Saturday 11th January,2003 11062العدد السبت 8 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

سمو ولي العهد: الحوار لايعني الجدل .. وإبراز حقيقة الإسلام مسؤولية جماعية سمو ولي العهد: الحوار لايعني الجدل .. وإبراز حقيقة الإسلام مسؤولية جماعية
الأمير متعب بن عبدالله افتتح برنامج النشاط الثقافي للمهرجان الوطني

* الرياض - سلطان المواش - صالح العيد:
نيابة عن صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني افتتح صاحب السمو الملكي الفريق أول ركن الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب رئيس الحرس الوطني المساعد للشؤون العسكرية نائب رئيس اللجنة العليا للمهرجان الوطني للتراث والثقافة برنامج حفل افتتاح النشاط الثقافي مساء أمس في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات بفندق انتركونتننتال.
وقد بدأ الحفل بالقرآن الكريم ثم ألقيت كلمة المهرجان الوطني للتراث والثقافة ألقاها معالي الدكتور عبدالرحمن بن سبيت السبيت وكيل الحرس الوطني رئيس اللجنة التنفيذية للمهرجان أكد فيها ان المهرجان الوطني للتراث والثقافة هو عطاء مثمر من الأيادي البيضاء التي مدتها قيادتنا الحكيمة إلى الثقافة العربية والإسلامية منذ أسس الملك عبدالعزيز رحمه الله كيان المملكة العربية السعودية على أساس عربي إسلامي إنساني رفيع، ثم بقيادة أبنائه البررة من بعده، ثم بتوجيه سام من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله، وبرعاية صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، ولي العهد، ونائب رئيس مجلس الوزراء، ورئيس الحرس الوطني حفظه الله، ومساندته التي لم تعرف الحدود.
وقال: إنه قد توالى على منابر المهرجان الوطني للتراث والثقافة طوال عقدين ونيف من الزمان خطباء أجلاء من نخب الثقافة العربية والإسلامية والإنسانية، ولم يحتكر المنابر رأي بعينه، ولا استبدت بها مدرسة بخصوصها، ولا استأثر بها فكر محدد بل كانت الآفاق مفتوحة على كل الطيف الفكري العربي الإسلامي والإنساني.
جانب من الحضور
الأمير متعب خلال رعايته للحفل
وطرحت من على هذه المنابر كل المشكلات التي تهم الثقافة العربية الإسلامية وتراثها، وتهم تفاعلها مع ما يجري في العالم من أحداث في السياسة والاقتصاد والاجتماع والعلاقات الدولية مع الشرق والغرب والآداب وروائع التراث وغير ذلك من موضوعات، وتحدث الجميع أحراراً إلا من رقابة الله ثم من ضمائرهم، وقالوا ما آمنوا به سواء وافقناهم عليه أو اختلفنا معهم فيه.
وكان الجميع إخواناً وأصدقاء لنا وعرضنا دائماً أحوال المملكة العربية السعودية وشرحنا تجربتها في القيادة، والتشريع، والتنمية، والعلاقات الدولية.
فنحن كما يوجهنا صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء، ورئيس الحرس الوطني حفظه الله، باستمرار ليس لدينا ما نخفيه.
فلهذه الوجوه الطيبة التي تزورنا اليوم في عرس الثقافة العربية الإسلامية والإنسانية أتوجه بالشكر والتقدير على ان لبوا دعوتنا وتحملوا مشاق السفر وجاءوا ليقدموا لنا من ضياء عيونهم، ورحيق عقولهم، ورشاد بصائرهم خلاصات نافعة تضيء لأمتنا ولإنسانيتنا الطريق إلى الحق والخير والسلام. وأرجو لكل الاخوان والأصدقاء الإقامة الهنيئة والصحة الطيبة في الرياض المحبة لهم والمتشوقة لاستقبالهم.
وبين د.السبيت أنه في هذا المنتدى الطيب طرح المهرجان موضوع «هذا هو الإسلام» ليكون إطاراً لمناقشات هذا العام لتستبين حقيقة الإسلام عقيدة وحضارة وسلوكيات أخلاقية مع حرصه على كل ما يرفع كرامة الإنسان ويصون حياته ودينه وماله وعرضه وحقوقه أفراداً ومجتمعات ودولاً ومنظمات واحلافاً، لايمكن ان يكون الإسلام متهماً ندافع عنه، فنحن لا نقبل أن يكون ديننا موضع تساؤل برغم كل الأبواق المغرضة أو الجاهلة التي تحاول إلصاق التهم والافتراءات لايمكن لفئة مهما كانت أن تخطف الإسلام الذي أقام حضارة ضمت كل أعراق البشرية وانتشرت في كل قارات العالم، وأثرت في كل ميادين العلم والفكر والعلاقات الدولية.
لايمكن ان تُحمّل أمة كاملة التهم في دينها وإنسانيتها ووفائها وعقائدها لأن فئة منها أخطأت الطريق الذي يسير فيه مليار وربع من المسلمين!!! إن صلب تعاليم الإسلام المعاملة بالمثل {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً} [النساء: 123] وفي صلب تعاليم الإسلام ان المسؤولية عن الفعل تقع على الفاعل {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]. وأشار إلى ان بيان حقائق الإسلام، وجلاء طبيعة العلاقات التي يدعو إليها بين أبنائه ودوله وبين العالم، وتأكيد رفض الإسلام لتدمير الحياة الإنسانية بالظلم والإرهاب، وشرح مفاهيم الإسلام للجهاد والسلام وغير ذلك من الموضوعات كفيل، إن شاء الله، ان يبين لكل من ألقى السمع وهو طيب النوايا ان الإسلام رسالة سامية تقوم على التوحيد لله، وتقوم على النصح للبشرية كافة، وعلى قيم عليا صالحة للتعامل الإنساني الحضاري الذي يقوم على التعارف بين الشعوب، والتعاون على البر والتقوى، وعلى العدل والتعامل الأخلاقي النبيل، وأن الأصل في العلاقة بين الإسلام وكل شعوب العالم ودوله هو السلام والدعوة إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، وبالقدوة الفاعلة، والحجة والبراهين، والمعاملات الأخلاقية الحسنة دون عنف ولا إكراه، ففي ديننا {لا اكراه في الدين} [البقرة: 256] وفي ديننا { فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29] ولا يصرفنا عن حالة السلام الأصيلة إلا عدوان علينا لابد من مدافعته {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39]، وأما من لم يقاتلوننا، ولم يجتاحوا ديارنا فليس لهم عندنا إلا البر والقسط والوفاء بالعهود وكلمة الصدق والأمانة بعيداً عن الخيانة ونكث العهود لأن الوفاء بالعهد في ديننا مسؤولية أمام الله أولا قبل أن تكون أمام البشر فقط.
وفي ختام كلمته قدم السبيت الشكر لسمو الأمير متعب بن عبدالله ولصحبه الكرام ولكل الضيوف وقال إن هذه المائدة جاءت ليبقى المهرجان الوطني للتراث والثقافة ملتقى يعزز ثوابت أمتنا ورؤيتها وهويتها من خلال الفكر الناضج والحوارات النافعة بل وليبقى المهرجان ملتقى يتفاعل فيه المثقفون العرب مع القيادة السياسية لتزول الجفوة المزعومة، ولتتحقق العلاقة المفيدة بين الطرفين لما فيه مصلحة أمتنا وأمنها ومستقبلها. وإن جهود قيادتنا الرشيدة في رعاية الثقافة والمثقفين لهي قدوة ترسم الطريق للمخلصين لثقافتنا وتراثنا ولهويتنا العربية الإسلامية الإنسانية.
كلمة.. وقصيدة
بعد ذلك ألقى الاستاذ الدكتور جون اسبزيتو مدير مركز التفاهم الإسلامي بجامعة جورج تاون كلمة الضيوف أشاد فيها بجهود المملكة العربية السعودية واهتمامها الكبير بالإسلام والمسلمين واهتمامها بفكرة الحوارات بين الأمم وأشاد أيضاً بالمهرجان الوطني للتراث ووصفه بأنه فرصة لتقارب الأديان والحوار وتوضيح ما لبس على البعض وهو بيان لسماحة الإسلام وهو فرصة للتمييز بين المتطرفين والمسلمين الوسطاء والعقلاء وبين أن هذا المهرجان فرصة لمناقشة الإسلام وفهمه وأضاف ان المملكة قامت بتطوير فكرة الحوارات بين الحضارات وان أحداث 11 سبتمبر خلقت نوعاً من الضغينة بين المسلمين والمسيحيين وجاء هذا المهرجان ليبين ويوضح صورة الإسلام الحقيقية.
وقال كلنا يريد العيش بسلام والاحتفاظ بالتقاليد واستنكر الظلم في فلسطين وان الإسلام لا يقبل الرأسمالية.
بعد ذلك ألقى الشاعر ناصر بن مسفر الزهراني قصيدة نالت استحسان الجميع ومما جاء فيها:


وطني يا مسرّتي يا مرادي
بهجة الكون درة الأوطان
قبلتي في الهوى ومعراج روحي
وزلال لقلبيَ العطشان
أنا خِلٌّ متيم في هواه
إن تَغَنَّوا بغادة أو رزان
واحتضاني له يداوي جراحي
وأرى فيه ما يرى العاشقان
أنا أجريت حبه في دمائي
فغدا منه مُدْمناً شرياني
في ربا نجد رايتي وطموحي
وسطوع الملوك والإيوان
وإذا كان بالحجاز مقامي
ففؤادي يبيت في الظهران
وإذا صغت للقُرَّيات لحناً
فحروفي تجول في جيزان
وطن تغدق المنى راحتاه
ومُغيث المكروب واللهفان
مهبط الوحي مَشْرِقُ النور منه
زِينَ جيد التاريخ بالفرسان
كان نهباً لهمُ خوف وفقر
ومجالاً للجور والعدوان
فأتى الفارس الهمام كفجر
كحياة تدب في جثمان
ذاك عبدالعزيز ميلاد مجد
غار منه المريخ والفرقدان
صاغها للوجود لحناً ندياً
عبقري الألحان والأوزان
تتزيا أرجاؤها بالسجايا
وتُباهي بحكمة واتزان
يا ربيع الآداب غَصَّتْ حلوق
حين كنت منارة الإيمان
أنت فجر الإسلام أنت حماه
أنت منه كالروح للأبدان
ستظلين منبراً للبرايا
ينشر الحق والهدى غير وان

الأمير متعب يلقي كلمة ولي العهد
بعد ذلك القى صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله كلمة صاحب السمو الملكي ولي العهد وهذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله الذي أكرمنا بنعمة الإسلام ديناً، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم الأنبياء والرسل.
أيها الأخوة الحضور:
كم كان بودي أن أشارك شخصياً في هذا الحفل الكريم الذي يحمل عنواناً نعتز به جميعاً، (هذا هو الإسلام). وهو المحور الرئيسي الذي تدور عليه الندوات والمحاضرات، وإنه لشرف لي أن أكون اليوم بين اخوة كرام نعتز ونسعد بهم في وطنهم ووطن المسلمين جميعاً المملكة العربية السعودية، ولكن ظروف العمل حالت دون حضوري، فآليتُ على نفسي إلا أن أتواجد معكم من خلال هذه الكلمة، تواصل الأخ مع إخوته، آملاً قبول اعتذاري، ومتمنياً لمداولاتكم السداد والصواب.
أيها الاخوة الكرام: إننا في مُستهل أعمال هذا اللقاء الثقافي نجد أنفسنا أمام سؤال يطرح نفسه: هل الإسلام تمثله الأقوال أم الأفعال؟ وهل يمكن ان نعتبر بعض مسلمي اليوم للإسلام مثالاً على عظمة ديننا في تصرفاتهم وأقوالهم؟.
هذا السؤال وقفتُ أمامه طويلاً، وتذكرت قول الحق جل جلاله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ، وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ).
أيها الاخوة الكرام:
إن إبراز حقيقة الإسلام، وما يهدف إليه من خير للبشرية جمعاء، والرد على ما يُثار حوله من شبهات من قبل دوائر لم تعد خافية على أحد، مسؤولية جماعية كبيرة، لايقدر على حملها غير المخلصين على غيرتهم من أبناء الأمة العربية والإسلامية، بل وتتجاوزهم إلى كل الشرفاء في هذا العالم ممن حباهم الله الوعي والحكمة.
والحوار لايعني الجدل، فالأول هادف ومقبول، والآخر عقيم منبوذ، ولنتذكر أنه (إذ أراد الله بقوم سوءاً سلط عليهم الجدل وقلة العمل) ويقول المصطفى (صلى الله عليه وسلم): (الكلمة الطيبة صدقة). والكلمة في معناها هذا هي الرفق في الطرح، فنبي الهُدى (صلى الله عليه وسلم) يقول: (من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من الخير كله، ومن حُرم حظه من الرفق فقد حُرمَ حظه من الخير).
هذا الطرح لم يأتِ من فراغ، بل جاء مبينا لمسيرة خالدة، ورسالة عظيمة بينت وفصّلت كل صغيرة وكبيرة، والبلاغ في مضمونه الشامل لايعني الإكراه، فالله جل جلاله يقول: {لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي} وهو القائل -جل وعلا- {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}.
أيها الأخوة الكرام:
أدعو الله ان تتحقق الأهداف المرجوة من هذا البرنامج، وأن نوضح المعاني الجليلة لرسالة الإسلام الخالدة، وننشر مضامينها المليئة بالخير والمحبة والتسامح، وهل كان الإسلام إلا دعوة للخير: (خذ العفو وأمر بالعُرف، وأعرض عن الجاهلين). وهل كان إلا ديناً وسطاً نبذ الغلو والتطرف { كذلك جعلناكم امة وسطاً} وهل كان إلا رمزاً للإخاء والمصالحة {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}. علينا جميعاً ان نأخذ بالعفو، ونأمر بالمعروف، ونعرض عن الجاهلين، كما أمرنا الخالق -جل جلاله- ولنُوغِل بعلمنا في الدين برفق، كما قال المصطفى (صلى الله عليه وسلم): (إن هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق). كما قال عليه الصلاة والسلام (إن الدين يُسر، ولن يُشادّ الدينَ أحدٌ إلا غلبه).
أيها الأخوة الكرام: إنني أتضرع إلى الله -جلت قدرته- ان يمنحكم المقدرة على قول الحق، والحكمة في أسلوب طرحه، وأن يعيننا جميعاً على تحمل مسؤوليتنا أمام الله ثم أمتنا العربية والإسلامية باقتدار لايقبل التأويل.
ولكل من حاول المساس بديننا أو تشويهه، أقول: {وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ}.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بعد ذلك تفضل الأمير متعب بن عبدالله بافتتاح المعرض المصاحب لبرنامج الحفل ثم بدأت فعاليات النشاط الثقافي بندوة تكريم الشخصية السعودية للاستاذ أحمد بن علي المبارك قدمها الاستاذ حمد القاضي عضو مجلس الشورى.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved