السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
في كلمات سابقة تطرقت إليها الدكتورة الفاضلة خيرية السقاف من مواقف بعض المعلمات السلبية على طالباتهن، ومع أني أوافقها - وفقها الله - في حِبرها التربوي النابع من يقينها بسمو الأخلاق الموصل إلى أعالي الجنان، إلا أن من المؤسف حقاً أن يُركل الحِمْل كله على الأستاذ فقط، فلو تساءلنا - جدلاً- عن تصرفات خاطئة يصدرها بعض أو أكثر الأساتذة: لمَ فعل هذا الخطأ الفادح؟ وكيف تفوه بألفاظ تنبو الأسماع عنها أحيانا؟ وإلى متى يحمل أسلوب الجد في كثير من تصرفاته دون لين يحفه الهدوء الرزين؟ لعلمنا أن هناك خللاً في واحدٍ منهما أو كليهما.
قد تقولون: المعلم قدوة، ويجب عليه أن يصرف نظره عن كل سيئ ومشين، فلا يرى في الطالب إلا الجميل وإن لم يكن كذلك، ويترك كل قبيح ولو كان كبيراً. وقد تقولون: وراء كل طالب عظيم معلّم صاحب رفيق وقور، نعم، ولا فاز من شمأل هذه الحكمة. لكن الحياد عن الصواب ظلم في حق المعلم أو الطالب عندما لا تمسّ القضية كامل محتوياتها من واقع ومحتمل، وما كان، وكيف وقع؟ وما يجب أن يكون، بصدق وعقلانية وحرص، بعيداً عن الهوى والرحمة المغلفة بالعاطفة الجياشة.
وإني أسأل الدكتورة الغالية عن موقف لابد أن تكون فيه حيادية سياسية - وهي كذلك - في طريقة التعامل مع مجموعة طالبات تعب منهن المواشر، وهي ان استاذة جامعية وقفت مشرفة على طالبات المرحلة الجامعية في محاضرة الشبكة التلفزيونية المغلقة، وبدأت بتهدئتهن، والمرور على كل واحدة لتوقيع حضورهن خوفاً من الغش الذي شهدته سابقاً منهن، وما ذاك إلا لحسن ظنها، وصواب نظرها في ابنة الإسلام، وهي مع هذا تنظر لمن عرقلت الهدوء نظرة أخوية، تتبعها نظرات أحدّ من الأولى عند تكرّر المأساة، فلم يثنها ذلك إلا عتّواً وعناداً! فتُقيل الأستاذة الرحيم بعد تلك النظرات المتتالية إليها وكلها بِشْرُ في ضميرها الذي يحمل نصائح مخلصة أو سمِّها (عتاب مخلص) فتهدأ قليلاً حتى ابتعاد المشرفة عنها فتباغتها بقذيفة صلف نظراتها، وكبرياء كلماتها، وعناد طباعها إلى أن تنتهي المحاضرة بشكوى الهادئات المتابعات للمادة منها ومن معها. فما على المشرفة صنيع في فضّ هذه الشكوى إلا بمناداة تلك الطالبة ومن معها، في مكتبها تحادثهن حديث الحب الوامق الحريص على أخيه المتعلم والبعد عن الأنانية، والإخلاص في العلم مع استشعار عظمته، وكيف أن طالب العلم تحفّه الملائكة حتى الحيتان في البحر، فتقاطعها احداهن بصوت عال لتقول نحن لم نأتِ إلى ذلك وإنما لنتخرج ثم لنتعين وآهٍ من التعيين ثم آه.. آه. وتواصل كلامها فتقول: إني لم أفعل شيئاً يذكر، فقط مجرد «سواليف» تذكّرتها، وخوفاً من نسيانها نثرتها على زميلاتي.
ثم انتن أيتها المشرفات غير رحيمات بنا ما إن نتغيب عن المحاضرة ربع ساعة أو نصف ساعة إلا وتغيّبننا ساعة كاملة من المحاضرة، لكن نحمد الله أن هناك ورقة للدخول!!
وأما عتبكن لنا فتافِه بتفاهة ما نصنع، وبعيدة تلك النصائح عن المصداقية، نحن في الجامعة ولنا مطلق الحرية في أن نفعل ما نشاء دون رقيب أو عتيد!!
هذا موقف من بعض مواقف أكبر منها وأطغى فما أنت قائلة؟
وللعلم - أيتها الفاضلة - ان تلك الأستاذة الحليم لم تنصدم بقولها وإنما هضمته كباقي غيرها من فائض الطالبات المتأرجحات على نفس الأسلوب، وتوحيد المهنة، ولو كان غيرها لاحتدم النزاع وصار أكبر مما يتوقع كل من فكّر به.
بربك أتلام في هذه اللحظة الحاسمة الطالبة أم الأستاذة التي انصرفت عن بحثها وسائر مهمات عملها إلى تلك الطالبة التي - والله أعلم - قد وثقتْ بعدم حرمانها؟!
وتلك القضية وأشباهها أنثرها عليك وعلى التربويين الذين نحن نريد منهم صدق القول والعمل ويريدون منّا ومن طالباتنا سرعة انجازه ومدى فعاليته وسهولة نجاحه.
أسماء بنت عمرو معيدة في كلية التربية - بريدة
|