شدّني هذا الحضور الكتابي الجميل الذي ابدعه د. عائض الردادي (الجزيرة عدد 11043) في مقالته المنصفة (حجاب الراهبات وحجاب المسلمات) التي أشار فيها الى الحملة الإعلامية الأجنبية ضد المرأة المسلمة بشكل عام والمرأة السعودية بشكل خاص!!
لقد أجاد الدكتور عائض في قراءته العذبة مجسّداً روعة الحسّ الديني وجمال الشعور الإنساني وصدق الانتماء الوطني.. فجاء ببوجه مسكونا بهاجس الدفاع عن كيان المرأة المسلمة.. ومناصرة مقوماتها المنبثقة من عقيدة صافية.. وفطرة نقية.. ونفس أبيّة.
وحقيقة لم يكن غريباً أن تواجه حواء المسلمة هذه الحملة الشعواء التي تحاول النيل من عالمها المليء بمفردات ارتباطها بدينها وبمجتمعها العابق. وليس بدعاً أن تواجه المرأة السعودية محاولات المساس من قدرها وانتقاص شأنها ولكن حقّ لنا أن نفخر بابنة الوطن التي استطاعت ان تحقق منجزاً اجتماعيا مشرفا، وتصوغ تجربة حضارية واعية دون أن تتنازل عن ثوابتها الدينية أو تفرّط في تقاليدها الاجتماعية.. أبدعت أيّما ابداع.. واختصرت مسافات الكفاح لتقدم بطاقة نجاح.
المرأة السعودية نبض مسافر في أعماق الوطن.. لقد رفعت هوية المشاركة الفاعلة في حضارتنا وأسهمت في صنع مواقف عامرة بالكفاح.. نثرت خطوات العمل رغبة في الإنتاج.. فهي المعلمة الفاضلة والمربية المخلصة والطبيبة الماهرة والأديبة الأصيلة.. وهي ربّة المنزل التي تستوعب مفردات التربية الصالحة.. ولا اعتبار لمن شذت عن ذلك.
المرأة السعودية: معادلة جميلة في دائرة الزمن.. حضور مشرّف في ذاكرة التاريخ هطول في مواسم الحصاد.. إبحار ماتع فوق أمواج المثل.. عفواً.. أختاه.. ها أنت تقفين بشموخ فوق أرض الالتزام.. تهزئين بدعاة التحرّر.. وتصدّين دعاوى الانفتاح والسفور.. ومازلتِ ترسمين دوائر القيم النبيلة.
نعم.. لقد أدركت المرأة السعودية خطورة المرحلة الراهنة وقرأتْ جيدا أهداف الحملة الغربية التي تحشر أنفها في شؤون حواء في وطننا المعطاء.. محاولة أن تخرجها من كونها المصون.. غير أن المرأة السعودية استطاعت المحافظة على خصوصيتها وهي تنعى حال المرأة الغربية المتحررة حيث امتهان الكرامة وانتهاك الحرمة والعبث بالأنوثة.. أجل.. هذا هو حال نسائهم هناك.. انسلاخ وانفلات.. غياب هوية.. وفراغ قيم.. ودوائر ضياع.. بل سلعة رخيصة.. ومادة إعلانية دعائية للبضائع.
فمرحى لمجتمعنا السعودي بنسائه الأصيلات.. ورموزه الواعيات.. ولا غرو أن تذوب نداءات التحرّر تحت أقدامهنّ المباركة.. وتذبل تلك الأصوات الغربية النشاز التي تحاول استفزاز مشاعرهنّ.. واستعداء كيانهن.. ضد الحجاب.. والمحافظة.. والالتزام.. والعفة.
ومن حق حواء في مجتمعنا السعودي النبيل أن تزهو بهاتيك الاحتفالية والتكريم الذي تلقاه في وطننا المجيد.. فهي الجوهرة المصونة.. والكائن الذي يحظى بالرعاية والتقدير.. ويحتل موقعه في خريطة المجتمع.. مشاركا في مسيرة التنمية..
وبقدر ما نتألم ونأسى لحال المرأة في مجتمعات متحررة يجتاحنا شعور بالفخر وإحساس بالاعتزاز بمنجزات المرأة في مجتمعنا السعودي المتوهج بعطاء حواء.. التي لم تزل تعضّ على عباءة الإيمان وتسير في قافلة الوطن عبر حضور مؤثر.. لترد جميل الاحتفاء بعظيم العطاء.. وبجزيل الوفاء.. فلم تغرّد يوماً خارج السرب.. ولن تعجز المرأة السعودية عن احتواء الانفتاح المعرفي المتدفق.. انتقاء ثقافة حقّة ملائمة.. غربلة ركام الثورة المعلوماتية.. وكسر طوق فضائي يحاول زعزعة أخلاق حواء ولم يبتعد الدكتور عائض عن ميدان الحقيقة وهو يأسى لما آلت اليه وضعية المرأة في المجتمعات المتحررة حيث الاستغلال البشع وابتذال أبسط حقوقها والمتاجرة بمقومات جمالها بعد أن اخرجها المجتمع المتحرر ورماها فوق رصيف الامتهان حيث أخذها لحماً ورماها عظما وما زلنا ننتظر إمعانا مبهجا في رحلة العطاء للمرأة في فضائنا العابق برائحة الإيمان لترتد حملات وسائل الإعلام الأجنبية سهاماً موجعة في حناجر أصحابها.. ولتظل حواء رمزاً جميلا في مجتمع سعودي ناضج.. وحلماً دافئاً يغفو فوق أهداب الوطن ويسكن ضميره..
محمد بن عبدالعزيز الموسى - بريدة
|