* بيونغ يانغ - العواصم - الوكالات:
ذكرت وكالة الأنباء الكورية الشمالية المركزية الرسمية ان كوريا الشمالية انسحبت أمس الجمعة مع مفعول فوري من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.
وقالت الوكالة ان «حكومة جمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية أعلنت أمس في بيان انسحابها من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية وحريتها التامة تجاه الالتزام بالاتفاقات الموقعة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية».
وكانت بيونغ يانغ وقعت في العام 1992 مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية اتفاقات حول تفتيش المنشآت والنشاطات النوية.
كما رفضت كوريا الشمالية قراراً للوكالة الدولية للطاقة الذرية الاثنين الماضي يندد بشدة باستئنافها برنامجها النووي ورفضت كذلك السماح بعودة مفتشي الوكالة الذين طردوا نهاية كانون الأول ديسمبر الماضي.
وأوضح البيان ان «حكومة الجمهورية الشعبية الديموقراطية الكورية ترفض بشدة قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادر في السادس من كانون الثاني يناير وتعتبر القرار مساً خطيراً بسيادتها وكرامة الأمة الكورية».
وأضاف «بما انه ظهر مجدداً ان الولايات المتحدة تحاول باستمرار وبأي ثمن خنق الجمهورية الشعبية الديموقراطية الكورية وان الوكالة الدولية للطاقة الذرية تستعمل كأداة للسياسة الاميركية المعادية للجمهورية الشعبية الديموقراطية الكورية فلا يمكننا ان نبقى مرتبطين بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية لان هذا الأمر يمس بأمن البلد وكرامة أمتنا».
إلا ان كوريا الشمالية أكدت مجدداً انها لا تعتزم بأي حال انتاج أسلحة نووية.
وقال البيان «على الرغم من انسحابنا من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية فاننا لا نعتزم بأي حال انتاج أسلحة نووية ونشاطاتنا في هذه المرحلة ستقتصر على غايات سلمية كانتاج الكهرباء».
وذكر البيان ان كوريا الشمالية تدافع عن مصالحها «التي تتعرض لخطر داهم» وتابع «في هذا الوضع الخطير حيث تتعرض مصالحنا القومية للخطر فان حكومة جمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية اتخذت القرارات التالية:
أولا: الانسحاب فوراً من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.
ثانيا: ان الانسحاب يسقط كل الالتزامات حيال الوكالة الدولية للطاقة الذرية وهو إجراء شرعي للدفاع عن النفس في وجه تحرك الولايات المتحدة لخنق الجمهورية الشعبية وفي ضوء سلوك الوكالة الدولية التي تسير على خطى الولايات المتحدة».
وكانت كوريا الشمالية هددت في كانون الأول ديسمبر بالانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية التي تريد ان يقتصر امتلاك الأسلحة النووية على الخمسة الدائمين في مجلس الأمن. واتهمت الولايات المتحدة بأنها مسؤولة عن انتهاك اتفاق 1994 الذي تعهدت فيه بيونغ يانغ بتجميد برنامجها النووي واحترام المعاهدة الدولية.
وفي اذار مارس 1993 أعلنت كوريا الشمالية انها ستنسحب من المعاهدة مثيرة أزمة وضعت شبه الجزيرة الكورية على حافة الحرب.
إلا ان الأزمة انتهت سلمياً مع بدء المفاوضات مع الولايات المتحدة والتوقيع بعد أشهر على اتفاق يعطي كوريا الشمالية وضعاً خاصاً.
واستناداً إلى هذا الوضع الخاص تجمد كوريا الشمالية قرار انسحابها وكذلك برنامجها النووي بانتظار ان يقوم كونسورسيوم دولي ببناء محطات نووية لانتاج الكهرباء في كوريا الشمالية.
وأعلن مسؤول في السفارة الكورية الشمالية في بكين ان كوريا الشمالية قد تعود عن قرارها الانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية في حال استأنفت الولايات المتحدة تزويدها بالنفط.
وقال قنصل مكلف بالشؤون السياسية ويحمل اسم كيم «إذا استأنف الاميركيون تسليم النفط فيمكن ان نعيد النظر بموقفنا».
وكانت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وكوريا الجنوبية واليابان علقت من الأول من كانون الأول ديسمبر شحناتها من النفط إلى كوريا الشمالية رداً على استئناف بيونغ يانغ برنامجها النووي.
واستناداً إلى واشنطن فان بيونغ يانغ اعترفت بمعاودة برنامجها النووي إلى مساعد وزير الخارجية الاميركية جيمس كيلي خلال زيارة قام بها إلى العاصمة الكورية الشمالية بداية تشرين الأول اكتوبر الماضي، وهو ما ينفيه المسؤولون الكوريون الشماليون.
وعمدت كوريا الشمالية بعد قطع الامدادات النفطية عنها إلى الاعلان رسميا في الثاني عشر من كانون الأول ديسمبر عن تشغيل مفاعل نووي ينتج البلوتونيوم اللازم لصناعة قنبلة ذرية.
وأوضح الدبلوماسي الكوري الشمالي في بكين ان العرض الذي قدمته واشنطن بداية الأسبوع لاستئناف الحوار مع بلاده ليس كافياً.
إلا ان الدبلوماسي نفسه أقر بأن الاميركيين وافقوا على الحوار «إلا انهم وضعوا بعض الشروط.. إذ قالوا ان علينا الا نستمر في برنامجنا النووي لكننا لم نقل أي شيء ذي علاقة بالبرنامج النووي لجيمس كلي».
وكرر كيم مؤكداً «لم نقل أبدا أي شيء يتعلق بالبرنامج النووي» للمسؤول الاميركي.
وقد توالت ردود الفعل حول قرار كوريا الشمالية حيث دعت كوريا الجنوبية إلى اجتماع طارئ لمجلسها الأمني لبحث الوضع في كوريا الشمالية بعد قرار بيونغ يانغ الانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية فيما دانت فرنسا القرار ودعت اليابان إلى العودة عنه.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الكورية الجنوبية كين اوي تاك «سنعقب رسميا (على القرار الكوري الشمالي) بعد الاجتماع».
وقد دانت فرنسا على لسان وزير خارجيتها القرار الكوري الشمالي الذي وصفته بأنه «خطير» محذرة من «العواقب الوخيمة» لمثل هذا القرار.
وقال دومينيك دو فيلبان لدى وصوله إلى شنغهاي أمس الجمعة «ان فرنسا تدين هذا الانسحاب من المعاهدة وسيطرح الأمر على مجلس الأمن الدولي».
وأضاف «علينا التنسيق خلال الساعات المقبلة مع مجموع شركائنا في مجلس الأمن وأيضا مع اليابان وكوريا الجنوبية لمواجهة هذا الوضع».
وتقضي بنود معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية في حال انسحاب أي بلد موقع على المعاهدة بأن تقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بابلاغ مجلس الأمن فوراً بالأمر ليتحول الملف إليه.
يشار إلى ان فرنسا تتولى لشهر كانون الثاني يناير الحالي الرئاسة الدورية لمجلس الأمن.
وفي طوكيو أعلن رئيس الوزراء الياباني جونيشيرو كويزومي لوكالة «ايتار تاس» أمس الجمعة ان اليابان «ستطلب من كوريا الشمالية العودة عن قرارها» الانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.
ودعت الحكومة اليابانية بيونغ يانغ العودة عن قرار الانسحاب من المعاهدة.
وقال الأمين العام للحكومة اليابانية الناطق باسمها ياسوا فوكودا «انه أمر مؤسف جداً.. اننا نطلب بالحاح من بيونغ يانغ العودة عن قرارها» وقد حذر الرئيس الكوري الجنوبي كيم داي جونغ من ان الأزمة النووية في بيونغ يانغ تزداد خطورة وذلك في أول تعقيب له على انسحاب كوريا الشمالية من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، فيما أعربت روسيا عن قلقها.
وقال الرئيس الكوري الجنوبي «إن الوضع في شبه الجزيرة الكورية ازداد تدهوراً بعد انسحاب الشمال من معاهدة الحد من الانتشار النووي».
وأضاف في اجتماع وزاري «علينا ان نجعل من شبه الجزيرة الكورية مكاناً خالياً من الأسلحة النووية ولذلك يجب ان نتحلى بالصبر والثبات في السعي إلى حل سلمي».
وتابع «ان الولايات المتحدة في هذا الوقت وبفضل جهودنا تتجه نحو الحوار مع كوريا الشمالية».
وفي موسكو أعرب متحدث باسم الخارجية الروسية عن قلق روسيا من الخطوة الكورية الشمالية.
وقال المتحدث «إن اعلان كوريا الشمالية يثير قلقنا.. اننا ندرس الموقف ووزارة الخارجية على اتصال مع جميع الأطراف المعنيين».
يشار إلى ان لروسيا علاقات وثيقة ببيونغ يانغ وهو الأمر الذي شدد عليه رئيس الوزراء الياباني جونيشيرو كوازومي الذي يزور موسكو حاليا داعيا الحكومة الروسية إلى العمل على حل هذه الأزمة.
|