تضفي أيام الجنادرية قدراً من الدفء والألفة على الجميع بما تنطوي عليه من أنشطة وفعاليات وتشكل بحضورها السنوي المهيب فرصة لتنشيط الذاكرة مع إعطاء دفقات من الأمل في واقع عربي يحتاج بشدة إلى تفعيل أركانه وأدواته للنهوض بإمكانيات هائلة في مختلف المجالات تستطيع أن تتناغم مع حركة العالم من حولنا.
مهرجان التراث والثقافة يتسع لكل ذلك، ولما هو أكثر من ذلك، ويبقى أنه في كل عام يعكس واقع الحال عربياً واسلامياً ودولياً، فهو بشفافيته العالية وبدرجة إحساسه القوية يظل حاضراً ليقول كلمته تجاه ما يجري، وهكذا فقد كان عنوان المهرجان «18» هو «هذا هو الإسلام».
فمقتضيات الظروف وواقع الحال تستوجب وقفة مع عالم مضطرب وهو في حالته هذه عملت أحداث جسام على تصعيد درجة اضطرابه.. وفي الذاكرة دائماً أحداث 11 سبتمبر وتداعياتها وافرازاتها بل واستغلالها من قبل الكثيرين الذين تحيَّنوا مثل هذه الظروف للانقضاض على الإسلام.
والجنادرية هي محطة أخرى وملتقى آخر في المساحة العريضة للعالم العربي والاسلامي التي تهيىء منبراً يلتقي عنده أهل الفكر والرأي حيث يمكن أن تنضج الكثير من الاشراقات والاضافات الخيرة للاسهام في تقديم العالم الاسلامي والاسلام والمسلمين بالشكل الصحيح لا ذلك الذي يحاول أعداء الإسلام تقديم الاسلام من خلاله.
هذا المهرجان السنوي يتيح مساحة واسعة لأكثر من موضوع، وهو بتعدد اهتماماته وشخصياته يقدم لساحتنا العربية أياماً تعج بأنواع النشاط وتزخر بموائد الفكر وتحتفي بصنوف الابداع، وكل ذلك يعبر عن ضمير الأمة ويحفِّز الهمم ويعطي دفقات كبيرة من الأمل بامكانية التلاقي الحميم بين أبناء الأمة ومبدعيها ومفكريها من أجل النهوض بكنوزها وامكانياتها لتثري الواقع العربي والاسلامي.
إن الحرص على هذه الفعاليات الثقافية والإصرار على هذا الحضور السنوي الهام يعكس إحساساً عميقاً وصادقاً بالحفاظ على العناصر التي تعلي من شأن التلاقي والتعاضد وتلك التي تمس في العمق مواطن ومحفزات الانطلاق نحو العقل الايجابي الخلاق لتعود الأمة بكامل وهجها الى ساحة دولية تحتفي فقط بالاضافات المبدعة التي تحدث النقلات الكبرى في حياة البشر وتزرع الأمل وتسعى إلى بلوغه بكل صدق وإصرار.
|