* رام الله الضفة الغربية محمد السعدي رويترز:
ساءت أحوال شركة سيلفانا الفلسطينية الرائدة لصناعة الحلوى بعد انسحاب شريكها الرئيسي بسبب الإحباط من تعطيل الحصار العسكري الإسرائيلي لوصول المنتجات للأسواق.
وألقى توقف أعمال سيلفانا نتيجة لذلك الضوء على الانهيار واسع النطاق الذي تشهده الصناعة الفلسطينية تحت وطأة إعادة احتلال إسرائيل لأغلب أراضي الضفة الغربية رداً على الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وقال وزير الاقتصاد الفلسطيني ماهر المصري إنه من الصعب إعطاء بيانات عن الخسائر الآن إذ لم يعد بالإمكان الوصول إلى المصانع في بعض المناطق بالضفة الغربية وغزة بسبب الإغلاق الإسرائيلي للأراضي لكن يمكن القول إن الخسائر كبيرة جداً وتقدر بالملايين.
ورغم أن الصناعة كانت تمثل نسبة محدودة نسبياً تبلغ 18 في المئة من إجمالي الناتج المحلي الفلسطيني قبل بدء الانتفاضة المستمرة منذ نحو 27 شهراً إلا أن تدهورها أقلق الفلسطينيين لأن إنتاج المصانع كان يمثل آفاق إقامة اقتصاد حديث لدولتهم المستقبلية.
وأغلقت ثلث المصانع التي تنتج سلعاً تتراوح من الأحذية إلى المياه المعدنية وأدوات الزراعة أبوابها أو خفضت أعمالها بسبب ما يؤدي إليه الإغلاق الإسرائيلي وحظر التجول من منع وصول المنتجات إلى الأسواق.
وأدى ذلك إلى تسريح نحو نصف العاملين في الصناعة.
وتضررت كذلك قطاعات الزراعة والتجارة التي مثلت النسبة الأكبر من إجمالي الناتج المحلي الذي بلغ 7 ،4 مليار دولار في عام 2000 بسبب الحملات الإسرائيلية، وانخفض إجمالي الناتج المحلي إلى نحو ملياري دولار منذ بدء الانتفاضة.
وانهارت شركة سيلفانا وهي من أكبر شركات الصناعات التحويلية الفلسطينية وأكبر منتج محلي للشيكولاتة والحلوى لأخرى عندما ألغت شركة الاصبح عقداً مدته خمس سنوات بقيمة 500 ألف دولار لإدارة مصنع سيلفانا في رام الله وتوصيل منتجاته للأسواق.
وأصبحت شركة الاصبح وهي من أكبر شركات النقل الثقيل في الأراضي الفلسطينية شريكاً لسيلفانا قبل أسابيع فقط من اندلاع الانتفاضة.
وقال حسام العمري ممثل الاصبح لدى سيلفانا إن أعمال الشركة التي حققت عائدات بلغت مليوني دولار في العام السابق على الانتفاضة تحملت في بادىء الأمر أعمال العنف.
لكنه أضاف ان القدرة على الوصول للأسواق تدهورت بسرعة بعد أن حاصرت قوات الجيش الإسرائيلي مقر الرئيس ياسر عرفات في رام الله لأول مرة قبل عام بعد سلسلة من الهجمات الانتحارية داخل إسرائيل.
وأضاف «بدأت المشكلة بتأخر الشاحنات عند نقاط التفتيش ثم فرض قيود على المكونات التي نستوردها».
وأبلغ رويترز أن منتجات الشركة من الشيكولاتة والحلوى تصنع بزبد لا يحتمل الانتظار تحت حرارة الشمس، ولا يمكن نقل المنتجات عبر الطرق الخلفية غير الممهدة لأنها منتجات رقيقة قد تتكسر.
وأجبرت نقاط التفتيش العسكرية الإسرائيلية التي انتشرت منذ بدء الانتفاضة الفلسطينيين على استخدام طرق غير ممهدة مغامرين بحياتهم إذا ما ضبطوا عليها وتغلق القوات الإسرائيلية أي طريق خلفي تكتشفه.
وتقول إسرائيل إن نقاط التفتيش تهدف لمنع تسلل مهاجمين انتحاريين قد ينفذون عمليات في إسرائيل.
ويقول الفلسطينيون إن هذه الإجراءات التي تقوض الاقتصاد ترقى إلى مستوى العقاب الجماعي المحظور بمقتضى المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان.
ورفض متحدث باسم الجيش الإسرائيلي وإدارة المدنية في الأراضي المحتلة التعليق على الصناعة الفلسطينية ومشكلات اقتصادية أخرى.
وأدى إغلاق سيلفانا إلى تشريد 170 عاملاً ووقف إنتاج الشركة لأول مرة منذ نحو نصف قرن.
وأظهرت دراسة مشتركة بين مركز التجارة الفلسطينية والاتحاد الفلسطيني للصناعات أن الأداء الصناعي أقل بكثير من الطاقة الإنتاجية بسبب اضطرابات السياسة والقيود على الشركة والعقوبات الاقتصادية التي تفرضها إسرائيل.
وقال وزير المالية الفلسطيني سلام فياض إن قيمة الصادرات الفلسطينية السنوية انكمشت إلى 280 مليون دولار من 870 مليون دولار عام 1999.
وقال العمري إن أغلب إنتاج سيلفانا من الحلوى كان يذهب إلى الأسواق الفلسطينية ويصدر 20 في المئة منه إلى إسرائيل ودول الخليج.
وتابع «في نهاية الأمر أصبح وصولنا لجميع الأسواق شبه مستحيل مما يزيد من أعباء التكاليف، لا أحد يمكنه تحمل خسارة تلو الأخرى، لذلك قرر مجلس الإدارة إغلاق الشركة».
وقال إن الموردين الذين يعتمد بقاؤهم على عملهم مع سيلفانا مثل مصانع علب الكارتون أغلقت هي الأخرى.
وكان احتجاز المواد الأولية المستوردة المطلوبة للإنتاج في المطارات الإسرائيلية من العقبات الكبرى الأخرى.
يقول العمري «التبريرات الأمنية التي يوردونها سخيفة... كيف يمكنني نقل أسلحة ومتفجرات في قوالب الشيكولاتة».
وأفادت الدراسة المشتركة أن التعطيلات المتعمدة في الإجراءات الأمنية والفنية على الحدود تجعل من المستحيل على الصناعات الفلسطينية توزيع منتجاتها وخدماتها على الأسواق المحلية والاقليمية والدولية.
وقال ناصر عبد الكريم الاقتصادي الفلسطيني البارز إن الحصار الإسرائيلي وحظر التجول قوض الميزة التنافسية السعرية للشركات بتضخيم تكاليف النقل وخفض الإنتاجية وتعطيل تدفقات المواد الأولية المستوردة.
وأضاف عبد الكريم «الشركات الصناعية تواجه معضلة لأنه يتعين عليها مواصلة دفع التكاليف الثابتة في الوقت الذي تنخفض فيه الإنتاجية... العديد من الشركات مثل سيلفانا لا يمكنها الوفاء بالتزاماتها المالية».
وتقول وكالات إغاثة إن معدل البطالة تجاوز 50 في المئة في العديد من المناطق ويعيش أكثر من 60 في المئة من 5 ،3 مليون فلسطيني تحت خط الفقر أي بدولارين أو اقل في اليوم وتحتاج البنية الأساسية الفلسطينية لإصلاح عاجل بعد تكرار الاجتياحات العسكرية.
ويرجع وزير الاقتصاد نسبة كبيرة من الخسائر لتدمير بعض المواقع الصناعية بنيران الأسلحة الإسرائيلية الثقيلة.
وقال عبد الكريم إنه إذا غادرت القوات الإسرائيلية الأراضي فإن الاقتصاد سيحتاج ما بين ثلاثة وأربعة أعوام لاستعادة مستوياته قبل الانتفاضة.
|