعرض نصف ميل تقريبا وينتشر بين اشجار النخيل مساكن المزارع وهي اشبه ما تكون بالقلاع والقرية نفسها مربعة الشكل ومحاطة بسور طول كل جانب منه حوالي 300 ياردة وعليه ابراج عند الاركان والارض الفضاء بين نطاقات النخيل والمساحات التي حولها خصصت لزراعة الذرة وتروى من آبار داخل مزارع النخيل وجميعها تقع داخل السور.
ومن كتابات بعض المؤرخين العرب عن ضرما يذكره الشيخ حمد الجاسر ان علامة العراق محمود شكري الالوسي - رحمه الله - الذي كان ذو اهتمام بتاريخ نجد وله كتاب مرجع في هذا الصدد بعنوان «تاريخ نجد» وقد أورد معلومات موجزة مكتوبة في وريقات بخط يده تتضمن اسماء قرى ضرما، انها تتكون من خمسمائة بيت، ولها قصور كثيرة متفرقة الجميع فيها نخيل وزراعات كثيرة.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved