قال تعالى: {أّتّى" أّمًرٍ اللّهٌ فّلا تّسًتّعًجٌلٍوهٍ}، لا تسبق الأحداث أتريد قطف الثمر قبل النضج إن غداً مفقود لا حقيقة له وليس له وجود ولا طعم ولا لون فلماذا نشغل أنفسنا به ونتوجس من مصائبه ونهتم لحوادثه ونتوقع كوارثه ولا ندري هل يحال بيننا وبينه أو نلقاه فإذا هو سرور وحبور المهم أنه في عالم الغيب لم يصل إلى الأرض بعد، إن علينا ألا نعبر جسراً حتى نأتيه ومن يدري لعلنا نقف قبل وصول الجسر أو لعل الجسر ينهار قبل وصولنا، وربما وصلنا الجسر ومررنا عليه بسلام.
إن إعطاء الذهن مساحة أوسع للتفكير في المستقبل وفتح كتاب الغيب ثم الاكتواء بالمزعجات المتوقعة ممقوت شرعاً لأنه أطول أملاً مذموم عقلاً ولأنه مصارعة للظل. إن كثيراً من هذا العالم يتوقع في مستقبله الجوع والعري والمرض والفقر والمصائب وهذا كله من مقررات مدارس الشيطان، قال تعالى: {الشَّيًطّانٍ يّعٌدٍكٍمٍ الفّقًرّ وّيّأًمٍرٍكٍم بٌالًفّحًشّاءٌ وّاللَّهٍ يّعٌدٍكٍم مَّغًفٌرّةْ مٌَنًهٍ وّفّضًلاْ}.
كثير من هم الذين يبكون لأنهم سوف يجوعون غداً وسوف يمرضون بعد سنة وسوف ينتهي العالم بعد مائة عام، إن الذي عمره في يد غيره لا ينبغي له أن يراهن على العدم، والذي لا يدري متى يموت لا يجوز له الاشتغال بشيء مفقود لا حقيقة له، اترك غداً حتى يأتيك لا تسأل عن أخبار لا تنتظر زحوفه لأنك مشغول باليوم، وإن تعجب فعجب هؤلاء يقترضون الهم نقداً ليقضوه نسيئة في يوم لم تشرق شمسه، ولم ير النور فحذار من طول الأمل.
والحمدلله أولاً وأخيراً،،،
|