Saturday 11th January,2003 11062العدد السبت 8 ,ذو القعدة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المنشود المنشود
النداء
رقية الهويريني

يصدح الآذان معلنا توقف الأعمال سوى ذكر الله.. الله أكبر من كل الأعمال والمشاغل!!
تغلق المحلات التجارية أبوابها، وقد يبقى العمال داخل تلك المحلات لحين انتهاء الصلاة!! حتى أصبح من المألوف ان تطفأ الأنوار وتغلق الأبواب الزجاجية وترى من خلالها حركة العمال وكأنهم أشباح!!
ويلاحظ في هذه الأثناء ان الوقت الفاصل بين الاذان والاقامة قد يصل الى عشرين دقيقة، فلو تم اختزاله الى خمس دقائق للاستعداد للصلاة لكانت كافية للسنن الرواتب خصوصا في الوضع الحالي الذي تتوفر فيه دورات مياه ملحقة بالمساجد، اضافة الى قرب المسجد من المنزل، ووجود مساجد ومصليات في الأسواق وداخل الدوائر الحكومية. كما ان ذلك حافز للمبادرة للصلاة حال سماع النداء.
وعند النداء تتوقف الأعمال المكتبية الحكومية والأهلية الى ما يقرب من أربعين دقيقة من بداية الاذان وحتى انتهاء الصلاة وفي ذلك تعطيل لمصالح المسلمين وخاصة في صلاة الظهر والمغرب والعشاء، وغالبا ما يخرج بعض الموظفين لأداء الصلاة خارج مقر العمل ولا يكاد اكثرهم يعود بعدها وقد يتوجه لمنزله متناسيا او متساهلا ببقية ساعات الدوام التي تزيد عن الساعتين. ولست أدري عما يمنع من تأخير صلاة الظهر ساعة أو أكثر لا سيما ان الوقت بين صلاتي الظهر والعصر طويل، ومن المستحب تأخيرصلاة الظهر بعد الزوال الى وقت «الابراد» بحيث تكون في وقت ثابت وهو الساعة الواحدة ظهرا وعندها تغلق المحلات التجارية، وينصرف العمال لمنازلهم، وينتهي الدوام الرسمي في المعاهد والجامعات والوظائف الحكومية والمؤسسات والشركات. ويقتصر العمل على الخدمات الضرورية كالصيدليات وطوارىء المستشفيات ومحطات الوقود.. ليكون هناك وقت راحة الزامي حتى أذان العصر وفي هذا تخفيف من حدة الازدحام في الشوارع والتقليل من كمية الطاقة الكهربائية قدر الامكان وخصوصا في فصل الصيف الذي تصل فيه الحرارة ظهرا الى ما يزيد عن 50 درجة مئوية في اغلب المناطق!! فماذا لو تم تقديم اوقات الدوام في الصباح ساعة كاملة لاسيما ان الشمس تشرق باكرا بحيث تغلق سجلات الحضور عند الساعة السابعة صباحا وذلك في جميع الدوائر الحكومية والجامعات والمعاهد والمؤسسات والشركات الخاصة، وتسبقها المدارس بنصف ساعة. ويمتد الدوام حتى الساعة الواحدة. ويمكن استكمال بقية الاعمال بعد صلاة العصر وقبل صلاة العشاء، ولعلها فرصة لطرح فكرة تأخير صلاة العشاء ساعتين ونصف الساعة ليكون وقت المغرب متسعا لقضاء المصالح وخاصة ان هذه الفكرة تقتضيها المصلحة العامة ولا يوجد ما يعارضها من الشرع. كما دلت النصوص الشرعية على مشروعية تأخير صلاة العشاء الى ما بعد مضي ثلث الليل الاول، فقد اخرج النسائي في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «صلوها فيما بين ان يغيب الشفق الى ثلث الليل» ويمكن معرفة ثلث الليل بتقسيم الوقت من غروب الشمس الى طلوع الفجر الى ثلاثة اقسام كما بين ذلك علماؤنا الافاضل. حيث روى البخاري ومسلم في حديث عائشة رضي الله عنها: «أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة حتى ذهب عامة الليل، ثم خرج فصلى، فقال: انه لوقتها، لولا ان اشق على امتي» ويدل الحديث على افضلية التأخير، ولكنه مرتبط بعدم المشقة. والسهر هو الغالب في حال الناس اليوم! حيث لا تضرب المواعيد الا بعد صلاة العشاء، اي ان المشقة مرفوعة! وحيث ان المصلحة تقتضي التأخير ولانتفاء المفسدة والضرر والمشقة فالتأخير في هذه الحالة اولى وقد طبق هذا الاجراء ابان شهر رمضان وحقق منفعة للناس. بل لعل ذلك يقضي على السهر بحيث تكون الزيارات والتواصل وقضاء الاعمال الوظيفية والتجارية بين صلاتي المغرب والعشاء لطول الوقت بينهما. وقد ورد في الصحيحين عن ابي بزرة «ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها» بل كان عمر رضي الله عنه يزجر الناس حين يسمرون بعد العشاء خشية النوم عن صلاة الفجر.
وفي هذا الاجراء يكون النداء لصلاة العشاء ايذانا بعودة الناس الى بيوتهم بعد اداء الصلاة ووقف الحركة التجارية عدا المتطلبات الضرورية. وفي ذلك فرصة ان يتحلق افراد الاسرة حول بعضهم ويتناولوا عشاءهم سويا، ويتمكن رب الاسرة من الاشراف المباشر على ابنائه لعدم وجود مغريات خارجية، فضلا ان ذلك داعية للنوم الباكر والاستيقاظ الباكر لاداء صلاة الفجر في وقتها الذي نأمل ان يتأخر عن موعده المقرر نصف ساعة وقبل شروق الشمس بوقت كاف. وهذا بحد ذاته يعتبر دافعا للناس - لا سيما الشباب - للصلاة في المسجد، ومن ثم تناول افطارهم والتوجه مباشرة لمدارسهم او اعمالهم.
والامل معقود بهيئة كبار العلماء ورئاسة الافتاء للنظر في هذا الموضوع، واعادة ترتيب الاوقات حسب المستجدات الحضارية وما يصب في مصلحة الناس ولا يتعارض مع الشرع وهذا المطلب يعد - حاليا - امرا ملحا ليظل الدين الاسلامي متزامنا مع متطلبات العصر وكما هو - دائما - يناسب كل زمان ومكان.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved