في الحديث السابق، كان عن دونيّة الخنزير، بين الحيوانات كلِّها، وانفراده بطباع جعلته من أخسّ الحيوانات، وأقلها منزلة، ولذا مُسِخت اليهود: خنازير وقردة، لصفات عديدة ذكرها الله في محكم التنزيل، لأن المسخ لا يكون إلاّ من شدة غضب الله، وطرده تلك الفئة من البشر من رحمته، وهذا منتهى الخسارة، وسوء العاقبة.
وفي حديث اليوم سوف يكون عن الأضرار الصحية التي تعود على من يتعاطى لحم الخنزير أو شحمه في غذائه، مع أن الله سبحانه، قد حرّمه في الديانات كلّها، على ألسنة رسله.
*، قال: عديّ: يا رسول الله، لسنا نتخذهم أرباباً من دون الله، وكان نصرانيا فأسلم. قال صلى الله عليه وسلم: «أليسوا يحرّمون ما أحلّ الله فتحرمونه، ويحلّون ما حرّم الله فتحلونه؟!» قال: بلى. قال: فتلك عبادتهم.
ونحن هنا نحذّر المسلمين وغير المسلمين، من تناول لحم وشحم هذا الحيوان الخبيث، من الجانب الصحّي بالأشياء المحسوسة، بعد أن وضحنا مكانته ودناءته من الناحية الخلقية والنفسية.. وخاصة لمن يسافرون لديار الغرب والشرق، وقد لا يحتاطون لأنفسهم في تقصّي اللحوم ومصدرها.. أو تلقى عليهم شبهة، ترغّبهم في أكله والاستفادة من دهنه، الذي دخل كثيراً من الصناعات والمأكولات لغزارته عندهم.
والشبهة تقول: إذا كنتم في دينكم الإسلامي، قد حرّم عليكم لحم الخنزير، لأنه منظره بشع لا ترتاحون له، ولأنه يأكل القاذورات، أو لأنه غير موجود عندكم في مجتمعاتكم، ولم تألفوه، أو لأن فيه دودة قد تضرّ؟؟ أو غير ذلك.
ثم يجيبون: بأن هذه الأمور قد أمكن التغلّب عليها: بالحضارة والنظافة، والاهتمام بتربية ونظافة المقدم له من الطعام، ورعاية حظائره صحياً، والطبخ الجيّد بحيث يميت الجرثومة المزعومة في لحمه.
ويجيب عن هذه التساؤلات الدكتور فاروق مساهل، في بحث طبي يقع مطبوعاً، في 37 صفحة.. وقد ذكر في بحثه هذا - أو كتيّبه الصغير-: عشرين مرضاً تصيب الإنسان من تناوله الخنزير أو شحمه في طعامه، نصفها من الخنزير خاصة، وهذا ما سوف نذكره، علماً بأن الدكتور فاروق قد دعَّم ذلك بالصّور، والتوضيح المكبّرة، حتى يكون لكلامه مكانة في نفس القارئ.. حيث قال:
1- مرض الشّعرية أو الترخينيّة: تسبّبه ديدان في لحم الخنزير تعيش، وهذه الديدان تستقرّ في عضلات آكل لحم الخنزير، وعلى الأخصّ عضلات التنفس، وتسمم تلك العضلات، وكما تستقرّ في عضلات الجسم كله، فإنها أيضاً تستقرّ في المخّ، ويقدر الدكتور حسب الإحصائيات: بأن عدد المصابين بهذا المرض في أميركا وحدها 47 مليون مصاب. وتبلغ نسبة الموت بهذا المرض 30%.
2- دودة الخنزير الشريطية: وهذه تستقر في الأمعاء، حيث يبلغ طولها عدة أمتار، مكوّنة من رأس بها ما بين 22-32 خطافاً تتشبث بها، في جدار الأمعاء، وتهرب يرقاتها إلى مجرى الدم، لتستقرّ في أيّ عضو من أعضاء الجسم، مثل الكبد والقلب، والعين والعضلات، وتتحوصل بها، فإذا استقرت في المخّ وهو مكانها المفضّل، فإنها تتسبب في حدوث مرض الصّرع.
3- الالتهاب السّحاني المخي، وتسمم الدم الناتج عن الإصابة بالميكروب السّجي الخنزيريّ، فقد أعقب اكتشاف هذا الميكروب عام 1968م، تفسير السبب وراء حالات الوفيات الغامضة التي حدثت في هولندا والدانمارك، وتبيّن أن هذا الميكروب الخنزيريّ متعطش لإصابة الإنسان والفتك به، ويحدث آثاراً كثيرة كالصّمم وفقدان التوازن.
4- الدوسنتاريا الخنزيرية، وهي أكبر الميكروبات في براز الخنزير وينتقل لطعام الإنسان بعدة طرق، وتستقر الميكروبات في أمعائه الغليظة محدثة اسهالاً ودوسنتاريا مصحوبة بالمخاط والدم مع ارتفاع الحرارة، وقد يحدث التهاب بالرئة وبعضلة القلب، وقد يثقب القولون ليعقبه الموت.
5- أنفلونزا الخنزير: ينتشر على هيئة وباء يصيب الملايين، وتكون المضاعفات خطيرة، حينما يحدث التهاب بالمخّ أو تضخّم في القلب، وكان أخطر وباء منه أصاب العالم في عام 1918م حيث قتل فيه حوالي 20 مليونا من البشر، وقد خافت أميركا منه في عام 1977م، فاجتمعت لجان برئاسة الرئيس الأمريكي فصدر الأمر بتطعيم كل أمريكي من هذا المرض بتكلفة 135 مليوناً.
6- التسمم الغذائي الخنزيريّ وهذا يحدث كثيراً لأن من خصائص لحمه وشحمه سرعة الفساد، وقد مات بسببه خلق كثير.
7- ثعبان البطن الخنزيريّ «الأسكارس» وقد تم اكتشافه في الإنسان عام 1982م في الولايات المتحدة الأمريكية، نتيجة للتعرض المباشر للخنزير، أو أكل الموادّ الغذائية الملوثّة ببراز الخنزير.
8- دودة المعدة القرصّية: وهي دودة تصيب الخنزير أصلاً، تنتقل منه، وتصيب الأطفال، وتتسبب هذه الدودة في حدوث الإسهال، والتهاب المصران الغليظ، وفي ولاية آسام بالهند تبلغ نسبة العدوى 40%.
9- دودة الرئة الخنزيرية: وهي دودة تعيش في رئة الخنزير وتنتقل منه إلى الإنسان.
10- الدوسنتاريا الأميبيّة الخنزيرية: وتنتقل العدوى من الخنزير للإنسان.
- كما اكتشف في عام 1405هـ: أن لحم الخنزير الذي حرّم الإسلام أكله، يسبب مرضاً قاتلاً هو تليّف الكبد.
ولذا فإنه لا أحد يجزم بأنه لا ضرر منه، وبأنه ليس هناك آفات أخرى في لحم الخنزير وشحمه لم يكشف عنها بعد؟.
مما يبرهن: أن هناك أسراراً تكمن خلف تحريم الخنزير، يصرفها الله سبحانه عن عباده بطلب الامتناع عنه، لأنه خبيث والله إنما حرّم الخبائث، رحمة بعباده المؤمنين، لأنه سبحانه لا يحبّ إلا ما كان طيّبا.
وقد وضع الدكتور فاروق المسميات التالية، التي تفيد من يقرأ التعليمات المكتوبة على الأطعمة المصنّعة، لكي يحافظ المسلم على تعاليم دينه، مستجيباً لأمر ربّه، نذكرها من باب الفائدة لمن يريد الانتفاع والوقاية:
أسماء الخنزير Swine. Hog. Pig لحم الخنزير عامّة Pork اللحم المملّح Balon لحم الفخذ Ham معدته Maws أمعاؤه Chitterlino أما شحمه وهو أبيض Lard فنسأل الله أن يحمي المسلمين في كل مكان، من الوقوع فيما حرّم الله.
ما ادّعي فيه المسخ
ذكر الراغب الأصبهاني في كتابه «محاضرات الأدباء»: أن النّاس اختلفوا في المسخ، فأكثر الدهرية يجحدون ذلك وأقروا بالخسف والطّوفان، وجعلوا الخسف كالزلزلة، وقال بعضهم: لا ينكر أن يفسد الهواء في ناحية فتتغيّر تربتهم، فيعمل ذلك في طباعهم، على الأيام كما عمل في الزنج والصّقالبة، فتصير القوة من جنس أرضهم، ألا ترى أن جراد البقول وديدانها خضر، والقمل في رأس الشباب أسود، وفي المخضوب أحمر، ولم ير أهل الكتاب أقرّوا بالمسخ غير أنهم أجمعوا على أن الله جعل امرأة لوط حجراً، وأجاز المسلمون ذلك فقال بعض: إن الممسوخ لا يتناسل ولا يبقى إلا بقدر ما يصير موعظة وعبرة، وبعض أجاز تناسله حتى جعلوا الضبّ والكلاب من أولاد تلك الأمم، وقالوا في الوزغ: إن أباها لمّا نفخ في نار إبراهيم، وفي نار بيت المقدس، أصمَّه الله تعالى، وأبرصه، فكل سامّ أبرص، من ولده حتى صار قتله أجراً عظيما.
وعن عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: للوزغ الفويسق، والحية كانت صورة إبل، فلّما أعانت ابليس مسخت، وقالت العرب: إن الله تعالى مسخ ملاكين أحدهما ضبعاً، والآخر ذئباً، وقالوا: سهيل كان عشّاراً، وزهرة امرأة اسمها أباهيد، وقالت الهند في عطارد تشبيهاً بهذا، وقال الجاحظ: قلت لعبيد الكلابي وكان مشغولاً بالإبل: أبينكم وبين الإبل قرابة؟. قال: نعم خؤولة. فقلت:
مسخك الله بعيراً، فقال: إنّ الله لا يمسخ إنساناً على صورة كريم بل لئيم. وقيل: كانت الفأرة يهودية طحّانة، والأرضة يهودية، والضبّ يهودياً، ولا يضيفون شيئاً من ذلك إلى النصرانية (محاضرات الأدباء 4:696-697).
|