Saturday 11th January,2003 11062العدد السبت 8 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مساء الأربعاء القادم مساء الأربعاء القادم
إقامة العرضة السعودية على الصالات الرياضية بالرياض
العرضة من الفنون المميزة والجميلة يرددها الكبير والصغير وتبرز الشجاعة والقوة
إحياؤها تخليد لآثار وإبقاء لتقليد ووصل لماضي هذه الأمة بحاضرها

  الرياض - متابعة : عبد الرحمن المصيبيح
ضمن فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة الثامن عشر يقام على الصالات الرياضية مساء الاربعاء القادم الحفل الكبير «للعرضة السعودية» وقد وجهت الدعوة لحضور هذا الحفل الكبير لأصحاب السمو والمعالي الوزراء وكبار المسؤولين والمواطنين. وتعتبر العرضة السعودية من الفنون الجميلة والمميزة يردد أبياتها الكبير والصغير وتبرز الشجاعة والقوة. وخلال هذه المناسبة نتناول بعض القصائد التي قيلت في العرضة وما تناولته «الجزيرة» في اعداد سابقة عن هذه الرقعة الجميلة.
يقول الأديب عبد الله بن محمد بن خميس «إن الشعر الحربي هو اللكنة التي يفزعون اليها والمقالة التي يصدعون بها والمعول الذي يجتمعون حوله ويقفون وراءه».
فاذا حزب الامر ودعا الداعي وبلغ السيل الزبى والحزام الطبيين نادى المنادي بالبَيْشَنَة أو صوت بالحوربة وهرع بأعلى صوته ليستجيب له من حوله ومن ثم يهزج بها تتفق والغرض وتتلاءم والداعي ليرددها الفريق الاول في صفة المنتظم ثم يتلقاها الفريق الثاني في صفه كذلك واذا طاب لهم الصوت وتناغم الهاتف قرعت الطبول على نحو رتيب وتجاوب عجيب يأخذ طائفة من اهل الطبول ايقاعاً واحداً وتأخذ الطائفة الأخرى شكلا من الايقاع يخالف الشكل الأول يسمى «الإثلاث» فكأنه يثلث القرعتين الأوليين بثالثة ولكنه يعطيه نغمة وتوقيعا مؤثرا تبدأ معه حركات الصفوف وهز السيوف على نحو يتفق والايقاع فتراهم كتلة واحدة متحركة في نبرات أصواتها وحركات أجسامها ونغمات طبولها آخذة حركة متسقة متلائمة طبعت على قدر من التوازن كأنما هي اريدت هكذا طبعا وأصالة.. وهكذا القصيدة الاولى والثانية والثالثة.. الخ وقصيدة الحرب لا تتجاوز في عدها عشرة أبيات تبدأ باركاب المركوب او بوصف سحاب مرهب أو بنداء موجه ثم تتجه القصيدة لتناول العدو وتمزيقه وهزيمته ثم تصف قوم الشاعر بالشجاعة والقوة والفروسية ثم تصف هنوفا غزلة فارهة الجمال بديعة التكوين لتقول لها إياك ومعاشرة الذيل ومداناة الانهزامي فهو لا يستحق منك نظرة ولا يلائم لك غزلا.
وهكذا تكون القصيدة تحوم حول هذه الاغراض وتؤدي غرضها او تحوم حوله.. وشيخ القبيلة او الشعب في القصيدة هو مدار القول والموجه لمدار الحديث والقائد الذي به يسطون وعليه يعولون.
والقصائد الحربية ذات بحور وأوزان تختلف باختلاف أهدافها وأغراضها وأحيانا يكون للتلوين وحسن العرض وتوزيع الألحان دخل في ذلك.
فمثلا بحر الطويل يأتي على هذا النحو:


مِنَّي عليكم يا هل العوجا سلام
واخْتَص أبو تركي عَمَى عَيْن الحرِيْب

أو مثل:


يا الله اني طالبك يا مُفيْد اللي صَبَر
خير كل الملا ترتجي فضايله

أو مثل:


هني قلب لا حرب حي ولا له حريب
يَصْبح ويَمسي في شَقَا دُنْياه هذا هواه

ومثل قول زامل:


ما نقلنا للاسْياف
والفَرنْجِي نماري به
دون من قَرْنَها ضافي
فَوْقَ مَتْنِه تُباهي به

ومن البحور التي تستعمل في شعر الحرب بحر أوله قصير وآخره طويل يرفع بطريقة لها وقعها وحسن أثرها مثل:
ياللي تَردَ البَرا
نَجْزَاك حق علينا بِخْشوم نصف الخِشَاب
والي جرى ما جرى
واشرف عدو علينا يُرمي عشا للذياب
والعرضة هي اول نذر الحرب والتجمع له وحديث القصائد عنه وأحيانا تكون في مجال المناسبات كالأعياد ونحوها ولكنها تذكر بأيام الحرب وتدرب الناشئة على إحيائها وضبط قواعدها.. ومن أجملها قصيدة البواردي فهي تعطيها ذكرى وحياة، وقصيدة الحوطي في فتح الرياض يومها تعزز ذكرى ذلك اليوم وتذكر ببطولته وهكذا كل قصيدة لها مناسبة حربية تعيد الذكرى وتتحدث عن أمجاد هذه الأمة وأيامها مع أعدائها حتى قام هذا الكيان وضرب هذا الأمن بجرانه وارتاحت الجزيرة العربية - بحمد الله - مما كانت عليه قرونا بعد قرون.
فلابد من ذكرى تحفظ لهؤلاء الرجال قادة ومقودين أيامهم الخالدة ومواقفهم المأثورة. ولسنا نريد بتسجيل هذه الحربيات احياء هذه الفتن ونبشها من جديد بعد ان ألف الله بين قلوب أهل هذه الجزيرة وأصبحت أمة واحدة تحت راية واحدة تعمل في كنف كيان واحد لا: لم نرد هذا ولكنا اردناها تسجيلا لتاريخ يكتنفه الضياع وينقصه النسيان من اطرافه فأردنا حفظها لهذا السبب وكذلك فهي اثر من آثار أمة درجت عليه قرونا وأخذ يتخطفه النسيان وبالفعل فقد فقد منه كثير فاحياؤه تخليد لآثاره، وابقاء لتقليد ووصل ماضي هذه الامة بحاضرها في ابقاء تقاليدها حية يأخذها الخلف عن السلف ويأخذ منها العظة والعبرة والمثل ويحمد الله ان بدل تلك الأحوال بحال الأمن والاعتصام والحفاظ عى هذا الوضع والأخذ من الماضي ما يذكر ويعظ ويعتبر.. وما جاء في هذه القصائد من المناظرات والنقائض - وهو قليل جاء ليؤكد ان هذا الكيان ما بني على اللين والترف والرقة وانما بخرط القتاد وبالشدة والقسوة وعقابيل الايام وحرارتها عقودا من الزمن قاساها المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله ولقي وعثاءها وبرحاءها وويلاتها هو وجنده حتى هيأ الله لهذه البلاد من امرها رشدا وقال لها قري فقرت فنسأله تعالى ان يديم علينا نعمة هذا الأمن والخير والعطاء انه سميع مجيب.
العَوْني
هو محمد بن عبد الله العَوْني، أشهر شاعر شعبي في الحماسة، وأهله شعره لمكانة اجتماعية لا تدانى، على الرغم من خمول نشأته من احدى قرى القصيم الصغيرة وهي قرية «الربيعية» وقد رزق مع هذه الشاعرية المتدفقة شخصية قوية نابهة، ورأيا صائبا حكيما، لولا ما داخله من غرور جعله يصادق هذا تارة ويتنكر لهذا تارة أخرى، ويمدحه تارة ويؤلب عليه تارة أخرى.. حتى اكتشف الملك عبد العزيز آل سعود هذه الخطة فرمى به في سجن الاحساء وهو اشهر شاعر في فن الحربي «العرضة» فقد ترك فيه طاقة لا يستهان بها جعلته في الصدارة من بين شعراء هذا الفن ونحن موردون له هنا ما عثرنا عليه من شعر في فنه هذا:
يا شيخ باح الصبر
قالها يوم وقعة البكيرية


مِنِّي عليكم يا هل العوجا سلام
واختص ابو تركي عَمَى عين الحريب
يا شيخ باح الصبر من طول المقام
يا حَامي الوَنْدَات يا ريف الغريب
اضرب على الكايد ولا تسمع كلام
العز بالَقلْطات والرَاي الصِّليب
لو ان طِعت الشور يا لحر القَطَّام
ما كان حشْت الدار واشقَيْت الحريب
اكرم هل العوجا مَدَابيس الظلام
هم درعك الضافي الى بار الصحيب

فُهَيِّد بن دَحَيِّم
من أهل الرياض وممن عاش ومات في الجندية تحت راية الجهاد مع الملك عبد العزيز - رحمه الله - في بعض غزواته وجهاده ثم مع الملك سعود واذا جد الجد وحزب الأمر ونادى الجميع وقرعت الطبول وليس السلاح وتجمعوا تمهيدا لأيامهم المعروفة واندلاقاتهم المسعورة تجده هنالك ترمقه الأبصار وتنشد نحوه الأسماع ماذا سوف يهزج به فهد بن دحيم.. وقد غاب مرة مريضا عن هذا التجمع ففقده القائد الرائد الملك عبد العزيز فقال ائتوني به ولو محمولا فجاء يغالب مرضه وهز سيفه وأنشد:


نجد شامت لابو تركي واخذها شيخنا
واخمرت عشاقَها عقب لَطْم خشومها

فاهتز الملك عبد العزيز لها وتناول سيفه وجعل يتثنى بين جنده مفتخرا مزهوا وزاد الجند حماسة وعرامة واستجابة وفداء.
«هيه يالْمجْمُول»


يا سلام الله مني على عز النَّزيل
لاصطفق في نجد تهتز عقب سْكُونَها
حامت العقبان والذيب عاد له عَويل
عند أبو تركي لهم عادة يرجونها
لابتي يوم اشهب الملح غادله زليل
ياردون الموت والروح ما يغلونها
هيه يالمجمول ياللي هدب عينه ظليل
فيه شارات جميع العرب يشهَوْنها

«حنْ هل العادات»


نجد شامت لابوتكري واخذها شيخنا
واخمرت عشاقها عقب لطم خشومها
لي بكت نجد العذية تهل دموعنا
بالهنادي قاصرين شوارب قومها
حِنْ هل العادات ومخَضِّبين سيوفنا
والطيور الحايمة جادعين لحومها
صعبة افعالنا لي بغاها غيرنا
وكلمة التوحيد حنا عمار رسومها
حِنْ هل العوجا نهار الملاقي عيدنا
والجزيرة كلها مد بين قرُومَها
لابتي عُوج المراكيض هذا سوقنا
بيعوا الارواح في الهوش باول سومها

«يا صليب الرأس»


جت لابوتركي على ما تمنَّى
يوم خلى السيف يرعف ذبابه
شيخنا سير بنا لاتوَنّا
من سعى بالحرب حنا زهابه
يا صليب الراس زبن المجنا
من سلايل وايل يلتجي به
حن هل العوجا نسابق دخنَّا
فعلَنا بين وكل دَرَى به

«يا نجد حنالك»


مني عليكم ياهل العوجا سلام يزيد
واختص ربع بالمراجل تظهر حقوقها
فروخ الحرار اللي تطلع في نهار الهديد
من نسل ابو تركي شبوب الحرب بسبوقها
حنا هل العوجا وحنا اللي نرد الضديد
والطايله يحظى بها من عز طاروقَها
يا نجد حنا لك على الداعي كعام الضديد
والله ما نرخص بها وسعود عشيقها

عبد الرحمن بن صفيان
من أنبه الرجال وأحرصهم على الكرم ومكارم الأخلاق والشجاعة والمروءة وحسن الذكر يحفظ الشعر ويقرضه ويصطفي منه كل لائق ورائق ويحسن ايراده كما يحسن الاستماع الى جيده لا تفارق الابتسامة شفته ولا يعزب الانطلاق عن محياه متحدث وربما بالغ فيما يعجبة وطني وله في الوطنيات قصائد.. مظهره فارع وبزته مقبولة.. يعجبه الثناء ومن ذا الذي لا يعجبه هذا الامر.. احسبه في رجال هذا العصر وجيها طيب الذكر.. يأتي من بلاد الدرعية في الصدارة.. له حربيات جيدة نصطفي منها ما وقع في أيدينا:
«كله لعين..»


لي صاح صياح المنادي
وقالوا ترى ما من سلام
عاداتنا ضرب المعادي
والذيب يشبع ما لجهام
«يا هبيل الراي»
نحمد الله جت على ما تمنى
من ولي العرش جزل الوهايب
خبر اللي طامع في وطنا
دونها نثني الى جت طلايب
واجد اللي قبلكم قد تمنى
حربنا لي راح عايف وتايب
يا هبيل الراي وين انت وانا
تحسب ان الحرب نهب القرايب
لي مشى البيرق فزيزومه ومه انا
حن هل العادات واهل الحرايب
كان ما نجهل على اللي جهلنا
ما سكنا الدار يوم الجلايب

ومن أجمل القصائد الحربية للشاعر المرحوم ابراهيم بن مزيد من أهالي منطقة سدير هذه القصيدة:
«الملك درعها»


دار يا اللي سعدها توما جاها
أسفرت وانورت بقدوم راعيها
يوم جاها الملك الاكن حلياها
روضة أزهرت واخضر واديها
كم عدو تمنى الشرب من ماها
مات غيظه بقلبه ما وطى فيها
يوم ربي جليل الملك سواها
برها الله وصار سعود واليها
كلمة الحق دستوره ومشاها
والشريعة على نفسه يمضيها
والجزيرة من ادناها الى أقصاها
صاروا خوان حاضرها وباديها
حرزها الدين والايمان مبداها
والملك درعها والشعب حاميها
خاب ظن العدو اللي تمناها
أمنا ما نبيع ونشتري فيها
نعم.. والجزيرة من ادانها الى اقصاها
صاروا اخوان حاضرها وباديها

بفضل من الله ثم بفضل الامن والامان الذي نعيشه في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الامين - حفظه الله - الذي حافظ على هذا التراث وقدمه للعالمية وهو ايضا من أبرز من يملك مهارات اللعب بالسيف في الوقت الراهن.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved