الرياض - متابعة - عبدالرحمن المصيبيح
يرعى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني حفظه الله في الثامن عشر من الشهر الحالي الندوة الكبرى التي ستقيمها وزارة المعارف، وتستمر حتى العشرين من الشهر نفسه تحت عنوان «ماذا يريد المجتمع من التربويين، وماذا يريد التربويون من المجتمع». أعلن ذلك معالي وزير المعارف الدكتور محمد بن أحمد الرشيد وقال معاليه ان رعاية سموه الكريمة لهذه الندوة شرف كبير للتربويين الذين يحظون بتقدير القيادة الحكيمة انطلاقا من مسؤولياتهم الجسيمة التي يتشرفون بأدائها مجتهدين صادقين - بعون الله - في سبيل تحقيق تربية أفضل، وتعليق أعمق وأشمل للأجيال تلو الأجيال، حتى يتمكنوا من الأخذ بزمام المبادرة نحوتطوير أنفسهم، وصناعة مستقبلهم ومستقبل بلادهم ومجتمعهم الكريم. وأضاف معاليه: ان الطرف الرئيس في هذه الندوة هو «المجتمع» بجميع فئاته ومستويات أفراده العلمية والعملية، إذ تناقش الندوة: العلاقة بين التربويين والمجتمع، وسبل دعمها، فنحن لا نتصور نجاحا للعملية التربوية والتعليمية دون اقامة أقوى الروابط بين هذين الطرفين مسؤولين وأولياء أمور، فمن المؤكد ان كل فرد في المجتمع يرى من موقعه مالا يراه الآخر سلبا أو ايجابا، ونريد ندوتنا هذه أن تكون تقوية لعلاقة المجتمع بالتربية، والعكس أيضا صحيح، حتى لا يكونا عالمين منفصلين، ووجه معاليه الدعوة للتواصل الهادف مع اللجنة المنظمة لهذه الندوة بتزويد الوزارة بالآراء والأفكار الناضجة أو الاجتهادات الموضوعية البناءة، مشيرا معاليه الى ان الندوة ستكون مختلفة في طرحها وآلية تدارس موضوعاتها ولن تكون مناسبة عابرة أو لقاء سطحياً تقليديا، بل سيتضاعف الحرص لتخرج بمستوى أهمية الموضوع الذي تبحث فيه ومن أجله.
أكد معالي وزير المعارف ان وزارة المعارف تدعو للتواصل الحقيقي وتؤمن بأن تجديد هذا التواصل إنما يكون بالتشاور والمشاركة بالاقتراحات من الأطراف كافة بعد ان يقوم اقتناع مشترك لدى الفريقين «التربويين وأفراد المجتمع» بأهمية الوجود الحقيقي لهذه العلاقة وبهذا فإننا نتوقع ان تنبثق من كل مؤسسة وكل فرد في المجتمع ريادة يحركها الحب والإخلاص لديننا وأولادنا - فلذات أكبادنا - ومجتمعنا الأصيل فالمؤمنون حيثما كانوا يد واحدة، وهم كالجسد الواحد.. وجوهر الجسد الواحد التناغم والتواصل والانسجام بين مختلف الأعضاء لتحقيق هدف الجسد الواحد بمعناه الحسي والمعنوي.
من جانبه أوضح وكيل وزارة المعارف للتعليم رئيس اللجنة التحضيرية الدكتور خالد بن ابراهيم العواد ان الندوة حوار مفتوح بين شرائح المجتمع ومؤسسات التعليم في سبيل تكوين رؤية مشتركة عن التعليم العام في المملكة العربية السعودية واقعاً ومستقبلا وتحديد أوجه التعاون بين المجتمع ومؤسسات التعليم والعمل المشترك على تذليل الصعوبات والمعوقات التي تواجه مسيرة التعليم من خلال تعزيز التواصل بين المجتمع ومؤسسات التعليم العام وتعريف المجتمع بمساعي وزارة المعارف في تطوير التعليم وتطلعاتها المستقبلية في هذا الشأن، وتعرف ملحوظات المجتمع على سمات مخرجات التعليم العام في ضوء رؤية مستقبلية لحاجات المجتمع وحاجات الفرد وتعرف الفرص المتاحة أمام مؤسسات المجتمع وأفراده في المشاركة في تطوير التعليم وتعرف الصعوبات والعقبات التي تواجه مسيرة التعليم العام والسعي للوصول الى رؤية مشتركة لتطوير التعليم.
وأضاف العواد ان محاور الندوة ثلاثة وهي المحور الأول: حاجات المجتمع الواقع المنشود من حيث سمات المخرج التعليمي في ضوء سياسة التعليم: القيم والاتجاهات والسلوك والمهارات الشخصية والعلمية والخدمات التربوية المقدمة للمجتمع والمحور الثاني: حاجات المؤسسات التعليمية الواقع المنشود من حيث الدعم والتقدير والمشاركة والمساندة والتعاون والمحور الثالث: تطوير التعليم ويندرج تحت ذلك معوقات التخطيط للتعليم وأفكار في تطوير التعليم ومشاركة المجتمع في تطوير التعليم ونحو خطة وطنية لتطوير التعليم. ودعا العواد الى التفاعل مع محاور الندوة قبل بدئها بوقت كاف بالآراء والأفكار التي يمكن ان تساعد في نجاح فعاليات الندوة سواء عبر وسائل الاعلام أو عن طريق موقع الندوة على الإنترنت: www.tarbeah.org أو البريد الالكتروني أو عن طريق صندوق البريد رقم 22546 الرياض 11416 وفاكس رقم 4066015 وهاتف رقم 4046666 تحويلة 439 أو 2451 أو 2339.
الجزيرة ومتابعة شاملة لهذه الندوة
وحرصاً من جريدة الجزيرة على متابعة هذه الندوة ومعرفة آراء المسؤولين والمختصين من مختلف طبقات المجتمع حرصت على معرفة هذه الآراء عن هذه الندوة التي سيكون في ذلك رافد كبير في دعم مسيرة التعليم في بلادنا.
هذا الاهتمام نابع من تعاليم ديننا الحنيف
تحدث في البداية معالي الشيخ عبدالله النعيم فقال يمثل التعليم حجر الأساس في اكتساب المعرفة وبناء الأجيال التي تتحمل مسؤولية المحافظة على وطنها ودينها ومجتمعها ومورثاته وتقاليده وقيمه.. والتعليم هو السبيل الأساسي للتنمية الصحيحة والمستمرة والارتقاء بالانسان والوطن.
ومن هنا كان اهتمام المجتمع بتربية الأبناء وتعليمهم وهذا الاهتمام نابع من تعاليم ديننا الحنيف الذي حث على العلم وجعله فريضة على كل مسلم ومسلمة.
وتناول الشيخ النعيم المعلم فقال: ولما كان الأساس في العملية التربوية والتعليمية المعلم، كانت مكانة العلماء عظيمة في الإسلام، وقد حرص الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على تعليم المسلمين، وكان يفك الأسير إذا علَّم عدداً من المسلمين الكتابة.. كما حرص حكام المسلمين على الاهتمام بالعلماء وتوليتهم أعلى المناصب في الدولة، وأجزلوا العطاء لهم، وذلك لمكانتهم وأهميتهم في المجتمع.
وانطلاقا من تعاليم الدين الاسلامي وأهمية التربية والتعليم حرصت المملكة العربية السعودية على الاهتمام والتركيز على بناة المجتمع.. المعلمين والعلماء.. وجاء إنشاء وزارة المعارف مبكرا عند تنظيم الادارة في الدولة السعودية حرصا من الدولة على بناء المجتمع على أساس متين من العلم وأوكلت شؤون هذه الوزارة الى خادم الحرمين الشريفين فهد بن عبدالعزيز أول وزير لها، الذي وضع الأساس السليم للتعليم الحديث في المملكة.. وسار التعليم ويسير بخطى ثابتة في المملكة تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين حفظهما الله.
وتناول الشيخ النعيم الطفرة المتميزة للمملكة فقال: شهدت المملكة طفرة حقيقية في التعليم الأولي والأوسط والثانوي والجامعي ومعاهد التربية والكليات الفنية والمهنية وغيرها التي تسهم في بناء ونهضة المجتمع السعودي.
إن وزارة المعارف التي يقودها عدد من رجال التربية والتعليم وفي مقدمتهم وزيرها تفعل خيراً بعقدها مؤتمراً يبحث في ماذا يريد التربويون من المجتمع وماذا يريد المجتمع من التربويين؟ الذي يرعاه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد الأمين.. وهذا سؤال جدير بالدراسة.
ولعله من الأسلم أن نبدأ ماذا يريد المجتمع من التربويين حيث إن المجتمع هو الأساس وهو المستهدف بنتاج التعليم والتربية.. فالمجتمع يحرص على تحقيق التنمية والرفاهية في اطار من الخلق الرفيع والتكافل الاجتماعي، تنمية موارده الطبيعية، وتنمية قواه البشرية، وتفاعلهما لتحقيق التنمية الشاملة: الاقتصادية والاجتماعية وغيرها.. إلخ، والوسيلة لكل ذلك هي الاستثمار في رأس المال البشري الذي يمثل العمود الفقري للنمو الاقتصادي والرفاه الاجتماعي.. والادارة الرئيسية للاستثمار في رأس المال البشري هم التربويون.. أما ما يريده المجتمع من التربويين فهو باختصار شديد وضع مناهج تستجيب لأهدافه وطموحاته «روحياً وتنموياً وثقافياً» مناهج تحافظ على القيم الإسلامية للمجتمع، وتنقل اليه المعرفة والتقنيات التي تحقق النمو الاقتصادي والصناعي والزراعي.. وغير ذلك، والمطلوب من المعلم أن يكون قدوة صالحة ومثالاً للطلاب حتى يكونوا مواطنين صالحين.
ومطلوب أيضا من التربويين توفير البيئة الصالحة للعملية التربوية والتعليمية يكون نتاجها جيل مسلح بالعلم والقيم الاسلامية والثقافية التي تؤهله للبذل والعطاء.
وإذا كانت الحياة أخذاً وعطاء، فماذا يريد التربويون من المجتمع، فلكي يقوم التربويون بدورهم في التربية والتعليم، فهم بحاجة للتعاون الايجابي بين المؤسسة التعليمية والبيت والتوافق بين أهداف كل منهما حتى لا يحدث التضارب فيما يغرسه كل منهما.. فما يغرسه أي منهما من معرفة وقيم يجب أن يعمل الآخر على تنميته، وما يحتاجه التربويون أيضا التقدير والاحترام لأن هذا يدفعهم للمزيد من البذل في تربية الأبناء ذخيرة الوطن للمستقبل.
وقد يكون أيضا مما يريده التربويون من المجتمع، توفير الوسائل التعليمية.. تأمين المدارس والمؤسسات التعليمية والمعدات والأجهزة والامكانات المختلفة لإيجاد البيئة التعليمية الصحيحة.
وهذا ما أدركته القيادة السعودية منذ تأسيس المملكة وتوحيدها على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز - رحمه الله - الذي جعل من بناء الانسان المواطن منهجاً أساسياً واستراتيجية ثابتة سار عليها خلفه من أبنائه الملوك السابقين الذين حققوا لهذه البلاد مكاسب وانجازات عظيمة في مجال التعليم وما زالت مستمرة متواصلة على يد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رائد التعليم وراعي النهضة التعليمية الحديثة في المملكة وسمو ولي عهده الأمين والنائب الثاني حفظهم الله.
كما تحدث للجزيرة معالي مدير معهد الادارة العامة د. عبدالرحمن بن عبدالله الشقاوي فقال: لقد أضحت الجهود المتواصلة لتطوير عملية التربية والتعليم هاجساً تنموياً مشتركا بين قيادات وأفراد مجتمعنا السعودي الكريم مما ساهم في بلورة حس اجتماعي مشترك حول أهمية تفعيل حركة التعاون بين أفراد المجتمع ومؤسسات التعليم والتدريب وأهمية تطوير وتذليل الصعوبات والمعوقات التي تواجه مسيرة التعليم. ومن هنا تبرز أهمية الندوة التي تعقدها وزارة المعارف حول ماذا يريد التربويون من المجتمع؟ وماذا يريد المجتمع من التربويين؟ وتتجسد هذه الأهمية في رعاية صاحب السمو الملكي ولي العهد - حفظه الله - لفعاليات هذه الندوة التي تأتي من وجهة نظري المتواضعة ادراكا في غاية الأهمية لقادة هذا المجتمع الكريم لمفهوم المسؤولية الاجتماعية، وحرصا منهم على توظيفها في رسالة التربية والتعليم تجاه أبنائنا وبناتنا وكافة أسر مجتمعنا.
إدراك الرسالة النبيلة
ومما لاشك فيه ان ادراك الرسالة النبيلة والسياسات الواعية للتربية والتعليم من قبل التربويين وأفراد المجتمع يسهم في تعميق الفهم بين الجميع لتحقيق أقصى قدر ممكن من الفوائد والأهداف المشتركة لعملية التربية والتعليم في المجتمع كما يسهم في بلورة وتفعيل دور كل عنصر من عناصر هذه العملية «المعلم والمربي، المدرسة والمنهج، الطالب والأسرة» داخل الاطار العام للمجتمع.
ونحن إذ نعيش في مجتمع متغير تتداخل فيه المسؤوليات والأدوار والمؤثرات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية يجب ان نقف بين الحين والآخر وبحس اجتماعي صادق لمعرفة وتقييم ماذا نفعل، والتذكير بماذا نريد أن نكون. ومن هنا فإن إقامة وزارة المعارف لهذه الندوة، وفي هذا الوقت بالذات تأتي خطوة ذات دلالة مهمة للوقوف على حاجات المجتمع تجاه أهمية تحديد وتقييم مخرجات التعليم العام في ضوء سياسة التعليم من حيث القيم والاتجاهات والسلوك والمهارات الشخصية والعلمية، من منظور الواقع الحالي لهذه المخرجات والواقع المنشود للأجيال القادمة. كما ان الوقوف على تقييم الخدمات التربوية المقدمة للمجتمع لا تقل أهمية عن تحديد الحاجات المستقبلية المنشودة لمؤسسات التعليم من حيث الدعم والتقدير والمشاركة والمساندة والتعاون، من أجل تحديد معوقات التخطيط للتعليم وتوظيف الأفكار المستحدثة نحو خطة وطنية طموحة لتطوير التعليم في مجتمعنا. وهذا على ما أعتقد ما يصبوا اليه القائمون على عقد هذه الندوة وفقهم الله.
ولأن رسالة التربية والتعليم ذات مساس مباشر بحاضر ومستقبل الأمة ورهن لنجاحه وتطوره نحو مستقبل مشرق بإذن الله تعالى، فإنني أدعو كافة الإخوة والأخوات القائمين على مهنة التربية والتعليم والمعنيين والمهتمين في وسائل الاعلام الى المشاركة والمساهمة الصادقة في تفعيل نجاح جلسات ومحاور هذا المؤتمر والاهتمام كل في مجاله بتحقيق أهدافه النبيلة.
وفق الله الجميع لما فيه خير بلادنا، وجزى الله القائمين على هذه الندوة خير الجزاء.
كما تحدث للجزيرة مدير عام السجون اللواء الدكتور علي بن حسين الحارثي فقال: ان العلاقة التكاملية التي تربط التربويين بالمجتمع تساهم بشكل كبير في ايجاد مجتمع واع وقادر على ادارة عجلة التنمية المثلى. فشباب اليوم هم رجال الغد الذين تعتمد عليهم الأمة بعد الله عزوجل في رعاية شؤونها، ويشتد ساعدها عندما توكل اليهم المشاركة في مسؤوليات بنائها. فهم المرآة التي نرى فيها بوضوح أبعاد المستقبل الذي نأمله وننشده لوطننا الغالي وأمتنا العزيزة. لقد اهتمت كثير من الدول بتصميم مناهجها وبرامجها التعليمية التي تساهم في صقل وتطوير وتربية الشباب أياً كان مستوى التعليم الذي ينتمون اليه، لكي يكونوا أكثر قوة وصلابة من حيث استغلال قدراتهم وابداعاتهم الفكرية، فيما يعود عليهم وعلى مجتمعهم وأمتهم بالخير العميم.
إننا في زمن تغيرت فيه الكثير من المفاهيم التي جعلت من وسائل الانحراف أداة جذب يتحمل التربويون التصدي لها والتنوير بأخطارها ووضع ركائز الاصلاح لمستقبل أجيالها. من هذا المنطق يأتي وجوب الاهتمام بالتربية المرنة الناضجة في مختلف مراحل حياة الشباب والعناية بكل ما يقدم لهم من ألوان المعرفة والثقافة وأنماطها المتعددة وتقديمها بصور وأشكال جذابة تستهوي أفكارهم وتطلعاتهم تمشيا مع تفكير العصر الحديث. وما رعاية صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني لمؤتمر «ماذا يريد التربويون من المجتمع وماذا يريد المجتمع من التربويين» إلا ترسيخ ودعم لهذا الجانب المهم. وبهذه المناسبة ومن خلال هذا المنبر الصحفي فإنني أود ان أقول للتربويين وللمسؤولين عن التربية والتعليم ان الهوية العربية الاسلامية هي أعز ما نملك، وهما ما يميزنا عن باقي الأمم، وإذا فقدنا هذه الهوية فإننا لن ننهض بأمتنا وحضارتنا، بل سنكون في مؤخرة ركب الحضارة. إن المرحلة القادمة تحتاج منا الى تمسك بتلك الهوية والمحافظة على أصالتها مع الأخذ بنصيب التقنية الحديثة التي تخدم هذا التوجه. وهذا هو الدور المطلوب من كل تربوي ومن الأسرة والمجتمع بكافة مؤسساته المختلفة من أجل مستقبل أفضل لأمتنا وشبابنا. إن الثروة الحقيقية للأمم هي استثمار الطاقات والمهارات الابداعية لدى شبابها بدلاً من ان يتيهوا في غياهب الحياة المليئة بمغريات العصر الذي نعيشه كواقع ملموس. وبالله التوفيق.
كما تحدث للجزيرة الدكتور صالح بن سليمان الوهيبي الأمين العام للندوة العالمية للشباب الاسلامي فقال: تجدد الأمم شبابها برجالها، فهم الرصيد لتطوير نموها، بل الاستمرار وجودها، والرجال وان كانوا يمثلون مرحلة العطاء والنضج إلا أنهم نتاج مراحل نمو سابقة، تترسخ فيهم الايجابيات متى حرس نموهم اطار تربوي رشيد.
التربية رجال ومناهج
ومن هنا فإن التربية رجالا ومناهج، أطرا ومجالات، لها الأثر البالغ في حياة الأمم، فهي الحاضنة التي تأمنها الأمم على أبنائها لصنع مستقبل حياتها، والتربويون هم رجال الأمم الذين يصنعون - بإذن الله - أدوات عزها ويصونون خلايا جسدها الحي النامي وإن كان ذلك مهما، فهو أكثر أهمية في وقت اتسعت فيه ساحات التدافع الحضاري بين الأمم وتتلقى فيه أمتنا سهاما من كل الاتجاهات.
إن الأمة تحتاج اليوم الى بناء خطوط دفاع متعددة لكي تتبوأ مكانتها اللائقة بين الأمم، والتربية أم المصادر التي تمد تلك الخطوط بعنصر قوتها الأهم وهم الرجال.
فالأسلحة المتطورة تصبح قطعا متحفية، والمعامل الحديثة تصير آلات صماء، والمباني الضخمة تصبح اطلالا ما لم يعايشها ويبدع في استخدامها رجال على مستوى التفاعل الحضاري.
وقد يتبادر الى ذهن قارىء عنوان المؤتمر لأول وهلة أنه مؤتمر يعالج منظومة الحقوق والواجبات بين المجتمع ورجال التربية، ولكني أحسب ان ذلك العنوان يشير الى أرحب من ذلك وأوسع، إنه يشير الى مدى المساهمة التي تقع على عاتق المجتمع بفئاته المختلفة في دعم التربية فيه؛ لكي يرعى أبناءه الذين تتحقق بهم أهداف ذلك المجتمع في حياة عزيزة كريمة زاهرة تحقق السعادة في الدنيا والآخرة.
إنها ساحة كبيرة للعمل
وإذا كانت التربية ساحة كبيرة للعمل البناء المثمر الذي يقتضي التعاون والتعاضد من كل فئات المجتمع ومنهم التربويون، فإن الذي يريده المجتمع من التربويين هو مساحة كبيرة من الرصد والبحث والتخطيط الواعي والتنفيذ المخلص الدقيق لبرامج تربوية تنطلق من ثوابت الأمة وتستفيد من معطيات الحضارة الحديثة بالقدر الذي لا يتعارض مع تلك الثوابت.
والمجتمع السعودي متمثلا في قيادته على مر العصور والعقود قدم للتربية عطاء ودعماً؛ ضخماً كمَّا ومتميزاً كيفاً على كل مستوى من مستويات التعليم، وفي كل مجال من مجالات التربية، ويبقى ان تحذو فئات المجتمع حذو القيادة في دعم رجال التربية، فالتربية قسمة بين التربويين وفئات المجتمع كلها، ليس لأي طرف في تلك القسمة أن يتنازل عن حقه، وإن النتاج لبرامج تربوية واقعية الأهداف، شاملة الوسائل، متقنة التنفيذ لا يكون مباركاً إلا إذا تعاون المجتمع مع التربويين فيه، قدم لهم ما يريدونه منه، وحصل على ما يريده منهم، وما يريده المجتمع من التربويين كبير وعظيم.
أسأل الله عزوجل أن يكتب لمؤتمر «ماذا يريد التربويون من المجتمع وماذا يريد المجتمع من التربويين» التوفيق وأن يخرج بتوصيات وقرارات تضيف مزيداً من النجاح والتطوير والتعزيز لبرامج المجتمع التربوية، وأن يكون لهم صدى ايجابي على العملية التربوية في مجتمعنا العربي المسلم في المملكة العربية السعودية إنه سميع مجيب.
كما تحدث للجزيرة معالي مدير الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة الدكتور صالح بن عبدالله العبود فقال: التربويون من أبناء الوطن شريحة من شرائح المجتمع لهم احتياجات لكي يقوموا بعملهم خير قيام. والمجتمع مجتمع اسلامي عريق يتطلع الى التربويين بأنهم من تعقد عليهم الآمال في تربية وتعليم أبناء هذا الوطن، وطن التوحيد على العقيدة الاسلامية المشرقة بالنور المبدد لظلمات الجهل والضلالة.
موضوع هذه الندوة كبير وله زوايا عديدة كل زاوية منها تحتاج الى طرح وحوار هادىء، ولعل تجمع عدد كبير في الندوة من التربويين المتخصصين ومن المهتمين بالتربية والتعليم من أبناء المجتمع السعودي سوف يؤدي الى تحديد الأطر الدقيقة في تأسيس البناء التربوي على العقيدة الاسلامية وفق خطط تطويرية فجميعنا يسعى دائما الى التطوير والبحث عن الأفضل الملائم لمستجدات الأحداث والنوازل.
ومن الأمور التي أتوقع بل أتطلع ان تناقش باستفاضة في هذه الندوة الأمور التربوية المستجدة التي استحدثت نتيجة القفزة المذهلة في وسائل الاتصالات مثل التعليم الذاتي، والتعليم عن بعد.
وقبل ذلك أشيد باهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين بالتعليم وقضاياه في ضوء الاسلام كما هو الواقع الذي نعيشه، وما رعاية صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني لهذه الندوة إلا تجسيد لهذا الواقع.
أسأل الله العظيم للندوة التوفيق والنجاح.
كما تحدث للجزيرة المهندس عبدالله بن حمد الفوزان وكيل وزارة المعارف للمباني والتجهيزات المدرسية فقال: العلاقة بين المجتمع والتربويين علاقة قائمة وقوية بحكم وجود حلقة الاتصال المشتركة وهي: الطلاب والطالبات: أبناء وبنات المجتمع.
فهذا الرباط القوي بين الطرفين يحظى بعناية كل منهما وتلك العناية تمثل الواجب الحقيقي للتربويين، والرسالة المقدسة لأفراد المجتمع.
ولعلي أصيب في القبول عندما أرى ان كل إيجابيات التعليم والتربية يشترك فيها الطرفان، بل وأيضا السلبيات.. إن وجدت فإن الطرفين أيضا مساهمان في وجودها.
واعتبر م. الفوزان هذه الندوة احد مظاهر التنمية فقال: فالنهضة التعليمية على سبيل المثال.. وتلك احدى ايجابيات ومظاهر التنمية: تصنعها الدولة أخص التربويين، وأيضا اقبال المجتمع على التعليم وقناعته ووعيه شاركت في صنع تلك النهضة العظيمة، ولولا ذلك الاقبال لكان الوضع عكس ذلك بكل ما نتخيله من تصورات.
ولو أخذت مشكلة المباني المدرسية المستأجرة كمثال للسلبيات فهي نتاج غير مباشر لنفس الايجابية السابقة، فإن تشجيع الدولة للتعليم واقبال المجتمع علي التعلم أدى لزيادة هائلة.. ربما غير متوقعة.. في أعداد الطلاب والطالبات على مدى اتساع المملكة وتطلب ذلك افتتاح مئات المدارس سنوياً، ولعدم قدرة خطة الإنشاءات على مواجهة ذلك النمو - رغم توفر الامكانات الفنية والمادية - لجأت الوزارة مضطرة لاستئجار المباني السكنية لاستخدامها كمدارس - لمختلف المراحل التعليمية - وفي مختلف مدن وقرى المملكة، رغم علمنا مسبقا باختلاف المعايير التصميمية للمباني السكنية عن المباني المدرسية - ولكن.. في البداية كانت تلك المساكن تحقق نصيبا كبيرا من الغرض، إلا أنه مع تطور أساليب التعليم ووسائله والمناهج والأنشطة التربوية لم تعد تلك المباني المستأجرة «أو أغلبها» تحقق الحد الأدنى من متطلبات العمل التربوي، وأصبحت مشكلة يعاني منها الطرفان «التربويون والمجتمع».
وعندما قامت وكالة المباني والتجهيزات المدرسية بوضع الخطة الوطنية للمباني المدرسية بتوجيهات من معالي وزير المعارف الدكتور محمد بن أحمد الرشيد - استلهمت مكوناتها من أهداف خطط التنمية المباركة وانطلقت من واقع أوضاع التعليم وعناصره وواقع المجتمع وأوضاعه وتقاليده واحتياجاته.
واستعانت هذه الوكالة في تلك المهمة الدقيقة بآراء التربويين وأفكار عناصر المجتمع باختلاف مستوياتها الثقافية والاقتصادية.
ثم قامت ببلورة لتلك الآراء والأفكار لوضع هيكل يتكون من مجموعة من المقومات استندت اليها في تحديد أهداف الخطة الوطنية والسياسات والوسائل التي تحقق هذه الأهداف.
وعندما خرجت بنتائج وتوصيات رأت أنها ضرورية للتفعيل كان من الطبيعي ان تتوزع المسؤوليات على الطرفين: التربويين والمجتمع.
ويتجلى ذلك في برامجها الثلاثة: توفير الأراضي، وإنشاء المباني التعليمية الحكومية، وصيانة وتحديث المباني القائمة وتجهيزها.
وكل برنامج يحتاج من الطرفين: التربويين والمجتمع، دوراً فعالاً ومساهمة ودعماً مؤثراً، فتلك البرامج تمثل البنية التحتية للبيئة التعليمية، وسوف تكون ضمن محاور الندوة التي تقيمها الوزارة ليعرض التربويون دورهم، وما يخصهم من مساهمة في تحقيق تلك البرامج، ويتحدث الحاضرون من أبناء المجتمع عن رؤياهم واقتراحاتهم وبذلك يساهم الجميع في اثراء الحوار ويتحقق تناغم البيئة المدرسية مع البيئة المحيطة بالمجتمع.
كما تحدث للجزيرة مدير عام التعليم بمنطقة الرياض د. عبدالله المعيلي فقال:
التربية والمجتمع كل منهما يؤثر ويتأثر بالآخر يتشكل منه ويؤثر فيه بطريقة وأخرى، لذا فمن غير المقبول الفصل بينهما، فبينما يتشكل أفراد المجتمع من المؤسسة التربوية الصغيرة في حجمها، الكبيرة في عملها،فإن هذه المؤسسة أيضا قد تتعطل وتفقد أهم مقوماتها إذا نأى المجتمع عن همومها وآمالها وتطلعاتها، ففي الوقت الذي يمضي فيه الابن في المدرسة وقتا طويلا للتحصيل المعرفي والوجداني والسلوكي فإنه يقضي أكثر منه داخل مجتمعه يتعرض فيه الى الكثير من التوجهات والأفكار والمبادىء والقيم، مما يؤكد أهمية توثيق العلاقة بين المجتمع بمؤسساته المختلفة.. والتربويون الذين يقوم عملهم على إعداد المواطن الصالح المؤمن لبنة تقوم عليها أخرى في تناغم بديع خلاب مثير للانتباه. إن التواؤم الذي ننشده هو أن يتبادل معنا أولياء الأمور مناقشة الأساليب الحديثة للتربية السليمة التي تساعد المدرسة على ايجاد التوازن لدى الطالب في مراحل عمره المختلفة بحيث ينشأ ويكبر عارفا ملتزما بالأهداف العليا لوطنه وأمته وما يحاك ضدها وقبل ذلك معتزاً بما لديها من مخزون هائل وعظيم مما يفتخر به المرء من قيم ومثل. نأمل أن تكون الندوة سبيلا وطريقاً للوصول الى ما نتوخاه خصوصاً إذا علمنا أنها تقام برعاية صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني - حفظه الله - الذي يولي التربية والتربويين اهتماما كبيراً مما يؤكد التفاعل الكبير المتوقع الذي ستلقاه الندوة من كافة فئات المجتمع. والله الموفق.
|