* واشنطن - د.ب.أ:
في إطار الحرب ضد الارهاب لا شيء يتسم بالبساطة،ففي داخل الولايات المتحدة، هناك تضارب بين الرغبة في حماية مواطنيها مع الحاجة الملموسة لحرمان هؤلاء المواطنين من بعض الخصوصية والحرية التي تجعل الولايات المتحدة دولة جديرة بالدفاع عنها،
وفي العلاقات الدولية يصبح الأصدقاء أعداء محتملين أو على الأقل يصبحون أصدقاء لأعداء منتظرين.
وفي حالة باكستان، تنظر الولايات المتحدة إلى النظام العسكري القائم الذي يتولى حكم البلاد تحت قيادة الرئيس برفيز مشرف باعتباره مساعداً راغباً في تقديم العون في مساعي استئصال الجماعات المتشددة التي تشن العمليات الارهابية أو تحرض عليها، رغم أن هذه المساعدة قد تنطوي على خطورة سياسية داخل باكستان، وبالتالي، تحجم إدارة بوش عن اتخاذ أي إجراء ضد الحكومة الباكستانية.
غير أن الحكومة الأمريكية تلقت معلومات مؤكدة، بعضها من أقمار التجسس الخاصة بها، بأن الحكومة الباكستانية سلمت بيونجيانج المكونات اللازمة لبرنامج الأسلحة النووية الكوري الشمالي الذي كشفت عنه مؤخرا، ورغم أنه ما تزال هناك تساؤلات حول ما إ كان يوجد في كوريا الشمالية رؤوس صواريخ نووية، وما هو عددها، فإن كافة تحركات بيونجيانج وتصريحاتها تشير إلى سعيها المستمر للحصول على رؤوس نووية.
ويتمثل الاتفاق السري بين الجانبين كما يبدو في أن تتلقى باكستان من كوريا الشمالية صواريخ باليستية وتكنولوجيا لبناء المزيد منها، في مقابل تكنولوجيا نووية تتضمن أنظمة قوة الطرد المركزي وتصنيع أنابيب الالومنيوم التي تسمح بتكرير اليورانيوم المخصب وتحويله إلى يورانيوم مخصب عالي الجودة، وهو من المكونات الضرورية لتصنيع الأسلحة النووية.
ويبقى السؤال حول حجم التكنولوجيا النووية التي تملكها كوريا الشمالية بالتحديد، وإذا عرفت إجابة هذا السؤال، ستتمكن الولايات المتحدة من الرد بدقة على تباهي بيونجيانج باتفاقية «الاطار المتفق عليه» التي تم التوصل إليها عام 1994، وتعهدت كوريا الشمالية بمقتضاها بعدم السعي لامتلاك أسلحة نووية في مقابل مساعدة الامريكيين واليابانيين والكوريين الجنوبيين لها في جهودها في مجال الطاقة المحلية.
ويقول مسئول كبير سابق في الحكومة الأمريكية: إن إدارة بوش، التي لا ترغب في إضعاف إدارة مشرف في باكستان، لم تطلب حتى من باكستان قائمة مفصلة بالمساعدات التي قدمتها لبيونجيانج، وفي هذه الحالة، فقد تفوقت أهمية الحرب ضد الارهاب في الشرق الأوسط على الحاجة للحد من انتشار الأسلحة النووية،
ويشير المسئول الأمريكي إلى أن برنامج الأسلحة النووي الكوري الشمالي يمثل خطرا أكبر على الولايات المتحدة وحلفائها من حملة إرهابية منظمة بشكل جيد، ولكن هذه المسألة تتعلق بأسلوب الحكم على الامور، وفي هذه الحالة فإن وجهة نظر إدارة بوش هي أن الارهاب، فيما يتعلق بالشئون السياسية الداخلية، هو أكثر أهمية من سباق تسلح نووي محتمل في شرق آسيا.
وتتمثل المشكلة الأخرى بخصوص التركيز على الارهاب باعتباره العدو الرئيسي في أن تلك الاولوية تبناها حلفاء آخرون للولايات المتحدة لهم جداول أعمال داخلية خاصة بهم، ومن بينهم إسرائيل وروسيا، وطالما توصف أعمال المتمردين عليهم باعتبارها إرهابا، حتى لو كانت في صورة إلقاء الحجارة على الدبابات، تلتزم الولايات المتحدة الصمت.
ويزيد هذا الأمر بدوره من الشعور بالغضب ضد الولايات المتحدة في الدول الاسلامية في مختلف أنحاء العالم، مما يهيئ التربة لمزيد من العمليات الارهابية ضد الولايات المتحدة.
وما تزال الامور تزداد تعقيدا.
|