والجهاد في العمل، في الحركة، في اقتناء لقمة العيش جهاد جميل... ليس من متعة أشد تأثيراً من متعة تحصيل نتائج الجهاد...
حين يعمل المرء، ويدرك أنَّ عمله هو العائد الوحيد الذي يؤكِّد له قيمة وجوده، ونوع تفاعله مع الحياة والأحياء...، وأنَّ حركته في سبيل أداءٍ يرضي اللَّه تعالى قبل الذَّات، ثمَّ الذَّات قبل الآخر... فيها من السّرور ما لا يحقِّقه الكسب الهيَّن الذي يؤتى له وهو جالس أو مضطجع...، وأنَّ ما يقتنيه من مال، أو كساء، أو غذاء نتيجة عمله وجهده وحركته في جهاده من أجل حياة رغدة ماتعة، لا لأحد فيها سواه عرق الكفاح فيها ولها، لهي محصِّلة تعود عليه بالرِّضاء عن ذاته، والإحساس بقيمته، والتَّفاعل الرَّحب مع بقيَّة خلق اللَّه في أرضه...
واليوم استراحة من يبذل أيام أسبوعه كلَّها كفاحاً صادقاً، بأمانة تامة، وبشعور بالمسؤولية لا يتداخلها تهاون، ولا يعتورها تقصير، ولا يبدَّدها استهتار...
ولكن؟
كم من المجاهدين لم يجاهدوا؟
كم يتسلَّلون من أعمالهم وهم لايدركون مغبَّة التَّهاون، ولا يقيمون وزناً للتَّفريط في أمانة المسؤولية، ولا يعيرون انتباهاً لرقابة اللَّه تعالى؟...
وكم لا يعلمون، بل لا يريدون أن يعلموا أنَّ العمل بأيِّ صفاته، وأنماطه، وأدواره، وحجمه، ومسؤوليته، وسلطته، على تدرُّج هرميته هو لكلِّ من أنيط به قمَّة، وأساس، وذو حجم، وذو معنى، وذو دور؟!
إنَّ النَّار كما تقول العرب من مستصغر الشَّرر، وإنَّ الشَّجرة كما هي الحقيقة، الوارفة، المثمرة العالية المتفرِّعة ما هي إلاَّ من بذرة لم تكد تراها العين!...
والعمل... بدءاً بأيسره وأقلِّه مسؤولية، وانتهاءً إلى رئاسته وأعلاه قممية.. هو العمل، لكلِّ امرئ أن لا يحقرن شيئاً ممَّا يسند إليه، ولا يعظمن شأنه. فإن كان عملاً يسيراً، أو كان عملاً مسؤولاً ذا قرار... فإنَّ حكمة الأداء الإتقان، والأمانة والخوف من اللَّه والوقوف أمامه تعالى في أداء محكم، وإخلاص تام، وتفانٍ لا يترك فيه ثغرة، ولا يهمل منه جانباً.
حين يكون الأسبوع عملاً جهادياً صادقاً... تؤتى ثماره حصاداً مباركاً...
ويكون اليوم الخميس هو يوم استراحة المجاهد في عمله.
|