الخبر الأول: مديرة احدى المدارس في احدى المحافظات تفقد جهاز الهاتف المحمول «الجوال» الخاص بها فتقوم باغلاق الأبواب وتمنع المعلمات والطالبات من الخروج، للبحث عن الهاتف المفقود حتى ساعة متأخرة من نهار رمضان.
وبعد التحقيق يتم تحويلها من مديرة لمعلمة كعقاب لها.
الخبر الثاني.. مسؤولة ادارية في احدى مدارس مناطق المملكة العزيزة لم تحسن التصرف حيال أزمة «ربو حادة» تعرضت لها احدى الطالبات حيث لم يتم اسعافها أو استدعاء أهلها بسرعة مما تسبب في تدهور شديد لحالتها الصحية وبقائها في العناية المركزة في وضع محزن.
وبعد التحقيق معها تم تحويلها الى معلمة.
معالي النائب .. هذه كلماتي تأتي لك دون ظرف مغلق أو بريد مرسل عبر صفحات جريدتي الجزيرة بزاويتي المتواضعة، أتحدث لك على مدى حروفي الصغيرة سحابها وديمها يتسابق لمعانقة قراءتك لها، ويأتي سؤالي الذي يبحث عن اجابة: هل اعادة المديرة المخطئة الى حقل التدريس والتعليم تكريم لها أم عقاب؟!
فهل كرمت أم عوقبت مديرة حجزت المعلمات والطالبات للبحث عن مفقود خاص بها لساعة متأخرة، أو المسؤولة الادارية التي توانت في اسعاف طالبة مريضة وادى ذلك الى تدهور حالتها الصحية.
معالي النائب.. لاشك أنك معي في أن التعليم من أجلّ وأعظم المهن التي عرفها الانسان منذ عرفت البشرية التطور والحضارة، لذا فقد أوجمني الذهول لدى قراءتي للخبر، اذ كيف تحول مديرة اخطأت وأساءت التصرف في مهنتها الادارية الى معلمة ينبغي ان تعي معنى المسؤولية والأمانة في التعليم.
المعلمة ذات العطاء الانساني والتي تقدم فكرا وجمالا لمن حولها، بل هي هالة من نور يشع ضوءها ودفئها لكل من يحيط بها.
أنا يا معالي النائب.. لا أتكلم بمفردات انشائية ولكن من واقع عملت به وأحسست بجماله وبُعْدَ مسؤوليته على مدى عشرين عاما مضت، عرفت فيها ان المعلمة هي النبراس الروحي لطالباتها ولمن يحيطون بها، عطاؤها الفكري ووجودها الانساني المتمثل في السلوك الحسن والتعامل الراقي، اللهاث المليء بالشجن والحب بين الزمن ومواد التعليم، ودفاتر ووجوه الطالبات والعقول التي تتفتح بوعي لكل علم ومعرفة جديدة، وتلك الشخوص الرقيقة للطالبات التي هي أمانة بين يديها تملكها وهي مسؤولة عنها تؤثر وتتأثر بها وتعطي تلك الأمانة وترعاها بكل صدق، وينتهي اليوم العام الدراسي للمعلمة وقد سجلت في يومياتها موقفا، وحكمة، وكلمة، ومبدأ.
جمال العطاء يا معالي النائب.. يجعل مهنة المعلمة من أعظم المهن لأنها تعني الأمانة والاحساس بالمسؤولية حيث انها مسؤولة عن عقول الطالبات وتوجيه أفكارهن وبالتالي تشكل بتعليمها لهن وشخصيتها وبثها للفكر والمعرفة والمبدأ والقدوة لشخصية سوية تعمل بشكل جاد ونافع فيما بعد.
الاحساس بالمسؤولة هو الذي يعطي للانسان دائما بعدا اخلاقيا في عمله، ويقدم له جرس تنبيه داخلي يحثه على العمل الصحيح، والقول السليم.
وكل معلمة تشرفت بهذا العمل وكرمت بمهنة التعليم ستتعجب عند قراءة هذا الخبر؟
إذ كيف تحاسب وتعاقب كل مسؤولة أخطأت بارجاعها لمهنة التعليم وهي المهنة التي يجلها ويحترمها المجتمع؟ ألا نخشى على طالباتنا من معلمات فقدن شعورهن بالمسؤولية تجاه مهنتهن. إذن فكيف يتم البناء بمعول الهدم؟
ألا توجد ضمن القرارات الادارية بنودا اخرى غير هذا القرار؟
حديثي هذا يخص كل معلمة ترى في عملها أسمى عمل وترى فيه الأثر الطيب والتقدير والرضا الذاتي أولا ثم رضا الآخرين وقبل ذلك كله المراقبة الالهية والخوف من الله عز وجل الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ثم مراقبة النفس والضمير الحي الذي هو الاضاءة الروحية للعمل الصحيح، واحترام عقول وفكر من تعلم من طالبات وفلذات أكباد.
وبعد ذلك تأتي مراقبة المسؤولين الادارية الذين يتعاملون معها بحكم المسؤولية الادارية.
يا معالي النائب.. كيف يتم تحويل مديرة أخطأت بارجاعها لمهنة التعليم التي لها من الحيثيات الجميلة السابقة الكثير الكثير..؟
لذا فاني أكرر، ألا ترى معي أن المديرة التي أخطأت قد كرّمتْ ولم تعاقب.
|