اطلقت الجنادرية «خيول الفجر» وهي جحافل الإيمان والعدل والسلام والحوار، بينما تكاد طبول الحرب تصم الآذان، في مفارقة تستدعي وتستوجب إفساح المجال والوقت وكل الجهود لكل تحرك خير يمكن أن يتجاوز بالعالم كارثة وشيكة الحدوث وحرباً تحشد لها الجيوش.
ولن تكون الجنادرية بمثابة فرقة الاطفاء لنيران المنطقة المشتعلة وتلك التي يمكن أن تشتعل، لكنها تشكل إطاراً هادئاً للتحاور والتفاكر، وهي بمضمونها وشكلها وتكوينها إنما تخاطب الآخر من أجل امعان النظر في كل ما يموج في هذه المنطقة من حركة وإنسان وطموحات وتطلعات وتوق شديد لمشاركة الآخر في عمل مبدع لخير الإنسانية جمعاء من خلال حوار يزيل التشوهات التي لحقت بالإنسان العربي المسلم ويقدمه للعالم بصورته الحقيقية..
وتستضيف «الجنادرية» كوكبة من رموز الفكر والرأي في المنطقة والعالم وقد دلفوا جميعهم إلى خيمتها تحت شعار «هذا هو الإسلام» وهي بذلك تهيئ أرضية صالحة لانطلاق حوارات حول ما يعتري عالم ما بعد 11 سبتمبر من اضطراب، وذلك لاستشراف ما هو قادم من الأيام بنظرة متفائلة من خلال تناول موضوعات النقاش بصدر رحب وعقل متفتح.
إن ضجيج الحرب حولنا يجب أن يكون حافزاً لكل هؤلاء للاعلاء من شأن الحوار وإسقاط عبارات «الصدام» وتغليب منطق التواصل وهتك أسوار الانغلاق على الذات التي تتغذى على الأفكار السوداوية المسبقة عن الآخرين بما في ذلك تلك الصور التقليدية عن الإنسان العربي المسلم في الغرب والتي تجرده من الإنسانية والمشاعر.
ويتعلق الأمر في الجنادرية بترسية ثوابت الحوار فهذا دأب هذا المهرجان منذ 18 عاماً ويبدو الحرص جلياً لفتح منافذ للفهم من خلال إظهار روح الإسلام التي تحث على كل ذلك التواصل والتي تحتفي كثيراً بالآخرين طالما أن التلاقي لخير الناس جميعهم وطالما تعلق الأمر بتجويد وترسيخ نهج خير للتواصل يزيل ما علق بالنفوس ويهيئها لانطلاقة جديدة لخير الإنسانية جمعاء.
|